عالم يرزح تحت وطأة أزمات متفاقمة

في عام 2025، يحتاج 305 ملايين شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة نتيجة تصاعد الأزمات. إذ تؤدي النزاعات وتغير المناخ إلى نزوح جماعي وتجويع واسع ودمار غير مسبوق. وفي السودان وغزة وأوكرانيا، اضطر ملايين الأشخاص إلى الفرار وتكبدوا خسائر جسيمة. وبحلول منتصف عام 2024، جرى تهجير أكثر من 123 مليون شخص قسرًا، في ظل تفشي انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

ويشتد غياب الأمن الغذائي، إذ يواجه 280 مليون شخص جوعًا حادًا. وتبلغ أوضاع المجاعة مستويات كارثية في السودان وغزة وجنوب السودان وهايتي.

ويقترب العالم من تجاوز عتبة ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، مما يؤدي إلى تفاقم الكوارث الطبيعية. ومن المرجح أن يكون عام 2024 الأشد حرارة في التاريخ المسجل، مع نزوح 90 مليون شخص من مناطق شديدة التعرض للمخاطر المناخية.

الاحتياجات الأساسية للمتضررين من الأزمات

المساعدات النقدية

تُعد التحويلات النقدية المباشرة من أكثر الوسائل فاعلية لدعم الأسر المتضررة، إذ تتيح لها ترتيب أولوياتها بحسب احتياجاتها الفعلية. وتُنقل هذه المساعدات عبر الحسابات المصرفية أو الهواتف المحمولة بما يضمن سرعة الإيصال وكفاءته.

الحماية

في حالات الطوارئ، تعمل كيانات الأمم المتحدة على الوقاية من الأذى الجسدي والنفسي والجنسي، ومن العنف بأشكاله كافة. ويشمل ذلك إجلاء الأشخاص المهددين بالخطر، وتوفير أماكن آمنة، وتنفيذ تدابير أمنية في المخيمات، ودعم السلطات الوطنية في صون الحقوق الأساسية.

الغذاء

حين تتعذر تلبية الحاجات الأساسية، تُوفّر الأمم المتحدة مساعدات غذائية عاجلة ومستدامة. كما تُقدَّم مكملات غذائية خاصة لمعالجة سوء التغذية، لا سيما لدى الأطفال.

المأوى

حين يُجبر الناس على الفرار أو تُدمَّر منازلهم، فهم يحتاجون إلى ملاجئ آمنة لمدد قد تطول من أيام إلى أعوام. ويجب أن تفي هذه الملاجئ بالمعايير الأساسية وأن تتكيف مع الظروف المناخية واحتياجات السكان.

الخدمات الصحية

توفر فرق الطوارئ التابعة للأمم المتحدة رعاية بديلة عن الخدمات الطبية الروتينية، بما يشمل الأدوية، والمعدات، والكوادر الطبية، وتقييم الحاجات، والتنسيق مع الشركاء المحليين.

التعليم ورفاه الأطفال

في الأزمات، يحتاج الأطفال إلى مواصلة التعليم، واللعب، وتلقي الدعم النفسي والاجتماعي. وتلتزم الأمم المتحدة بإتاحة هذه الخدمات لكل طفل متضرر.

المياه والصرف الصحي والنظافة

توفّر يونيسف خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الطارئة في أكثر من 60 بلدًا متأثرًا بالنزاعات أو الكوارث أو الأوبئة. وتشمل التدخلات تأمين المياه النظيفة، وإصلاح شبكات الصرف الصحي، وتوزيع مستلزمات النظافة الأساسية.

سبل العيش

غالبًا ما يكون المزارعون في طليعة المتضررين من الكوارث. ولذلك، تدعمهم الأمم المتحدة عبر إتاحة المحاصيل والبذور والمياه والثروة الحيوانية، ما يساعد المجتمعات الزراعية على التعافي وتقليص المخاطر.

البنية الأساسية

إعادة تأهيل الطرق وشبكات الكهرباء والمطارات أمر جوهري لإيصال المساعدات وعودة الناس إلى نمط حياتهم. وتُنسّق الأمم المتحدة مع الحكومات والشركاء الدوليين لتحقيق ذلك.

