إنفاذ القانون

قامت المديرية التنفيذية، بالنيابة عن لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بزيارة تقييم قطرية إلى كندا في الفترة من 6 إلى 10 شباط/فبراير 2023. المديرية التنفيذية/ماتياس سوندهولم.
يجب على وكالات إنفاذ القانون في الدول الأعضاء أن تتكيف باستمرار مع التهديدات الإرهابية العالمية التي تطورت بشكل كبير على مدى العقود الماضية، سواء من حيث الحجم أو التعقيد. وتتسم بيئة الإرهاب الحالية على وجه الخصوص بتزايد تعقيد إساءة استعمال التكنولوجيات الجديدة والناشئة (بما فيها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات)، واستمرار التهديدات الإرهابية ضد البنى التحتية الحيوية والأهداف ”غير المحصنة“، وكذلك استخدام الأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع والمنظومات الجوية غير المأهولة لأغراض إرهابية.
ويُلزم قرار مجلس الأمن 1373 (2001) الدول الأعضاء ”بتقديم أي شخص يشارك في تمويل أعمال إرهابية أو تدبيرها أو الإعداد لها أو ارتكابها أو دعمها إلى العدالة“. وعلاوة على ذلك، أهاب المجلس في قراره 2322 (2016) بجميع الدول إلى جملة أمور منها ”تبادل المعلومات، وفقاً للقانون الدولي والقوانين المحلية، والتعاون في المسائل الإدارية والشرطية والقضائية لمنع ارتكاب الأعمال الإرهابية ومكافحة التهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب، بما في ذلك العائدون“. ومن أجل الامتثال لهذا المقتضى، من الضروري أن تُنشئ الدول قدرات لإنفاذ القانون تعمل بكامل طاقتها وتتسم بالكفاءة والمهنية، بما في ذلك وحدات مكرسة أو متخصصة لمكافحة الإرهاب، حسب الاقتضاء. ونظراً للطابع العابر للحدود الوطنية للإرهاب، يجب أن تنعكس هذه القدرات أيضاً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ولا يزال التعاون عبر الوطني في مجال إنفاذ القانون في مرحلة التطوير من نواح كثيرة. فغالباً ما تفتقر الدول إلى أطر وبروتوكولات واضحة للتعاون وتبادل المعلومات، وإمكانية الحصول على المعلومات و/أو الربط بآليات تبادل المعلومات، مثل قواعد البيانات والشبكات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب وقواعد البيانات والشبكات الجنائية. غير أن هذا التعاون بالغ الأهمية، لا سيما عندما تتعرض عدة دول من نفس المنطقة لنفس التهديدات الإرهابية أو لتهديدات إرهابية مماثلة. ولذلك، فإن أحد مجالات تركيز المديرية التنفيذية هو تيسير التعاون الدولي والإقليمي، ويكون ذلك في الحالة المثلى من خلال إنشاء آلية إقليمية يمكنها أن تجمع بين وكالات إنفاذ القانون التابعة لعدة دول. وتبادل المعلومات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والحصول على البيانات يمثلان أيضاً لبنتين أساسيتين في عمليات تقييم المخاطر والتهديدات الوطنية. وقد أقر مجلس الأمن بالفعالية المثبتة للمنظومة العالمية للاتصالات الشرطية المأمونة I-24/7 التابعة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، وكذلك بمجموعة قواعد بياناتها الاستقصائية والتحليلية، ونظامها المتعلق بالنشرات، في إطار مكافحة الإرهاب. وفي هذا الصدد، ينبغي للدول أن تنظر في إدماج منظومة I-24/7 في نظمها الوطنية، وأن توسِّع، عند الاقتضاء، إمكانية الوصول إلى هذه المنظومة خارج نطاق المكاتب المركزية الوطنية للإنتربول لتشمل أجهزة إنفاذ القانون الوطنية الأخرى في المواقع الاستراتيجية مثل المعابر الحدودية النائية أو المطارات أو النقاط الجمركية أو نقاط الهجرة أو مراكز الشرطة.
واستناداً إلى المعلومات التي جُمعت في سياق الزيارات القطرية التي اضُطلِع بها باسم لجنة مكافحة الإرهاب، وكذلك من خلال الحوار المباشر مع الدول الأعضاء، يكون بإمكان المديرية التنفيذية أن توصي بسبل لمعالجة الثغرات والتحديات التي تم تحديدها وتيسير تقديم المساعدة التقنية اللازمة لتعزيز إجراءات إنفاذ القانون والتعاون في ما يتعلق بالإرهاب. والتعاون وتبادل المعلومات على الصعيد الوطني بفعالية في ما بين الوكالات حاسمان لضمان أن تكون الدول قادرة أيضاً على التعاون عبر الحدود بطريقة شاملة ومتماسكة. ولذلك فإن المديرية التنفيذية تشجع أيضاً على إنشاء آليات تنسيق وطنية تنخرط فيها جميع السلطات الوطنية المعنية، وعند الاقتضاء، الجهات الفاعلة غير الحكومية.
