12 نيسان/أبريل 2021

ترأس شاران بورو الاتحاد الدولي لنقابات العمال الذي ينادي بالدور الأساسي للحركات العمالية في الانتقال العادل إلى اقتصاد منخفض الكربون. تؤكد شاران بورو أنه بإمكاننا حل أزمة المناخ والأزمة الاجتماعية التي تشهد مستويات قياسية من اللامساواة وانعدام الثقة. لكن يتطلب ذلك التزامًا جديدًا بتحقيق الرخاء المشترك والتخلي عن الأنماط الاقتصادية التي تخذل الناس والكوكب.

 

 
 

 

لماذا يعتبر المناخ قضية عمالية؟

لا توجد وظائف على كوكب ميت. إنّنا بحاجة إلى كوكب مستدام به عمل لائق وازدهار مشترك يوفر للعمال الأمل والأمان.

من جهة أخرى، إذا كنت ستنتقل إلى صناعات تتماشى مع تحقيق صافي انبعاثات صفرية، وهو ما يتوجب علينا فعله، فمن الضروري أن يكون هذا الانتقال عادلًا. وهو ما يتطلب مشاركة النقابات في تطوير خطة متفق عليها تضمن للعمال مستقبلاً آمناً.

 

الآن وفي خضم الإكراه الاقتصادي الشديد وفقدان الوظائف ماذا عساك تقولين لعامل في صناعة الفحم، مثلا، الذي من حقه أن يخاف ويتمسك بالوظيفة التي يشغلها؟

أجرينا محادثات في هذا الشأن وكان الأمر مؤلمًا. لقد تنقلت في حقول الفحم وتحدثت إلى عمال المناجم وعائلاتهم. إنه سيناريو يصعب على الكثيرين فهمه لكن الواقع أبعد من ذلك. لا يستثمر المستثمرون في الفحم والعمال يعرفون ذلك. هم فقط يريدون إجراءات انتقالية تمنحهم اليقين.

إن الاستثمار في العمل المناخي يخلق فرص عمل. لكن السؤال الحقيقي هو كيف يمكننا التأكد من أن هذه الوظائف متاحة للعمال الذين تم تهجيرهم؟

نحن بحاجة إلى التأكد من أن مقاومة التحرك السريع لتحقيق الاستقرار على الكوكب تراجعت. وذلك عندما يرى العمال وأسرهم أن المجتمعات ستستثمر، وأنهم سيحتفظون بوظائف في المجتمع، وأن لهم وأطفالهم مكانا في تلك الوظائف أو غيرها مستقبلا.

 

كيف يبدو الانتقال العادل عمليًا؟

مفهوم الانتقال العادل بسيط للغاية. الأمر كله يتعلق بالأمن. أنت بحاجة إلى معاشات تقاعدية آمنة، ومعاشات العمال الأكبر سنًا ليتقاعدو مبكرًا، وضمانات للدخل، ودعم إعادة تشكيل المهارات وإعادة التوزيع للعمال الأصغر سنًا للعثور على وظائف أخرى.

لم تكن العديد من التحولات الماضية في التصنيع أو غيرها من قطاعات الصناعة عادلة. لقد شهدنا انهيار مجتمعات بأسرها بسبب تغير التقنيات والتركيز الصناعي.

تتمثل أولوية الاتحاد الدولي لنقابات العمال في النضال من أجل عقد اجتماعي جديد أساسه الوظائف والوظائف والوظائف بما في ذلك الوظائف الصديقة للمناخ. يجب ضمان حد أدنى من الحقوق لجميع العمال في ظل وجود سوق عمل مهترئ، حيث 60 % من عمال العالم لا يتمتعون بحقوق ولا حد أدنى للأجور مع غياب سيادة القانون. كما أننا بحاجة إلى حماية اجتماعية شاملة حيث إن 73٪ من العمال لا يتمتعون بحماية اجتماعية أو تكون محدودة.

على الرغم من أن العالم أصبح أكثر ثراءً بسبع مرات من حيث الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثين عامًا الماضية، فإن نصيب العمالة في انحدار مثل قطار الملاهي. إنّ الازدهار المشترك الذي يجب أن يعمل العالم على تحقيقه ببساطة غير موجود. لذلك نحن بحاجة إلى المساواة من حيث الدخل والجنس والعرق. كما أننا بحاجة إلى الإدماج، بما في ذلك الإصلاح المتعدد الأطراف تمشيا مع نموذج انتقال عادل حتى لا نخلق المزيد من أوجه عدم المساواة.

 

 

كيف تتقاطع ضغوط المناخ مع العولمة؟

لقد فشلت العولمة في تقسيم الرخاء. إذ استندت سلاسل التوريد إلى الاستغلال غير الإنساني، حيث مازال هناك أجور منخفضة وعمل غير آمن وحتى العبودية الحديثة. لقد رأيتم هجرة الشركات وهروب رأس المال وكل ما يترتب عنه. تلك هي الأزمة الاجتماعية.

