28/01/2021

إحاطة غير رسمية للدول الأعضاء بشأن أولويات عام 2021

كتبها: أنطونيو غوتيريش

السيد رئيس الجمعية العامة،

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة،

كان عام 2020 عاما رهيبا بما جلبه من موت وخراب ويأس في كافة أنحاء العالم.

لقد عاثت جائحة كوفيد-19 في كل بلد وأضرت بكل اقتصاد.

وفقدنا مليوني شخص، منهم أفراد أعزاء من أسرة الأمم المتحدة.

وما زالت الخسائر البشرية تتضاعف.

وما زالت التكاليف الاقتصادية تتصاعد.

وبلغ عدد فرص العمل المفقودة 500 مليون فرصة.

وعاد الفقر المدقع إلى مستويات لم تُرَ منذ سنوات عديدة.

وما انفكت مظاهر عدم المساواة تزداد.

ومعدل الجوع آخذ في الارتفاع من جديد.

وما فتئت مظاهر الهشاشة على الصعيد العالمي تنكشف.

لقد أعلنا الحرب على الطبيعة، وها هي الطبيعة تعلن علينا الحرب بدورها.

وما زالت أزمة المناخ تستعر.

وفي السنة الماضية، سببت الكوارث الطبيعية أضرارا بلغت قيمتها 210 بلايين دولار - أما تكلفتها البشرية فلا تعد ولا تحصى.

والتنوع البيولوجي آخذ في الانهيار.

وفي الوقت ذاته، تؤدي التوترات الجيوسياسية إلى تقويض جهودنا الجماعية في سبيل إحلال السلام.

وتتصاعد الاحتياجات الإنسانية.

وبلغ النزوح القسري مستويات قياسية العام الماضي.

ويزداد خطر انتشار الأسلحة النووية والكيميائية.

وتواجه حقوق الإنسان ردة فعل عنيفة.

ويزدهر خطاب الكراهية.

وأدى السلوك غير القانوني في الفضاء الإلكتروني إلى إيجاد مضمار جديد لانتشار الجريمة والعنف والمعلومات المضللة والاضطرابات.

وأضرت جائحة كوفيد-19 إضرارا أشد بالنساء والفتيات في العالم.

أصحاب السعادة،

لقد جلب لنا عام 2020 مآسي وأخطارا.

ويجب أن يكون عام 2021 هو عام التغيير ووضع العالم على المسار الصحيح.

ويتعين أن ننتقل من الهلاك إلى العافية؛ ومن الكوارث إلى إعادة الإعمار؛ ومن اليأس إلى الأمل؛ ومن أساليب العمل المألوفة إلى تحقيق التحول.

وقد أصبحت أهداف التنمية المستدامة أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وآن الأوان لضمان رفاه الناس وسلامة الاقتصادات والمجتمعات والكوكب.

وهذا أمر ممكن. فلنتكاتف على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

إن أولى أولوياتنا لعام 2021 هي التصدي لجائحة كوفيد-19

واللقاحات هي أول اختبار أخلاقي كبير نواجهه.

ومن الواجب أن تعتبر منافعَ عامة عالمية - أي لقاحات للناس كافة - وتكون متوفرة ومتاحة بتكلفة في متناول الجميع.

فمرفق كوفاكس يحتاج عاجلا إلى مزيد من الموارد لشراء جرعات اللقاحات وتسليمها إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ومواصلة جهود البحث والتطوير المتسمة بأهمية بالغة.

وأتوجه بالشكر إلى البلدان والمنظمات التي تدعم المرفق وإلى قيادة منظمة الصحة العالمية.

وأرحب بالانخراط الجديد من جانب كبرى البلدان المتقدمة النمو.

ولكن العالم مقصّر في بلوغ هذه الغاية.

فاللقاحات قد وصلت بسرعة إلى قلة من البلدان، في حين لم يحصل أفقر البلدان منها على شيء.

وإذا كان العلم قد حقق النجاح، فإن التضامن ما زال ضعيفا.

ومع أن الحكومات تتحمل مسؤولية حماية سكانها، فلا يمكن القضاء على كوفيد-19 في كل بلد على حدة بمعزل عن سائر البلدان.

