
الأمن البشري يعني السلامة من التهديدات المزمنة مثل الجوع والمرض والقمع، فضلاً عن الحماية من الاضطرابات المفاجئة والضارة في أنماط الحياة اليومية - سواء في المنازل أو الوظائف أو المجتمعات.
ويؤثر تغير المناخ بشكل متزايد على الأمن البشري في جميع أنحاء العالم.
إذ يمكن أن يؤدي هطول الأمطار المفاجئ والظواهر الجوية المتطرفة إلى إشعال فتيل التنافس على الغذاء والماء، كما يمكن أن يؤدي انخفاض الإنتاج الزراعي إلى فقدان شريحة واسعة من السكان لمورد رزقهم. وتدفع موجات الجفاف والفيضانات والعواصف وارتفاع مستوى سطح البحر بالفعل إلى نزوح أكثر من 20 مليون شخص من منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى في بلدانهم كل عام.
غالبًا ما يُعرف تغير المناخ بالعامل المضاعف للخطر لأنه يُفاقم ندرة الموارد ويزيد العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية القائمة سوءًا.

وتعتبر البلدان الأكثر هشاشة على المستويين السياسي والاقتصادي الأكثر عُرضة لآثار تغير المناخ. كما تُصنف اليمن ومالي وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال، والتي تواجه جميعها صراعات، أيضًا من بين الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ.
فيما يلي خمس طرق يؤثر بها تغير المناخ على الأمن البشري:
1. تغير المناخ يؤدي إلى اشتداد المنافسة على الأرض والمياه
مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، تؤدي فترات الجفاف الأطول والأكثر شدة إلى تآكل التربة، وجفاف أراضي الرعي، وانخفاض إنتاجية المحاصيل. وتدمر الفيضانات والانهيارات الأرضية الأراضي الزراعية والبنية التحتية. ويتزايد شح الموارد المائية.
وقد أدى تناقص الأراضي الصالحة للزراعة ومصادر المياه غير المتوقعة إلى تفاقم التوترات بين المجتمعات الزراعية والرعوية في العديد من الأماكن، بما في ذلك وسط مالي. وفي الشمال القاحل من البلاد، أدت الآثار التراكمية لحالات الجفاف المتكررة، وهطول الأمطار المفاجئ بشكل متزايد، وانتشار التصحر على نطاق واسع، إلى تقويض قدرة المجتمعات على التخطيط لسبل عيشها والحفاظ عليها.
وفي الصومال، دمرت سنوات الصراع قدرة الدولة والمجتمعات على الصمود. ويؤدي الجفاف الحالي، الأسوأ منذ أربعة عقود، إلى تفاقم نقاط الضعف ويساهم في النزوح والجوع والظلم.
وفي العراق، أدت ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة والعواصف الترابية إلى زيادة توتر العلاقات بين الطوائف.
يمكن أن يؤدي الإجهاد المائي المتزايد (عندما يتجاوز الطلب على المياه الصالحة للشرب الكمية المتاحة) إلى اضطرابات اجتماعية ويشعل صراعات حول الحاجة إلى المياه العذبة والزراعة وتربية الأحياء المائية والطاقة الكهرومائية، خاصة حول إمدادات المياه العابرة للحدود أي مياه الطبقات الجوفية وأحواض البحيرات والأنهار التي يتقاسمها بلدان أو أكثر.

يعتبر الأردن أحد أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم ويهدف مشروع كفاءة قطاع المياه في الأردن إلى تعزيز البنية التحتية لإمدادات المياه والقدرة على التعامل مع الجفاف في البلاد. ومن المتوقع أن يستفيد ما يقدر بنحو 1.6 مليون شخص من خدمات المياه المحسنة، بما في ذلك العديد من اللاجئين، وخاصة من سوريا.
في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تعد سبل العيش مهددة بسبب الارتفاع السريع في درجات الحرارة والجفاف والفيضانات، أدى الجدار الأخضر العظيم من النباتات لمكافحة التصحر إلى استعادة ما يقرب من 18 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة وتهدف المبادرة إلى استعادة 100 مليون هكتار واحتجاز 250 مليون طن الكربون، وخلق 10 ملايين فرصة عمل بحلول عام 2030.
