مكافحة تمويل الإرهاب

في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، عقدت لجنة مكافحة الإرهاب ولجنة الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة العاملة بموجب القرارات 1267 و 1989 و 2253 اجتماعاً خاصاً مشتركاً في مقر الأمم المتحدة، نيويورك، بشأن موضوع ”التهديدات والاتجاهات المتعلقة بتمويل الإرهاب وتنفيذ أحكام القرار 2462 (2019)“. المديرية التنفيذية/ماتياس سوندهولم.
يحتاج الإرهابيون إلى المال لممارسة نشاطهم. فبدون تمويل، لا يمكنهم شراء الأسلحة أو المعدات أو الإمدادات أو الخدمات. وقد يكون مصدر أموال الإرهابيين مشروعاً أو غير مشروع، وغالباً ما يتخذ التمويل شكل تبرعات صغيرة متعددة، وليس مبلغاً واحداً كبيراً من المال. وتمويل الإرهاب ظاهرةٌ عالمية لا تهدد أمن الدول الأعضاء فحسب، بل يمكن أيضاً أن تقوض التنمية الاقتصادية واستقرار الأسواق المالية. ولذلك، فمن المهم للغاية وقف تدفق الأموال إلى الإرهابيين.
وعلى الرغم من أن عدد وطابع الجماعات والتهديدات الإرهابية يتغيران بمرور الوقت، فإن احتياج الإرهابيين الأساسي لجمع الأموال ونقلها واستخدامها يظل كما هو دون تغيير. وتُجمَع الأموال من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، تشمل على سبيل المثال لا الحصر إساءة استخدام المشاريع التجارية المشروعة، واستغلال الموارد الطبيعية، وإساءة استخدام المنظمات غير الربحية، ومواقع التمويل الجماعي. وقد يكون الإرهابيون والجماعات الإرهابية أيضاً على صلة بالجماعات الإجرامية المنظمة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد ينخرطون في أنشطة إجرامية، منها الاتجار بالمخدرات أو الأسلحة، والاتجار بالأشخاص، والابتزاز، والاختطاف للحصول على فدية. ويساور الدول الأعضاء قلق متزايد إزاء إساءة استخدام الإرهابيين للإنترنت وغيرها من التكنولوجيات الحديثة لجمع الأموال ونقلها، بما في ذلك من خلال العملات الافتراضية. وتوفر تدابير التعقب وتحليلات الاستخبارات المالية معلومات رئيسية عن الشبكات الإرهابية وصلاتها بفرادى الإرهابيين، بمن فيهم المقاتلون الإرهابيون الأجانب.
ومكافحة تمويل الإرهاب بفعالية تضع أمام الدول العديد من التحديات الجديدة والمستمرة. واستناداً إلى الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب (1999) وقرار مجلس الأمن 1373 (2001)، يدعو قرار مجلس الأمن 2462 (2019) الدول إلى منع وقمع تمويل الإرهاب بسبل منها تجريم توفير الأموال أو جمعها عمداً لأغراض إرهابية، ويحثها على إنشاء آليات فعالة لتجميد أموال الأشخاص الضالعين في الإرهاب أو المرتبطين به أو أصولهم المالية أو مواردهم الاقتصادية أو خدماتهم المالية أو غيرها من الخدمات ذات الصلة، وكذلك لمنع إتاحة تلك الأموال للإرهابيين. وفي القرار 2178 (2014)، يحث المجلس الدول الأعضاء على تعطيل أنشطة تمويل الإرهاب المرتبطة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب وتجريم سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتجنيدهم وتمويلهم. وعلاوة على ذلك، يدعو المجلس أيضاً الدول إلى إجراء البحوث وجمع المعلومات من أجل تحسين فهم طبيعة ونطاق الصلات التي قد تكون قائمة بين الإرهاب والجريمة المنظمة، سواء أكانت محلية أو عابرة للحدود الوطنية، عملا بالقرار 2482 (2019).
وبالإضافة إلى الاتفاقيات وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فإن تحليل تنفيذ الدول الأعضاء لتدابير مكافحة تمويل الإرهاب يُسترشد فيه أيضاً بالمعايير الدولية بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والانتشار التي وضعتها فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، بصيغتها المنقحة في تشرين الأول/أكتوبر 2020، والمبادئ التوجيهية ذات الصلة. وتركِّز منهجية فرقة العمل على تقييم فعالية التدابير من خلال تقييم تنفيذ النتائج المباشرة. وتقوم فرقة العمل بتحديث التوصيات والمنهجية بانتظام لتعكس التهديدات أو مواطن الضعف الجديدة. وقد حث المجلس الدول على تنفيذ هذه التوصيات في عدد من القرارات، بما فيها القرارات 1617 (2005) و 2253 (2015) و 2368 (2017) و 2395 (2017) و 2462 (2019).
وظل تقييم الامتثال لمتطلبات مكافحة تمويل الإرهاب المنطبقة يشكل جزءاً من الولاية الأساسية المُسندة للجنة مكافحة الإرهاب منذ إنشائها في عام 2001، وبالتالي فهو قد أصبح أحد مجالات التركيز الرئيسية لعمل المديرية التنفيذية.