نهج الأمم المتحدة في التصدي للأزمات

تتولى الأمم المتحدة تنسيق الإغاثة الإنسانية في حالات النزاع والكوارث، استنادًا إلى ميثاقها الذي يدعو إلى التعاون الدولي في التصدي للمشكلات ذات الطابع الإنساني. ويعتمد المجتمع الدولي على الأمم المتحدة في تنسيق الجهود عندما تتجاوز الأزمات قدرات الدول الوطنية، من خلال أدوات متعددة.

التنسيق الشامل

اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات

تأسست اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات بموجب قرار الجمعية العامة 46/182 في عام 1991، وتُعدّ أرفع منصّة للتنسيق الإنساني داخل منظومة الأمم المتحدة.

تجمع اللجنة بين قادة 19 منظمة ووكالة لصياغة السياسات، وتحديد الأولويات، وحشد الموارد. وتتولى قيادتها منسقة الإغاثة في حالات الطوارئ، التي ترفع القضايا إلى الأمين العام ومجلس الأمن، وتنسق عبر فرق متخصصة لضمان الاستجابة الفعالة.

مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)

يتولى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قيادة اللجنة، ويضطلع بدور مركزي في جمع الشركاء، وتقييم الحاجات، وتيسير إيصال المساعدات، والدفاع عن المبادئ الإنسانية.

كما يشرف المكتب على نظام تقييم الكوارث وتنسيقها، والذي ينشر فرقًا خلال 12 إلى 48 ساعة لدعم البلدان المتضررة، وتقييم الاحتياجات، وتنظيم عمليات الإغاثة بالتعاون مع السلطات المحلية.

الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة

على المستوى القطري، يُنسّق أوتشا نظام "التجمعات" الذي يجمع بين الكيانات العاملة في مجال إنساني معيّن، مثل الصحة أو التغذية أو التعليم. ويُشجّع هذا النظام التعاون الوثيق بين الشركاء الذين يركّزون على المجال ذاته، ويُعزز التنسيق بين القطاعات لتوجيه الموارد إلى حيث تمسّ الحاجة إليها بأشدّ صورة.

Graphic of UN agencies
  • المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: تُعنى بحماية اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية ودعمهم.
  • صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف): يركّز على صون حقوق الأطفال في البقاء والتعليم والتغذية والحماية.
  • برنامج الأغذية العالمي: يضطلع بتقديم المساعدات الغذائية والتصدي للجوع، لا سيّما في حالات الطوارئ.
  • منظمة الصحة العالمية: تشرف على التنسيق الصحي العالمي والتدخلات الصحية العامة.
  • منظمة الأغذية والزراعة: تقود جهود القضاء على الجوع وإعادة بناء نظم الزراعة.
  • المنظمة الدولية للهجرة: تُوفّر الدعم للمهاجرين والنازحين، بما يشمل المأوى والرعاية الصحية والمساعدة التقنية.
  • وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (أونروا): تُقدّم خدمات أساسية تشمل التعليم والصحة والدعم الاجتماعي للاجئين الفلسطينيين.
  • برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: يدعم التعافي وإعادة البناء مع التركيز على المرونة والاستدامة طويلة الأمد.

التمويل السريع والمرن

يدير أوتشا صناديق تمويل مرنة تتيح للجهات المانحة، سواء كانت حكومية أو خاصة، تقديم مساهمات غير مخصصة تُستخدم في إنقاذ الأنفس وتلبية الاحتياجات العاجلة. وتشمل هذه الآليات:

صندوق الاستجابة للطوارئ المركزي

  • يوفّر تمويلًا فوريًا للأزمات الإنسانية في مختلف أنحاء العالم، مما يتيح الشروع في تنفيذ عمليات الإغاثة خلال ساعات من وقوع الكارثة.
  • منذ تأسيسه بقرار الجمعية العامة 60/124، قدّم الصندوق أكثر من 9 مليارات دولار من المساعدات في أكثر من 100 بلد. ففي عام 2024، خُصِّصت 10 ملايين دولار للبنان، و66 مليونًا لمنع المجاعة في السودان، ونحو 15 مليونًا للحد من مخاطر الفيضانات في بنغلاديش ونيبال وتشاد.
  • كما استثمر الصندوق في مساعدات ذكية مناخيًا، منها دعم 30,000 شخص بعد إعصار بيريل، وتخصيص 200 مليون دولار لأزمات مزمنة في الساحل وهايتي واليمن. ورغم هدف التمويل السنوي البالغ مليار دولار، تبقى المساهمات أقل من المطلوب بكثير.