تعرف على المزيد حول العلاقة بين تغير المناخ والمياه وتغير المناخ والأرض.
2. تغير المناخ يؤثر على إنتاج الغذاء ويُفاقم الجوع
عندما تدمر الكوارث المناخية الأراضي الزراعية وتهدد مصايد الأسماك الساحلية، فإن إنتاج الغذاء يعاني. يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية والجوع، إلى جانب عدم المساواة القائمة والاستبعاد السياسي والاجتماعي، إلى حدوث اضطرابات.
ففي القرن الأفريقي، أدت أسراب الجراد، مدعومة بدرجات الحرارة المتغيرة بسرعة، إلى تدمير المحاصيل ورفع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات عالية. وفي جزر المحيط الهادئ، يهدد تآكل السواحل وزيادة درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر الشعاب المرجانية ومصايد الأسماك الساحلية، مما يؤدي إلى زيادة التوترات بسبب تناقص الإمدادات الغذائية.
ويواجه ما يصل إلى 783 مليون شخص الجوع المزمن اليوم. إن ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين من شأنه أن يدفع 189 مليون شخص إضافي إلى الجوع. ومع زيادة قدرها 4 درجات مئوية، يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 1.8 مليار نسمة.
في أفغانستان، حيث يواجه ما لا يقل عن 18.8 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي ويعتمد 80 في المائة من سبل العيش على الزراعة، تتيح المبادرة المعنية بنظم الإنذار المبكر بالمخاطر المناخية إمكانية الكشف المبكر عن الجفاف لزيادة السلامة والتأهب. وإلى جانب نظام الإنذار المبكر بالفيضانات في آسيا الوسطى، الذي وصل إلى 40 مليون أفغاني، ساعدت هذه الجهود في حماية الزراعة المحلية وتحسين الأمن الغذائي.
3. تغير المناخ يجبر الناس على الانتقال
مع استمرار ارتفاع انبعاثات الكربون العالمية، تؤدي تأثيرات تغير المناخ بشكل متزايد إلى نزوح الناس في جميع أنحاء العالم. فقد نزح الملايين مؤخراً جراء الفيضانات الكارثية في باكستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والجفاف المستمر في أفغانستان ومدغشقر والقرن الأفريقي.
وفي كل عام، يضطر أكثر من 20 مليون شخص حاليًا إلى مغادرة منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى في بلدانهم بسبب المخاطر الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة، مثل هطول الأمطار الغزيرة بشكل غير طبيعي، وفترات الجفاف الطويلة، والتصحر، والتدهور البيئي، وارتفاع مستوى سطح البحر، والأعاصير.
تستضيف البلدان النامية معظم النازحين، وتكون غالبًا متأثرة بمزيج مميت من الصراع والفقر وانعدام الأمن الغذائي وحالة الطوارئ المناخية. لقد أصبح من الصعب تحقيق حلول آمنة ومستدامة للنازحين، حيث يزيد تغير المناخ من الظروف المتدهورة والخطيرة في مناطق المنشأ واللجوء.
ومن الأمثلة المتطرفة على ذلك دولة توفالو الواقعة على جزيرة في المحيط الهادئ، حيث يرتفع مستوى سطح البحر بهدوء لسنوات، مما يهدد بإغراق الدولة ويدفع سكانها إلى مغادرة وطنهم. وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فمن المتوقع أن تغمر المياه 95% من الأراضي بحلول عام 2100. وتقوم الحكومة الآن بإنشاء مناطق من الأراضي المرتفعة الجديدة المصممة لتبقى أعلى بكثير من مستوى سطح البحر في عام 2100.
احصل على الحقائق حول أزمة المناخ والنزوح.
4. تغير المناخ يفاقم الفقر وعدم المساواة
يؤثر تغير المناخ بشكل غير متناسب على الفئات الأشد فقرا والأكثر ضعفا.
ففي البلدان الأكثر فقرا، يعتمد جزء كبير من السكان بشكل مباشر على الأنشطة الأكثر تأثرا بتغير المناخ، ولا سيما الزراعة والغابات وصيد الأسماك. ويعتمد الأشخاص ذوو الدخل المنخفض أكثر على الموارد التي توفرها الطبيعة.
