لوحة تعبيرية ليدين تمسكان شمعة
Photo:لوحة تعبيرة عن المناسبة (بمساعدة الذكاء الإصطناعي) لـ:صادق أحمد، أٌختصت بها الأمم المتحدة حصريا.
 
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

الأمم المتحدة هي وليدة الأمل

 

حاجة عالمية في زمن مضطرب

في عالمٍ يرزح تحت وطأة اضطرابٍ متنامٍ، وانقساماتٍ اجتماعيةٍ آخذةٍ في الاتساع، وتحدياتٍ اقتصاديةٍ وبيئيةٍ لا تفتأ تلقي بثقلها، تظل البشرية توّاقة إلى قِيَمٍ تجمعها ولا تفرّقها. وبين هذه القيم، يبرز الأمل قوةً بالغة الأثر، نابضةً في وجدان الجميع على اختلاف مشاربهم. وفي هذا السياق، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 12 تموز/يوليه يوماً دولياً للأمل، يُحتفى فيه بهذه القيمة بوصفها بوصلةً توجّه الأفراد والمجتمعات والدول نحو مستقبلٍ أكثر إشراقاً.

تستند هذه المبادرة إلى القيم الخالدة التي ينطوي عليها ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان من سلام وكرامة وتسامح وتقدّم مشترك. وهي بذلك امتداد لمبادرات سابقة للأمم المتحدة، من قبيل اليوم الدولي للضمير، وتسعى إلى إبراز الدور الجوهري للأمل في تعزيز العافية النفسية، والاحترام المتبادل، والاستقرار الاجتماعي، والتنمية المستدامة.

وإذ يُعلَن يوم الأمل الدولي، فإن الأمر يتجاوز مجرد الرمزية، ليغدو نداءً عالمياً يدعو إلى العمل. فهو يحث الدول الأعضاء، والمنظمات الإقليمية والدولية، والمجتمع المدني، والأفراد، على تهيئة بيئات يزدهر فيها الأمل. وقد تتجلّى هذه الجهود في التثقيف العام، وحملات التوعية، والتواصل المجتمعي، ومبادرات اللطف، وتعزيز مسارات الصفح والمصالحة. وبتبنّي هذه القيم، تنشأ مجتمعات يسودها الإدماج والتعاطف والقدرة على التكيّف.

إن هذا اليوم تذكرة بأن الأمل، حتى في أحلك الأوقات، يظل قوة قادرة على التحوّل والتغيير. فهو يجسّر الفجوات، ويحرّك عجلة التقدّم، ويبعث النفس الإنسانية من سباتها. ويوم الأمل الدولي دعوة لنا جميعاً إلى أن نتوقّف برهة، نتأمّل، ونجدد التزامنا بمستقبلٍ لا يقوم على اليأس والانقسام، بل على إنسانيتنا المشتركة والإيمان الراسخ بغدٍ أفضل.

 

أُسس علمية، وآثار صحية، وسبل للقياس

يعرف عالم النفس سي. آر. سنايدر الأمل بوصفه اتحاداً بين الدافعية الذاتية والتفكير في المسارات الممكنة؛ أي الإرادة للسعي إلى تحقيق الأهداف والقدرة المتصوَّرة على بلوغها. وتُظهر أبحاث التصوير العصبي أن الأمل ينشّط مراكز المكافأة والتحفيز في الدماغ، مثل المنطقة السقيفية البطنية، وهي بدورها مرتبطة بالتخفيف من أعراض الاكتئاب.

أما منظمة الصحة العالمية فتعرّف الصحة النفسية بأنها القدرة على التعامل مع الضغوط، والعمل بفاعلية، والمساهمة في المجتمع. وتثبت البحوث باستمرار أن ارتفاع مستوى الأمل يرتبط بانخفاض معدلات الاكتئاب والقلق والضغوط الناتجة عن الصدمات.

وهذه الفوائد النفسية تجد صداها في الجوانب البدنية أيضاً؛ إذ تشير الدراسات إلى أن مرضى السرطان الذين يتحلّون بأمل أعلى يحرزون نسب بقاءٍ أفضل، ويلتزمون بالخطة العلاجية على نحوٍ أشد. ويرتبط الأمل في مقتبل العمر بنتائج صحية أفضل على المدى الطويل، ويؤدي استمراره إلى انخفاض في عدد الزيارات الطارئة للمستشفيات وانخفاض معدل الوفيات المبكرة.

