لقد شكلت جائحة كوفيد-19 وقتاً غير مسبوق من المحنة والخسارة للعالم بأسره. وفي مقدمتها الخسارة المأساوية للأحباء التي عانى منها الكثيرين. لقد فقدنا أيضاً إلى حد كبير حياتنا الاجتماعية وتفاعلنا البشري، بما في ذلك الأنشطة اليومية مثل المشاركة في مباراة لكرة القدم أو حضورها.
لكن هناك ضوء في نهاية النفق، ومع طرح اللقاحات، نأمل أن تعود الحياة كما يجب أن نعيشها: سوياً، بدون الحواجز والقيود التي تفرضها الجائحة.
ستلعب كرة القدم، كما فعلت من قبل، الرياضة الأكثر شعبية في العالم، دوراً رئيسياً في التقريب بين المجتمعات. من خلال كرة القدم، سنتمكن من استعادة لياقتنا البدنية والتواصل مع زملائنا في الفريق والمنافسين وملء الملاعب مرة أخرى. سوف نستعيد بعض ما فقدناه في العام الماضي ونأمل أن نعيد البهجة والابتسامات.
لدينا أيضاً فرصة فريدة لبداية جديدة. يمكن أن تكون كرة القدم أداة قوية للعمل بشأن العديد من القضايا العالمية المُلحّة، بما في ذلك العديد من أهم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs)، مثل تلك المتعلقة بالصحة والرفاهية (الهدف 3) والتعليم الجيد (الهدف 4)، المساواة بين الجنسين (الهدف 5)، السلام وحل النزاعات (الهدف 16).
تتمتع كرة القدم والهيئة الإدارية للرياضة، الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، بانتشار عالمي لا مثيل له. شاهد أكثر من نصف سكان العالم كأس العالم لكرة القدم في روسيا عام 2018 وشهد كأس العالم لكرة القدم للسيدات في فرنسا عام 2019 أكثر من مليار شخص. توفر هذه الرؤية الواسعة لرياضتنا منصة فريدة لتعزيز القيم العالمية للعب النزيه والشمول والتضامن والتنوع والعمل الجماعي وكلها قيم ضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
نحن محظوظون بنفس القدر لأننا قادرون على استدعاء نجوم كرة القدم - أساطير الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) - الذين يمثلون أمثلة حية لتلك القيم. أنهم يستخدمون بسخاء منصاتهم الخاصة لنشر رسائل حول القضايا الاجتماعية المهمة ومساعدتنا في الوصول إلى جمهور أوسع بكثير بخلاف مشجعي كرة القدم.
المنظمات الرياضية نفسها لها دور تؤديه وينبغي أن تكون قدوة من خلال الدخول في شراكات للمساهمة في جدول أعمال التنمية الدولية. أقام الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) مؤخراً تحالفات مع عدد من وكالات الأمم المتحدة - لا سيما مع منظمة الصحة العالمية (WHO)، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO)، وبرنامج الغذاء العالمي (WFP) - من أجل تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، بما في ذلك تعزيز أنماط الحياة الصحية ومنع الجريمة والسلامة الرياضية وتنمية الشباب والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بالإضافة إلى التعليم.

التعليم هو في الواقع أمر أساسي لجهودنا العالمية لخلق عالم أفضل. بفضل برنامج كرة القدم للمدارس، نستثمر 120 مليون دولار في تعليم شباب العالم من خلال كرة القدم لمساعدتهم على تطوير المهارات الحياتية الأساسية. بعد تأجيله بسبب الجائحة، من المتوقع أن يبدأ البرنامج عملياته بالكامل في عام 2021، حيث يمكن أن يساعد أيضاً في معالجة الاضطرابات في التعليم التي سببتها جائحة كوفيد-19، لا سيما في بعض المناطق الأكثر تضرراً في العالم.
يقود الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) أيضاً الطريق لخلق بيئات رياضية أكثر أماناً، ووضع تدابير حماية لأجل حماية الأطفال من خلال برنامج أوصياء الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA Guardians)، الذي يهدف إلى إضفاء الطابع الاحترافي على دور مسؤولي الحماية في مجال كرة القدم.
نظراً لأننا يجب أن نعمل جنباً إلى جنب مع السلطات الحكومية والمحلية في هذا المجال، فقد أبرمنا مذكرة تفاهم تم توقيعها العام الماضي مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، والتي تهدف إلى إنشاء كياناً دولياً مستقلاً متعدد الرياضات ومتعدد الوكالات يتمتع بالسلطة والخبرة اللازمة لمساعدة الرياضة الدولية والتأكد من أننا نعمل جنباً إلى جنب مع وكالات إنفاذ القانون والحكومات للقضاء على أي شكل من أشكال الإساءة والتحقيق في الحالات حسب الاقتضاء.
بينما نستمر في محاربة جائحة كوفيد-19 وتأثيراتها، فإننا نفعل ذلك بهدف ليس فقط مساعدة كرة القدم - كما فعلنا مع حزمة دعم غير مسبوقة بقيمة 1.5 مليار دولار لمنظمي اللعبة في جميع أنحاء العالم من خلال خطة إغاثة الاتحاد الدولي لكرة القدم من جراء جائحة كوفيد-19—بل لمساعدة المجتمع ككل أيضاً. منذ لحظة الإعلان عن الجائحة، ساهمنا بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، في رسائل الصحة العامة الحيوية لتعزيز ممارسات النظافة الآمنة التي تهدف إلى منع انتشار مرض كوفيد-19. ونستمر في التعاون بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية وتعزيز الرسائل التي تدعم الصحة الجيدة وتنقذ الأرواح.
كرة القدم والمجتمع بينهما علاقة تكافلية: ما هو جيد للمجتمع هو جيد لكرة القدم والعكس صحيح. في هذا اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام (6 نيسان/ أبريل 2021)، يقف الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) في خدمة المجتمع وسنواصل لعب أي دور يمكننا القيام به لدعم التعافي من جائحة كوفيد-19.
وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.