يؤثر تغير المناخ على أشد الناس فقرا بشكل أكبر، مما يؤدي إلى زيادة التفاوتات الاقتصادية القائمة ووقوع المزيد من الناس في براثن الفقر. ويقدر تقرير للبنك الدولي أن ما بين 68 إلى 135 مليون شخص إضافي قد يقعون في براثن الفقر بحلول عام 2030 بسبب تغير المناخ.
وعلاوة على ذلك، غالباً ما تقل احتمالية استثمار الجهات المانحة في المناطق غير المستقرة إلى حد كبير، مما يخلق دائرة من عدم المساواة واتساع الفجوة.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى توفير حزمة تحفيز لأهداف التنمية المستدامة بقيمة لا تقل عن 500 مليار دولار سنويًا لمعالجة النظام المالي العالمي غير العادل من خلال معالجة ارتفاع تكلفة الديون وزيادة مخاطر ضائقة الديون، وتوسيع نطاق التمويل طويل الأجل بأسعار معقولة من أجل التنمية بشكل كبير وتوسيع نطاق التمويل الطارئ ليشمل البلدان المحتاجة.
5. تغير المناخ يزيد المخاطر الأمنية التي تواجه النساء والفتيات
إن أوجه عدم المساواة الموجودة مسبقًا، والأدوار والتوقعات المتعلقة بالجنسين، والتفاوت في الوصول إلى الموارد يمكن أن تعرض النساء والفتيات للخطر بشكل غير متناسب عند تقاطع الصراع وأزمة المناخ.
ففي الصومال، على سبيل المثال، يؤدي تغير أنماط هطول الأمطار بسبب تغير المناخ إلى ندرة المياه ويساهم في ارتفاع معدلات العنف العشائري وجرائم الشرف، مما يضر بالنساء بشكل خاص. وترتفع معدلات الزواج المبكر أيضًا كشكل من أشكال تعامل الأسر مع انعدام الأمن المعيشي. ومع النزوح القسري بسبب تأثيرات المناخ، تزداد معدلات العنف الجنسي.
غالباً ما تتولى النساء مسؤولية توفير المياه والوقود للأسر. وعندما تضطر النساء والفتيات إلى الابتعاد عن المنزل بحثًا عن الماء، فإنهن يتعرضن بشكل متزايد لخطر العنف الجنسي. كما يقلل ذلك من قدرتهن على متابعة العمل مدفوع الأجر ومن فرص الفتيات في الالتحاق بالمدرسة.
وفي اليمن، وهي واحدة من أكثر بلدان العالم التي تعاني من ندرة المياه والنزاعات، دعم صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام مبادرات لزيادة إدماج المرأة في إدارة المياه المحلية وحل النزاعات، مما ساهم في زيادة وصولها إلى الموارد الطبيعية وتقليل التوترات بين المجتمعات المحلية.
للاستزادة…
التكيف
ما هو التكيف مع تغير المناخ؟ لماذا هو مهم جدا لكل دولة؟ اكتشف كيف يمكننا حماية الأرواح وسبل العيش مع تغير المناخ.
شاران بورو: الازدهار المشترك يثمر الأمل والأمن
تؤكد شاران بورو أنه بإمكاننا حل أزمة المناخ والأزمة الاجتماعية التي تشهد مستويات قياسية من اللامساواة وانعدام الثقة.
خطة لتسريع العمل المناخي: خارطة عمل من أجل كوكب صالح للعيش
تحدد خطة لتسريع العمل المناخي التي وضعها الأمين العام الإجراءات المطلوبة من القيادات الحكومية والمالية وقطاع الأعمال لخفض انبعاثات غازات الدفيئة وحماية الأرواح وسبل العيش.
مبادرات العمل
تتحد الحكومات والشركات وأعضاء المجتمع المدني من أجل مبادرات المناخ لتسريع وتيرة العمل المناخي. لنكتشف المزيد عن مبادراتهم العالمية هنا.
العمل من أجل مستقبلنا المشترك
تسعى حملة الأمم المتحدة "اعملوا الآن" إلى إلهام الناس للعمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. تعرف على كيفية اتخاذ إجراءات لتقليل تأثيرك على البيئة وإنشاء كوكب صحي هنا.