وتركِّز المديرية التنفيذية، في تقييماتها، على المتطلبات المتصلة بتجريم تمويل الإرهاب وملاحقة الجناة قضائياً، وآليات التجميد الفعالة، وإجراء تقييمات لمخاطر تمويل الإرهاب، ومنع إساءة استغلال المنظمات غير الربحية والنظم البديلة للتحويلات المالية لأغراض تمويل الإرهاب، وكشف ومنع النقل غير المشروع للعملات عبر الحدود. وفي السنوات الأخيرة، ما فتئت المديرية التنفيذية تولي اهتماماً متزايداً لمخاطر تمويل الإرهاب المرتبطة بالتكنولوجيات الجديدة، بما في ذلك الدفع بواسطة الهاتف المحمول، والأصول الافتراضية، ونظم الدفع عبر الإنترنت، ومنصات التمويل الجماعي، والحاجة إلى إقامة شراكات فعالة ذات صلة مع القطاع الخاص. وعلاوة على ذلك، فالمديرية تستكشف الصلات التي تربط بين الجريمة المنظمة والأنشطة غير المشروعة وتمويل الإرهاب، عملا بقرارات مجلس الأمن 2331 (2016) و 2388 (2017) و 2482 (2019). ويشير التقرير الذي أصدرته المديرية في عام 2019 بشأن العلاقة بين الاتجار بالبشر والإرهاب وتمويل الإرهاب إلى أمور منها أن الطبيعة السرية للاتجار بالبشر، وصعوبة جمع الأدلة، ونقص الخبرات اللازمة لإجراء التحقيقات المناسبة أمورٌ تقوض الجهود المبذولة لفهم العلاقة بين الاتجار بالبشر والإرهاب بشكل كامل ومعالجتها بفعالية.
وفي سياق اضطلاع المديرية التنفيذية بمهامها، فهي تعمل عن كثب مع كيانات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتعمل كنائب مشارك لرئيس الفريق العامل المعني بالعدالة القانونية والجنائية ومكافحة تمويل الإرهاب التابع لاتفاق الأمم المتحدة العالمي لتنسيق مكافحة الإرهاب، وتنسِّق أنشطتها مع أنشطة الشركاء الخارجيين، بما في ذلك فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية والهيئات الإقليمية التي هي على غرارها.
ويزوِّد قرار مجلس الأمن 2462 (2019) المديرية التنفيذية بالأدوات التي تلزمها من أجل تعزيز التقييمات التي تجريها لمكافحة تمويل الإرهاب، بسبل منها القيام بزيارات متابعة محددة الأهداف ومركزة. وابتداء من عام 2021، ستقدِّم المديرية التنفيذية كل سنة، على أساس تقاريرها وبالتشاور مع فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات، إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الإرهاب، من خلال لجنة مكافحة الإرهاب، تقييماً مواضيعياً موجزاً للثغرات التي تم تحديدها والمجالات التي تحتاج لاتخاذ مزيد من الإجراءات بشأنها من أجل تنفيذ الأحكام الرئيسية المتعلقة بتمويل مكافحة الإرهاب المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بغرض تصميم المساعدة التقنية الهادفة والجهود المبذولة لبناء القدرات.
وفي حزيران/يونيه 2020، نشرت المديرية التنفيذية وفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات تقريراً مشتركاً عن الإجراءات التي اتخذتها الدول الأعضاء لتعطيل تمويل الإرهاب. واستناداً إلى الردود الواردة من 112 دولة عضواً، يقدم التقرير لمحة عامة عن التدابير والممارسات الجيدة والتحديات التي تواجهها الدول الأعضاء في تنفيذ المعايير الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب.
ووجود إطار تشريعي متين هو الأساس لأي إجراء مستدام لمكافحة تمويل الإرهاب. وعلاوة على ذلك، فمن الضروري أن تجعل الدول الأعضاء مكافحة تمويل الإرهاب جزءاً من استراتيجيتها الوطنية لمكافحة الإرهاب، التي ينبغي أن تشمل أيضاً تنسيقاً داخلياً قوياً بين الكيانات الوطنية المختصة، وكذلك التعاون الإقليمي/دون الإقليمي والدولي، بما في ذلك من خلال تبادل المعلومات العملياتية بين الكيانات ذات الصلة، ولا سيما وحدات الاستخبارات المالية الوطنية. ويكتسي النهج القائم على تقييم المخاطر، هو وتعزيز آليات التعاون على الصعيدين الوطني والدولي ومع القطاع الخاص، أهميةً حاسمة لنجاح استراتيجية مكافحة تمويل الإرهاب على المدى البعيد.
ويشكل تجميد أصول الأشخاص الذين يشتبه في أنهم يمولون الإرهاب وأولئك الذين يُدرَجون في القوائم المحلية والدولية وسيلة فعالة للغاية تشلّ بها الدول الأعضاء قدرة الإرهابيين على جمع الأموال ونقلها واستخدامها. وهو أيضاً يمكن أن يكون رادعاً لمزيد من التورط في النشاط الإرهابي. غير أن المديرية التنفيذية، في سياق قيامها بإجراء التقييمات بالنيابة عن اللجنة، أصبحت مدركة للتحديات العديدة التي تواجهها الدول الأعضاء في طريقها لتنفيذ آليات فعالة للتجميد في الواقع العملي. وتكتسي قدرات التحقيق والإنفاذ أهمية أساسية لنجاح الجهود المبذولة لمكافحة تمويل الإرهاب. ومن المهم للغاية أيضاً تبادل المعلومات الاستخبارية المالية في الوقت المناسب.
وعند تصميم تدابير مكافحة تمويل الإرهاب وتطبيقها، يتعين على الدول الأعضاء أيضاً أن تراعي الأثر المحتمل لتلك التدابير على الأنشطة ذات الطابع الإنساني البحت، بما في ذلك الأنشطة الطبية، التي تضطلع بها جهة فاعلة محايدة في مجال العمل الإنساني على نحو يتسق مع القانون الدولي الإنساني.
تنزيل صحيفة وقائع المديرية التنفيذية بشأن تمويل الإرهاب.
فئات: مكافحة تمويل الإرهاب.