الصناديق القُطرية المشتركة

  • تُنشأ في البلدان المتأثرة بالأزمات، وتُدار بواسطة أوتشا بالتنسيق مع المجتمع الإنساني. وتُخصص لمشاريع عالية الأولوية تُنفّذها منظمات محلية ودولية.
  • تُوجه التبرعات إلى صندوق موحّد يدعم المشاريع الأشد إلحاحًا، وتُخصَّص الأموال بناء على خطط الاستجابة الإنسانية وبأعلى درجات الشفافية، لضمان بلوغ المساعدة من هم في أمسّ الحاجة إليها.

ورغم أن هذه الصناديق تشكّل نسبة ضئيلة من التمويل الإنساني العالمي، إلا أنها تُعد حجر الزاوية في إنقاذ الأنفس، وتحقيق الاستجابة الفعالة، وتيسير التنسيق بين الجهات الإنسانية.

تقديم المساعدات في ظل الهجمات

في عام 2024، بلغ عدد من هم في حاجة إلى المساعدة 323.4 مليون شخص حول العالم. وقد استهدفت الأمم المتحدة 197.9 مليونًا منهم بالدعم المباشر. ومع أن نداء التمويل بلغ 49.6 مليار دولار، لم يُجمع سوى 21.2 مليار دولار، ما أفضى إلى فجوات خطرة في تأمين الخدمات الأساسية.

وعلى الرغم من محدودية التمويل، تحققت نتائج بالغة الأثر: وُزّع الغذاء على أكثر من 5 ملايين شخص، ودُعِم 4.8 ملايين مزارع، وتلقت 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضعة وطفل مساعدات غذائية طارئة. كما استفاد 3.3 ملايين من خدمات المياه والصرف الصحي، وتلقى نحو مليون طفل تعليمًا طارئًا. وتلقى 1.7 مليون شخص خدمات الحماية، بما يشمل إزالة البقايا المنفجرة والمساعدة القانونية، فيما أُتيحت الملاجئ والمساعدات غير الغذائية لأكثر من 609,000 شخص.

التحديات التي تعيق الاستجابة الإنسانية

يُعد العجز المزمن في التمويل أبرز التحديات. ففي عام 2025، تحتاج الأمم المتحدة إلى 47.4 مليار دولار لتنفيذ عمليات الاستجابة، غير أن نقص التمويل يهدد بوقف أو تقليص برامج منقذة للأنفس.

كذلك، تقيّد النزاعات والعوائق الإدارية والعنف الوصول إلى المجتمعات المتضررة. وفي كثير من مناطق النزاع، تُفرض قيود على إيصال المساعدات، ويُستهدف العاملون الإنسانيون بشكل متكرر.

وفي عام 2024، لقي 281 عاملًا في المجال الإنساني مصرعهم، وهو أعلى رقم يُسجّل على الإطلاق. وقد فقد 226 من موظفي أونروا في غزة حياتهم في عام واحد فقط، فيما باتت الهجمات على المستشفيات والمدارس ومرافق الإغاثة أمرًا شائعًا يُقوّض العمل الإنساني.

سبل المساهمة في الجهد الإنساني

يستدعي العمل الإنساني تضامنًا عالميًا متينًا. ويمكن لكل فرد الإسهام عبر التبرع لصناديق مثل صندوق الاستجابة للطوارئ المركزي، أو الصناديق المشتركة التي يديرها أوتشا في البلدان المتأثرة.

وحتى التبرعات الصغيرة يمكن أن تُفضي إلى إيصال الغذاء والرعاية الطبية والمأوى إلى من هم في أشدّ الحاجة. يمكنكم زيارة الموقع الإلكتروني أعلاه للمساهمة ودعم الجهود الإنسانية.

الموارد