ومن أجل مواكبة التهديد الإرهابي، تقوم الدول على نحو متزايد بإدماج المعلومات الاستخبارية في عمليات إنفاذ القانون. وثمة حاجة إلى وضع آليات فعالة، حسب الاقتضاء، لخفض درجة سرّية بيانات التهديدات المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب وفرادى الإرهابيين لتصبح ضمن فئة المعلومات الاستخبارية المخصصة للاستخدام الرسمي، وتوفير تلك المعلومات لجهات الفرز الأمامية، وتبادل هذه المعلومات على النحو المناسب مع الدول المعنية الأخرى والمنظمات الدولية ذات الصلة. ويكتسي هذا التبادل لبيانات التهديدات والوصول إليها في الوقت المناسب أهمية خاصة لكفالة توجيه الإنذار المبكر ومنع ارتكاب أعمال إرهابية.
وتشكل قوائم المراقبة وقواعد البيانات نظم إنذار وطنية أو إقليمية تقدم تحذيرات مسبقة وتدابير فحص للمساعدة في كشف وتحديد المشتبه في كونهم مجرمين وإرهابيين، والسلع أو المواد المشتبه فيها عند نقاط العبور الحدودية، أو الكشف المبكّر عن المشتبه في كونهم مجرمين وإرهابيين، أو غير المعروفين منهم. ومن أجل تيسير تبادل المعلومات على الصعيد الدولي، من الضروري أن تقوم الدول بوضع قوائم مراقبة وقواعد بيانات وطنية ملائمة وإنشائها وتعهدها، وضمان تمكّن جميع السلطات الوطنية المختصة من الوصول إليها. وتشجَّع الدول على ضمان قابلية التشغيل البيني لقوائم المراقبة وقواعد البيانات الوطنية الخاصة بها وإقامة اتصال إلكتروني مع قوائم المراقبة وقواعد البيانات الإقليمية والدولية وتمكين تبادل المعلومات، حسب الاقتضاء، مع السلطات المختصة المعنية، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي. وقد قرر مجلس الأمن في قراره 2396 (2017) أنه ينبغي للدول أن تقوم بوضع قوائم مراقبة أو قواعد بيانات بالإرهابيين المعروفين أو المشتبه فيهم، بمن فيهم المقاتلون الإرهابيون الأجانب، لتستخدمها وكالات إنفاذ القانون وأمن الحدود والجمارك والجيش والمخابرات للتدقيق في المسافرين وإجراء تقييمات للمخاطر وتحقيقات، بما يمتثل للقانون المحلي والقانون الدولي، بما في ذلك قانون حقوق الإنسان. وشجع المجلس الدول على تبادل تلك المعلومات من خلال آليات ثنائية ومتعددة الأطراف، بما يمتثل لقوانين حقوق الإنسان المحلية والدولية.
ومن أجل تقديم الإرهابيين إلى العدالة، يجب أن تكون وكالات إنفاذ القانون قادرة على إجراء تحقيقات جنائية بطريقة تمكن الادعاء من عرض القضية على المحكمة. وهذا يتطلب قدرة مهنية على التحقيق، وكذلك التعاون الوثيق بين المحققين والمدعين العامين. وتعزز المديرية التنفيذية هذا التعاون من خلال تحديد احتياجات هيئات التحقيق من المساعدة التقنية في مجالات مثل إدارة مسرح الجريمة، وتحليل الأدلة الجنائية، وجمع الأدلة، والقدرة التحليلية الشاملة. وتعمل المديرية أيضاً على تحديد الاتجاهات الإرهابية الناشئة لمساعدة وكالات إنفاذ القانون على وضع تدابير تنفيذية مضادة واستراتيجيات تنفيذية فعالة. وتمثل الهجمات الإرهابية ضد البنى التحتية الحيوية تهديداً أمنياً كبيراً للدول في جميع المناطق. ويدعو قرار مجلس الأمن 2341 (2017) الدول إلى التصدي لخطر الهجمات الإرهابية ضد البنى التحتية الحيوية، ويدعو الدول إلى النظر في التدابير الوقائية الممكنة عند وضع استراتيجيات وسياسات وطنية. ويمكن لتدابير الحماية المادية أن تقلل من خطر وقوع هجمات إرهابية شديدة الأثر ضد المطارات والموانئ ومحطات السكك الحديدية والسدود ومحطات الطاقة النووية والمصانع الكيميائية ونظم الاتصالات والنظم المالية، في جملة أمور. وتوفر خلاصة الممارسات الجيدة لحماية البنى التحتية الحيوية من الهجمات الإرهابية، التي أطلقت في عام 2018، مواداً مرجعية وإرشادات بشأن وضع وتعزيز استراتيجيات الحد من المخاطر، مع التركيز على جملة أمور منها الوقاية والتأهب والتخفيف والتحقيق والاستجابة والتعافي، والمفاهيم الأخرى ذات الصلة في مجال حماية البنى التحتية الحيوية.