أما الأزمة الأخرى فتتمثل في استنزافنا لموارد الكوكب، مما يؤدي إلى الدمار الناجم عن تغير المناخ الذي يتطلب الانتقال إلى بدائل الفحم، على سبيل المثال. تؤدي المواسم المتغيرة إلى فقدان سبل العيش لكثير من العاملين في الزراعة.

والواقع أن هذه الأزمات وليدة نموذج اقتصادي عالمي فاشل، فشل في حماية الطبيعة كما فشل في حماية الناس. فقد استند إلى تنمية طائشة لا هوادة فيها لم يقع تنظيمها. وغالبًا ما كان يقوم على الاستغلال حيث يفقد العاملون نصيبهم من الرخاء.

قبل جائحة كوفيد-19، كانت المستويات التاريخية لعدم المساواة تولد اليأس. لقد اسميناه عصر الغضب. فقد تجده في كل شارع وفي كل قارة. عندما يشعر الناس بأنهم مستبعدون، يصبح العالم في خطر. ولا يمكنك إدارة عمل أو بناء نموذج مستدام. ما لم يرى الناس أن حكوماتهم مسؤولة عن كل ما يهمهم، فسيتواصل انهيار الثقة.

 

هناك بعض المؤشرات على أن الشركات الخاصة بدأت ترى مواطن الضعف في النموذج الاقتصادي الحالي. ما هو رأيك في ذلك؟

إنّ مجتمع الأعمال منقسم. إذ هناك مجموعة من كبرى الشركات متعددة الجنسيات تدرك ضرورة تغيير نموذج العمل. فقد التزموا بالقضايا البيئية والاجتماعية، بما في ذلك حقوق الإنسان والعمّال، وتكفلوا بحماية عمّالهم.

لكنهم يتعرضون لضغوط هائلة. ففي الواقع هناك دائما أوقات حاسمة. قد يتكلم حاملو الأسهم عن العقود الآجلة لأصحاب المصلحة وليس العقود الآجلة لحاملي الأسهم. فالمهم لديهم أن لا يفقد سعر السهم قيمته في السوق بأي شكل من الأشكال. فهل الجشع المؤسسي الذي حدّد نموذج العمل في العقود الثلاثة الأخيرة قابل للتغيير؟ هذا هو المهم.

 

 

لماذا يعتمد حل أزمة المناخ على تحقيق المساواة بين الجنسين؟

تعمل النساء في كل مكان من أجل المناخ. ففي التعاونيات في المجتمعات المحلية النساء هن من يغيرن مضخات الديزل المستخدمة في استخراج الملح إلى مضخات تعمل بالطاقة الشمسية. هناك الكثير من القصص في مجال الزراعة والطاقة والخدمات المجتمعية حيث تنجز النساء مشاريع مستقلة وتعاونية.

لكننا لا نرى هذا الانجاز الكبير بالنسبة للمرأة في المؤسسات التقليدية. بالنظر إلى مجالس الإدارة أو المساواة في الأجور، فإن العالم في عام 2021 غير متكافئ على الاطلاق بالنسبة للنساء. وسيستمر ذلك ما لم نبدي استعدادنا لتغيير نموذجنا الاقتصادي ومواقفنا وشعورنا بالالتزام تجاه التنوع من حيث النوع الجنساني والعرق وإدماج الشباب.

علينا أن نستثمر في كل ما من شأنه أن يبني نسيج مجتمعنا سواء كان اجتماعيًا أو بيئيًا. إنّ الاستثمار في المناخ مع احترام النظام البيئي الشامل والعمل والإدماج سيعود بالفائدة على النساء الحاضرات في كل صورة من صور بناء التعافي والمرونة التي تدور حول مشاركة الجميع.

إذا سألتني فستكون إجابتي النساء في كل مرة. سيخاطرن، سيعملن من أجل عائلاتهن، وسيبنين مجتمعاتهن. وهذا ما نحتاجه حقا.

 

المخاطر كبيرة، أين سنجد الحلول؟

توجد الحلول في الحوار الاجتماعي. إذا اجتمعت أطراف المجتمع على طاولة الحوار على جميع المستويات وكان هناك عمال وشركات وبالطبع مجتمع مدني، عند الاقتضاء، فسيجد الناس الحلول. ولكن إذا هيمن العمل والسعي لتحقيق الربح الذي لا يراعي مصلحة الناس والكوكب فلن نصل ألى الرخاء المشترك.

علينا إصلاح النموذج الاجتماعي المنهار وسوق العمل المهترئ كما علينا معالجة أزمة المناخ. لأننا وببساطة ما لم نفعل ذلك فلن نتمكن من بناء مستقبل شامل.