من المرجح أن يستخدم الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا الإنترنت بشكل أكبر من بقية السكان، إلا أن الفجوة بين الأجيال تضيق ببطء على مدى السنوات الأربع الماضية. ووفقًا للتقديرات المنقحة، استخدم حوالي 77% من الأشخاص في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عامًا الإنترنت في عام 2023.

وقد أوجد هذا فرصًا غير مسبوقة للأطفال والشباب للتواصل، والتعلم، والتفاعل الاجتماعي، واللعب، مما يتيح لهم الاطلاع على أفكار جديدة ومصادر متنوعة للمعلومات.

مخاطر الإنترنت للشباب

لكن مع هذه الفرص تبرز مخاطر جسيمة. يُمكن أن يُعرّض التنمر الإلكتروني وغيره من أشكال العنف بين الأقران الشباب للخطر في كل مرة يقومون فيها بتسجيل الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي أو منصات الرسائل الفورية. فقد أفاد أكثر من ثلث الشباب في 30 دولة بتعرضهم للتنمر الإلكتروني، مما أدى إلى تغيب واحد من كل خمسة عن المدرسة بسبب ذلك.

أثناء تصفح الإنترنت، قد يتعرض الأطفال والشباب لخطاب الكراهية والمحتوى العنيف – بما في ذلك الرسائل التي تحرض على إيذاء النفس وحتى الانتحار. كما أن مستخدمي الإنترنت من الشباب معرضون للتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية.

علاوة على ذلك، تُستغل المنصات الرقمية لنشر المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة التي تؤثر سلبًا على الأطفال والشباب.

الأكثر إثارة للقلق هو تهديد الاستغلال الجنسي والإساءة عبر الإنترنت. فلم يسبق أن سُهِّل على مرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال الوصول إلى ضحاياهم المحتملين، ومشاركة الصور، وتشجيع الآخرين على ارتكاب الجرائم. وقد أفاد حوالي 80% من الأطفال في 25 دولة بأنهم يشعرون بخطر التعرض للاعتداء الجنسي أو الاستغلال عبر الإنترنت.

كما يمكن أن تُعرّض خصوصية الأطفال للخطر عندما تقوم شركات التكنولوجيا بجمع البيانات لأغراض التسويق. فالاستهداف التسويقي للأطفال عبر التطبيقات، والوقت المفرط الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة، قد يؤثر سلبًا على نموه الصحي.

عمل الأمم المتحدة في حماية الشباب على الإنترنت

إن الطبيعة اللامحدودة للإنترنت تعني أن حماية سلامة الشباب تُشكّل تحديًا عالميًا. وتعمل الأمم المتحدة بنشاط على حماية الأطفال والشباب عبر الإنترنت من خلال برامج ومبادرات متعددة.

الأمن السيبراني

مبادرة حماية الأطفال على الإنترنت هي شبكة متعددة الأطراف دشنها الاتحاد الدولي للاتصالات لتعزيز الوعي بسلامة الأطفال في العالم الإلكتروني، وتطوير أدوات عملية لمساعدة الحكومات والقطاع الصناعي والمعلمين. تُعد المبادئ التوجيهية للاتحاد الدولي للاتصالات بشأن حماية الأطفال على الإنترنت مجموعة شاملة من التوصيات لجميع أصحاب المصلحة حول كيفية المساهمة في بناء بيئة آمنة ومُمكّنة للأطفال والشباب.

التنمر الإلكتروني

تعاونت اليونيسف مع منصات التواصل الاجتماعي للإجابة على أكثر الأسئلة شيوعًا حول التنمر الإلكتروني، وتقديم المشورة حول كيفية التعامل معه. وتهدف مبادرة "كايندلي" التابعة ليونيسف إلى إنهاء التنمر الإلكتروني – رسالة واحدة في كل مرة.

في أول خميس من نوفمبر، تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافةباليوم الدولي لمكافحة العنف والتنمر في المدارس، بما في ذلك التنمر الإلكتروني، معترفة بأن العنف المدرسي بجميع أشكاله يُعد انتهاكًا لحقوق الأطفال والمراهقين في التعليم والصحة والرفاهية. ويُعد هذا اليوم فرصة لأصحاب المصلحة حول العالم لتكثيف جهودهم لضمان سلامة الطلاب في المدارس والفضاءات الإلكترونية.

الاستغلال والإساءة الجنسية

تعمل اليونيسف على منع الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت والتصدي له على المستويين الوطني والعالمي. وتدعم الاستجابات الوطنية المنسقة لمواجهة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت في أكثر من 20 دولة، من خلال نموذج "وي بروتكت"العالمي، وتعزز قدرات المستجيبين الميدانيين في تقديم الخدمات للضحايا.