ويؤكد مجلس الأمن في قراره 2396 (2017) على ضرورة أن تقوم الدول الأعضاء بوضع تقييمات وطنية للمخاطر والتهديدات أو استعراضها أو تعديلها لأخذ الأهداف ”غير المحصنة“ في الاعتبار من أجل وضع خطط ملائمة للطوارئ وللاستجابة في حالات الطوارئ التي تنطوي على هجمات إرهابية. ويهيب أيضاً بالدول الأعضاء إلى إنشاء أو تعزيز الشراكات الوطنية والإقليمية والدولية مع الجهات صاحبة المصلحة من القطاعين العام والخاص، حسب الاقتضاء، وتبادل المعلومات والخبرات من أجل منع الهجمات الإرهابية على الأهداف ”غير المحصنة“ والحماية منها والتخفيف من آثارها والتحقيق فيها ومواجهتها والتعافي من أضرارها. والأهداف ”غير المحصنة“ جذابة للإرهابيين، بمن فيهم المقاتلون الإرهابيون الأجانب، لأنها مفتوحة نسبياً ويسهل الوصول إليها؛ وتخضع لمستويات أقل من الحماية الأمنية؛ وتوفر فرصة ليس فقط للتسبب في دمار هائل، وخسائر كبيرة في صفوف المدنيين، ودعاية واسعة النطاق بموارد مالية محدودة، ولكن أيضاً لغرس الخوف في نفوس الجمهور. وقد تزايدت أعداد هذه الهجمات في كل منطقة من مناطق العالم خلال السنوات الأخيرة.
ولا تتطلب الحماية الفعالة للبنى التحتية الحيوية والأهداف ”غير المحصنة“ تنفيذ تدابير الحماية المادية فحسب، بل تتطلب أيضاً وضع نهج متعددة الطبقات (بما في ذلك الاستجابة والتعافي والتحقيقات) لمثل هذه الهجمات وبناء مجتمعات قوية وقادرة على الصمود وكذلك العمل الوثيق مع المجتمع المدني والقيادة المحلية، بما في ذلك الزعماء الدينيون. وقد حددت المديرية التنفيذية حاجة الدول إلى تطوير الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية القائمة أو توسيع نطاقها للنظر في المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها البنى التحتية الحيوية والأهداف ”غير المحصنة“. ويشمل ذلك تحديد هذه الأهداف وتحديد الأولويات منها وحمايتها. وينبغي أن تشمل جهود التأهب أيضاً آليات لتعزيز صنع القرارات القائمة على المخاطر، وتبادل المعلومات، وإقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص لمواجهة الهجمات الإرهابية، وعلى وجه التحديد الهجمات الإرهابية ضد البنى التحتية الحيوية والأهداف ”غير المحصنة“.
وقد ازدادت المخاوف على الصعيد العالمي من المخاطر والتهديدات التي يشكلها التنامي السريع لاستخدام المنظومات الجوية غير المأهولة لأغراض إرهابية في السنوات الأخيرة. والتهديد المحتمل الذي يمكن أن يشكله استخدام المنظومات الجوية غير المأهولة المسلحة لأغراض إرهابية زاد أيضاً من الحاجة إلى اعتماد تشريعات لتنظيم استخدامها، ومواكبة التطورات التكنولوجية في هذا المجال، ووضع آليات للكشف عن هذه المنظومات ومكافحتها. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن المنظومات الجوية غير المأهولة تتيح فرصاً جديدة لأجهزة إنفاذ القانون (كجزء من عمليات الاستجابة السريعة أو لتأمين منطقة ما خلال المناسبات العامة الكبرى على سبيل المثال). وبالنسبة للدول ذات الحدود التي يسهل اختراقها، يمكن لهذه المنظومات أن تمثل أيضاً أداة عملياتية فعالة من حيث التكلفة لإدارة الحدود وأنشطة الإنذار المبكر.
ويجب أن تُتخذ جميع التدابير لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك في ميدان إنفاذ القانون وتبادل المعلومات، وفقاً للقانون المحلي والالتزامات الدولية، وفي ظل الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وينبغي أن تكون جميع الجهود المتصلة بإنفاذ القانون شاملة وممتثلة لحقوق الإنسان وغير تمييزية، وأن تشمل منظورات جنسانية ومراعية للعمر.
وتنص الإضافة إلى المبادئ التوجيهية المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب (2018) (S/2018/1177) على عناصر إضافية لكي تعزِّز الدول تنفيذها للتدابير المتعلقة بوضع قوائم مراقبة وقواعد بيانات وتلك المتعلقة بحماية البنى التحتية الحيوية والأهداف الضعيفة أو ”غير المحصنة“ والمواقع السياحية.
تنزيل صحيفة وقائع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب بشأن إنفاذ القانون.