إلى جانب كونه تجربة إنسانية، فإن الأمل قابل للقياس. فمقياس الأمل للبالغين، الذي طوّره سنايدر، يُعد أداةً معتمدةً تقيس بُعدي الدافعية والمسارات بشكل منفصل. واستناداً إلى هذا الأساس، تساند الأمم المتحدة تطوير مؤشر الأمل الطوعي ليكون مرشداً في تتبّع التقدّم على المستويَيْن الوطني والعالمي.


أثر الأمل في الصحة الجسدية والنفسية

الصحة النفسية (انخفاض الاكتئاب)
89%
التعافي من الصدمات (زيادة القدرة على التكيف)
83%
الأمراض المزمنة (زيادة فرص النجاة)
75%
طول العمر (زيادة متوسط العمر)
72%
استخدام النظام الصحي (انخفاض زيارات الطوارئ)
68%

الأمل ركيزة للتنمية المستدامة

يضطلع الأمل بدورٍ رئيس في الدفع قدماً بأهداف التنمية المستدامة:

  • الهدف 3: الصحة – يعزّز الأمل العافية النفسية ويقوّي الالتزام بالعلاج.
  • الهدف 4: التعليم – بفضل الأمل، تتنامى دافعية الطلاب وتتسع آفاقهم الأكاديمية.
  • الهدف 8: الإدماج الاقتصادي – يغذّي الأمل الطموح ويشجّع الادخار ويحرّك ريادة الأعمال.
  • الهدف 13: العمل المناخي – يرسّخ الأمل الالتزام الطويل الأمد تجاه الجهود البيئية.

وتُظهر البرامج الإنمائية التي تدمج استراتيجيات بناء الأمل—مثل الإرشاد والتوجيه—نتائج محسّنة للأفراد الذين يكابدون الفقر.



الأمل وبناء السلام

يسهم الأمل في بناء السلام، بما يتيحه من إرساء الثقة، وتحفيز الحوار بين الفئات المختلفة، وتمكين الشباب ليكونوا قادةً للتغيير، من خلال:

  • بدء المسار بتحفيز الثقة والحوار،
  • وتعزيز التماسك الاجتماعي والمصالحة.

ومن تفاعل هذين الركنين تتولّد أرضية صلبة لتحقيق السلام الدائم.


الأمل
الثقة والحوار
المصالحة
التماسك الاجتماعي
بناء السلام

الأمل والصالح العام

يشكّل الأمل قوةً فاعلة في شفاء الأفراد وتعافي المجتمعات. فهو يعزّز الثقة الاجتماعية، ويشجّع المشاركة المدنية، ويقلّص حدّة الاستقطاب، ويقوّي الإحساس بالهوية المشتركة. وهذه السمات تعضد الإدماج والسلام والتقدّم المستدام—وهي من لبّ الصالح العام وجوهر الهدف 16: السلام والعدل والمؤسسات القوية. ويذكّرنا هذا اليوم بأن الأمل ليس فضيلة فردية فحسب، بل مسؤولية جماعية أيضاً.

«لا يستقيم سلام إن غاب الأمل، ولا تُبنى تنمية إذا غابت الثقة، ولا يُرتجى المستقبل لمن لا يؤمن به.» — من حوار اليونسكو بشأن السلام وحقوق الإنسان

سبل إحياء اليوم

  1. التعليم والتوعية: تنظيم ندوات، أو أنشطة مدرسية، أو حملات عامة لتعزيز الفهم وإذكاء الأمل.
  2. الانخراط المجتمعي: إطلاق مبادرات من قبيل مراكز الأمل، وبرامج التوجيه، أو مجموعات الدعم، لتعزيز التواصل والمرونة.
  3. التعبير الثقافي: إقامة معارض فنية، أو عروض أدائية، أو مناسبات حكاية القصص تحتفي بالقيم المشتركة والتجارب المتنوعة.
  4. الخدمة والمصالحة: المشاركة في تجمعات بين أتباع الأديان، أو حوارات السلام، أو أعمال تطوعية تبني الجسور وتضمد الانقسامات.

سبل الإسهام

الجهة كيفية الإسهام
المربون تدريس مضامين تعزّز المرونة النفسية، والدافعية الذاتية، والتربية العاطفية.
القيادات المحلية تنظيم فعاليات مجتمعية تعزز الإدماج، والتواصل، والدعم المتبادل.
وسائل الإعلام إبراز قصص ملهمة عن التعافي، والتعاون، والتغيير الإيجابي.
العاملون في القطاع الصحي إدماج مناهج قائمة على الأمل في الرعاية والعلاج.
الجهات المانحة تمويل مبادرات مجتمعية تُرسّخ الأمل والقدرة على التكيّف.