وزاد التعافي غير المتوازن من تعميق أوجه اللامساواة بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها. وبات التضامن عُملة نادرة – في وقت تبدت فيه حاجتنا الماسة إليه.
فالتفاوت في إمكانية الحصول على اللقاحات، مثلا، يسمح بتنامي السلالات المتحوّرة وتوحُّشها، وهو بذلك يحكم على العالم بملايين الوفيات الجديدة ويطيل أمد التباطؤ الاقتصادي الذي يمكن أن تصل تكلفته إلى تريليونات الدولارات. لا بد أن نضع حداً لهذا الأمر المشين وأن نتصدى لحالات المديونية الحرجة ونضمن تدفق الاستثمار الموجّه لجهود التعافي إلى البلدان التي هي في أمس الحاجة إليه.
ونحن نلتزم، في هذا اليوم الدولي للقضاء على الفقر، بأن ’نبني من أجل المستقبل بشكل أفضل‘. ويقتضي ذلك نهجاً ثلاثي المحاور إزاء التعافي العالمي يتمثل فيما يلي:
أولا، يجب أن يكون للتعافي أثرٌ تحويلي - فلم يعد بالإمكان العودة إلى أوجه الحرمان واللامساواة الهيكلية المتوطنة التي كانت عاملا من عوامل إدامة الفقر حتى قبل تفشي الجائحة. نحن بحاجة إلى إرادة سياسية أقوى وشراكات أمتن لكفالة الحماية الاجتماعية للجميع بحلول عام 2030 والاستثمار في إكساب الأيدي العاملة المهارات الجديدة اللازمة للمهن التي يوفرها الاقتصاد الأخضر المتنامي. ولا بد أن نستثمر في توفير فرص العمل الجيدة للمشتغلين باقتصاد الرعاية، وهو أمر يعزّز مزيداً من المساواة ويضمن للجميع الرعاية الكريمة التي يستحقونها.
ثانيا، يجب أن يكون التعافي شاملاً للجميع - فالتعافي غير المتكافئ يترك جانباً كبيراً من البشرية بعيداً عن الركب، ويزيد بذلك من ضعف الفئات المهمّشة ويجعل بلوغ أهداف التنمية المستدامة أبعد منالاً من ذي قبل.
ثالثا، لابد أن يكون التعافي مستداماً - فنحن بحاجة إلى بناء عالم له القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات، يخلو من انبعاثات الكربون ويحقّق التعادل بين ما ينبعث منه من غازات الدفيئة وما يزيله منها.
وفي قيامنا بذلك كله، علينا أن نصغي بقدر أكبر بكثير إلى الرأي والإرشاد الذي يقدّمه الفقراء، وأن نعالج الأوضاع المسيئة لكرامتهم ونحطم الحواجز التي تحول في كل مجتمع دون إدماج الجميع.
فلنتكاتَف، اليوم وكل يوم، من أجل إنهاء الفقر وإيجاد عالم تسوده العدالة، يتمتع فيه الجميع بالكرامة وتتوافر لهم الفرص.