الاجتهاد من أجل تحقيق الأمن البشري
ومنذ إنشاء الأمم المتحدة، أحرز تقدم كبير. وعندما تم التصديق على ميثاق الأمم المتحدة، كانت أغلب البلدان الآسيوية والأفريقية لا تزال مستعمرات أوروبية. وبدأت الأمم المتحدة وبها 51 دولة عضوا، زادت على مدى هذه السبعين عاما حتى بلغت اليوم 193 دولة عضوا. وربما فاقت وتيرة التهديدات والتحديات المستجدة التي تُختبر بها المنظمة وتيرة التقدم. وتُعلن المادة الأولى من الميثاق أن الهدف الأول للمنظمة الدولية هو “حفظ السلم والأمن الدوليين”. وإذا كان معنى الأمن أن يكون المرء بمأمن من القتل أو الاضطهاد أو الإيذاء، وأن يكون متحررا من الفقر المدقع الذي يجلب امتهان الكرامة وازدراء النفس، وحرا في خياراته، إذاً، ما زال هناك عدد كبير للغاية من الناس اليوم لا يتيسر لهم الأمن.
من الأقوال إلى الواقع: موظفو الأمم المتحدة يدفعون عجلة التغيير
والأمم المتحدة توفر لنا معيار القيم والقواعد هذا، إلى جانب أدوات تنفيذها. وقد حققت تقدما مدويا من نظام للقانون الدولي التقليدي يرتكز على الدول، ويستند إلى سلطان سيادة الدولة، إلى مؤسسة تقوم على المعايير. أهدافها واضحة: ففي حين تحترم حرية الدول ذات السيادة، هي أيضا مكرسة لحماية وتعزيز السلام والأمن والتنمية وسيادة القانون وحقوق الإنسان لشعوب العالم.
حان الوقت لإجراء إصلاحات جريئة
وفي هذا العام الذي يوافق الذكرى السنوية السبعين، يجب أن تُظهر الأمم المتحدة أن لها من النضج والمسؤولية ما يكفي لإجراء إصلاحات جريئة يمكن أن تكفل فعاليتها على الأجل الطويل. وعليها أيضا أن تتحلى بالتواضع وتتعامل مع المواطنين العاديين في دولها الأعضاء، وتستمع إلى آرائهم، وتعترف بإسهاماتهم في التنمية، وتثبت أنها ذات أهمية لحياتهم، ولحياة أولادهم والفرص المتاحة لهم.
نحو مستقبل أكثر أمنا وعدلا وإنسانية
وما من شك في أن الكثير اليوم يتوقف على القيادة. فإذا ما اعترف القادة بمسؤوليتهم وتغلبوا على الخلافات التي طال أمدها، بما في ذلك المظالم الذاتية، فسيكون من الممكن إيجاد مخرج من الأزمة. فقد استطعنا قبل ثلاثين عاما أن نفعل ذلك في ظل ظروف أصعب بكثير، عندما بدا أن المواجهة السياسية لا يمكن التغلب عليها، وكانت مخزونات الأسلحة النووية أكبر بكثير منها الآن. واليوم، لا يجب أن يصيبنا الذعر، ولا أن نستسلم للتشاؤم. فمن الممكن، مجازا، تصفية سماء مقر الأمم المتحدة من السُحب، و تهيئة الظروف المواتية للمنظمة العالمية لأداء مهمتها.
تأملات في دور الأمم المتحدة
إن عمل الأمم المتحدة يؤثر على الشعوب في أنحاء العالم فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالسلام والأمن، والتنمية وحقوق الإنسان؛ من نزع السلاح إلى جهود محاربة الإرهاب والتطرف؛ ومن منع نشوب النزاعات إلى حفظ السلام وبناء السلام؛ ومن الوقاية من الأمراض إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتوفير التعليم للجميع؛ ومن إعادة توطين اللاجئين إلى تقديم المساعدة الإنسانية؛ ومن سيادة القانون إلى مكافحة الجريمة عبر الوطنية. ...ونحن إذ نحتفل بمرور سبعين عام على إنشائها، لدينا كل مبرر للاحتفال بجميع ما أنجزه مجتمع دولنا. ونحن، إذ نقوم بذلك ينبغي أن نتطلع أيضا إلى المستقبل، وأن نسعى جاهدين إلى تغيير الأمم المتحدة لكفالة أن تظل فعالة وهامة في عالم جديد دينامي معولم.
الاستقلالية والحياد هما قلب الأمين العام وروحه
وعندما أحاول أن أستقطر تجاربي لأستخلص أغلى ما فيها، فإنني أخرج بلفظة واحدة وهي: الاستقلالية. وهذه الكلمة توجز كل ما أعطاني القوة والقدرة على أن أُحدث فارقا إيجابيا في عدد من القضايا التي أربكت المجتمع الدولي وكانت بادية الصعوبة واستعصت على الحل سنوات وسنوات.
سبعون سنة هي عمر الأمم المتحدة
وأنا على يقين من أن الأمم المتحدة، أممنا المتحدة، ستواصل قيادة الابتكار حتى نبلغ هدف الميثاق، وهو الحياة “في جو من الحرية أفسح”.