وفي تقريرها لعام 2022 حول منع العنف عبر الإنترنت ضد الأطفال، ركزت  منظمة الصحة العالمية  على الاعتداء الجنسي ضد الأطفال، بما يشمل التحرش الجنسي والتحرش عبر الإنترنت. ويسلط التقرير الضوء على أهمية تنفيذ برامج تعليمية موجهة للأطفال والآباء.

الاتجار بالبشر

يُعد الاتجار بالبشر جريمة عالمية يتم فيها شراء وبيع الأشخاص واستغلالهم لتحقيق الربح. وقد أصبح تجار البشر ماهرين في استخدام منصات الإنترنت لتجنيد الضحايا وجذب العملاء. كما أن الأطفال والمراهقين عرضة للحيل الخادعة في سعيهم للقبول أو الاهتمام أو الصداقة، وغالبًا ما يتودد إليهم تجار البشر عبر منصات التواصل الاجتماعي. ويدعم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الدول الأعضاء في جهودها لمنع ومكافحة الاتجار بالبشر، بما في ذلك من خلال حملات التوعية بالسلامة على الإنترنت.

الإنترنت من أجل الثقة

تقود اليونسكو الجهود العالمية لتطوير حلول تنظيمية تهدف إلى تحسين موثوقية المعلومات على المنصات الرقمية في مواجهة التضليل المتزايد. ففي فبراير 2023، استضافت الوكالة مؤتمر الإنترنت لبناء الثقة لمناقشة مجموعة من المبادئ التوجيهية العالمية التي تسعى لخلق بيئة إنترنت آمنة ومأمونة للمستخدمين، مع الحفاظ على حرية التعبير والوصول إلى المعلومات. وتحث المبادئ التوجيهية المنصات الرقمية على الاعتراف بمسؤولياتها تجاه الأطفال، الذين يتمتعون بمكانة خاصة نظرًا لمرحلة تطورهم الفريدة وصوتهم السياسي المحدود.

كما تُعد اليونسكو الوكالة الرائدة للأمم المتحدة في تعزيز محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية، التي تُمكّن الأفراد من التفكير النقدي في المعلومات واستخدام الأدوات الرقمية. وتسعى اليونسكو جاهدة لتزويد الشباب بمهارات محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية، وتمكينهم من أن يصبحوا قادة ومعلمين للأقران في إنشاء ونشر المعرفة والموارد المتعلقة بهذا المجال. ومنذ عام 2016، تُعقد منتديات جدول أعمال الشباب لمساعدة الشباب على التعرف على أحدث التطورات في هذا المجال، وذلك كجزء من أسبوع محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية العالمي، وهو مناسبة رئيسية لأصحاب المصلحة لمراجعة والاحتفال بالتقدم المحرز.

حقوق الأطفال في العصر الرقمي

تُكرَّس حقوق الأطفال في اتفاقية حقوق الطفل. وقد وضعت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، التي تراقب تنفيذ الاتفاقية، معايير تحدد كيفية معاملة الشباب والأطفال في العالم الرقمي، وكيفية حماية حقوقهم.

استشارت اللجنة الحكومات والمجتمع المدني، بالإضافة إلى أكثر من 700 طفل وشاب في 27 دولة، لسؤالهم عن تأثير التكنولوجيا الرقمية على حقوقهم، وما الإجراءات التي يرغبون في اتخاذها لحمايتهم. وقد تم عرض النتائج في تعليق عام.

وأوصت اللجنة بضرورة اتخاذ الدول تدابير قوية، بما في ذلك إصدار تشريعات، لحماية الأطفال من المحتوى الضار والمضلل. كما يجب حمايتهم من جميع أشكال العنف في البيئة الرقمية، بما يشمل الاتجار بالأطفال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والعدوان الإلكتروني، والهجمات الإلكترونية، وحرب المعلومات.

ومن الضروري مراعاة وجهات نظر الأطفال وتجاربهم عند صياغة السياسات التي تنظم استخدام الإنترنت من قبل الشباب، وكذلك عند تصميم التكنولوجيا. تدعم اليونيسف مشروعي "منع الأذى" و "أطفال العالم على الإنترنت" لجمع الأدلة حول حقوق الأطفال الرقمية وفرصهم ومخاطرهم، بهدف فهم أفضل لدور التكنولوجيا الرقمية في حياتهم ومتى قد تزيد من خطر تعرضهم للأذى.

يوم الإنترنت الآمن

تعمل وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها، بما في ذلك المبتكرون في القطاع الخاص، على بناء مسار رقمي لتعزيز السلامة عبر الإنترنت، خاصةً للأطفال والشباب. وبدعم من الاتحاد الدولي للاتصالات، واليونيسف، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يُحتفل بيوم الإنترنت الآمن في فبراير من كل عام. فمن التنمر الإلكتروني إلى الشبكات الاجتماعية وصولاً إلى الهوية الرقمية، يهدف هذا اليوم إلى زيادة الوعي بالقضايا الناشئة على الإنترنت والمخاوف الراهنة.

الموارد