وإذا سُمح للفيروس بالانتشار كالنار في الهشيم في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، فستطرأ عليه تحولات حتماً، وسيصبح معديا أكثر، وأشد فتكاً، وفي نهاية المطاف، سيصبح أكثر مقاومة للقاحات، ومستعداً للعودة لمطاردة النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

وعلاوة على ذلك، خُلصت دراسات أُعدت في الآونة الأخيرة إلى أن تكديس اللقاحات قد يكلف الاقتصاد العالمي مبلغا يصل إلى 9,2 تريليونات دولار، وأن أغنى البلدان ستتحمل حوالي نصف هذه الخسارة.

ويعادل هذا الرقم أكثر من 340 مرّة حجم النقص في التمويل البالغ 27 بليون دولار لمبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19.

وفي عالم منقسم بين من يملكون اللقاح ومن لا يملكونه، ليس هناك سوى منتصر وحيد ألا وهو الفيروس نفسه.

واليوم أدعو إلى اتخاذ ست خطوات محددة هي:

إعطاء الأولوية للعاملين في مجال الرعاية الصحية وللأشخاص الأكثر عرضة للخطر.

حماية النظم الصحية من الانهيار في أفقر البلدان.

ضمان ما يكفي من الإمدادات وتوزيعها بشكل عادل، بما في ذلك من خلال قيام الشركات المصنعة بإعطاء الأولوية للإمدادات المقدمة لمرفق كوفاكس.

تقاسم الفائض من الجرعات مع مرفق كوفاكس.

توفير التراخيص على نطاق واسع لتكثيف صنع اللقاحات.

تعزيز الثقة في اللقاحات.

وتهدف مبادرة ”حقائق مؤكَّدة“ التي وضعناها إلى محاربة وباء المعلومات المغلوطة.

ولكن لا يوجد دواء ناجع واحد في مواجهة الجائحة.

ويجب أن نواصل اتخاذ الخطوات المثبتة علميا التي تحد من انتقال العدوى.

فلا بد من ارتداء الكمامات. ولا بد من التباعد البدني. ولا بد من غسل اليدين.

فالقضاء على جائحة كوفيد-19 أمر ممكن.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

ثانياً، لا يمكن للعالم أن يتعافى من الفيروس إذا كانت الاقتصادات تواجه خطر الموت. فمن الواجب الشروع في جهود التعافي بطريقة مستدامة لا يستثنى منها أحد.

فيتعين علينا ضخ استثمارات كبيرة في النظم الصحية في كل مكان.

بتوفير التغطية الصحية للجميع.

ورعاية الصحة العقلية.

والحماية الاجتماعية.

والعمل اللائق.

وعودة الأطفال بأمان إلى المدارس.

وقد نضب ما كانت تحصل عليه البلدان النامية من التحويلات والعائدات السياحية وإيرادات السلع الأساسية.

وتقوم البلدان الأكثر ثراء بتنفيذ خطط للإنعاش والتحفيز بقيمة تبلغ تريليونات الدولارات.

في حين لم تتمكن أفقر البلدان إلا من إنفاق حوالي نسبة 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي.

فالتعافي يجب أن يكون شاملا للجميع.

ولا ينبغي أن يُجبر أي بلد على الاختيار بين توفير الخدمات الأساسية وبين خدمة ديونه.

وقد أبرز الاجتماعان الرفيعا المستوى اللذان عقدتهما العام الماضي مع رئيسي وزراء جامايكا وكندا الحاجة الملحة إلى تحقيق زيادة كبيرة في الدعم المالي.

ويشمل ذلك:

توسيع نطاق مبادرة مجموعة العشرين لتعليق خدمة الديون.

تخفيف عبء الديون عن كاهل جميع البلدان النامية والبلدان المتوسطة الدخل التي تحتاج إليه.

رصد مزيد من الموارد للمؤسسات المالية المتعددة الأطراف، وتوفير تخصيص جديد لحقوق السحب الخاصة لصالح البلدان النامية.

إعادة تخصيص طوعي لحقوق السحب الخاصة غير المستخدمة.

توفير السيولة وما لها من أهمية بالغة في منع التخلف عن سداد الديون.

ضرورة أن يكون التعافي مستداماً أيضاً - باستعمال الطاقة المتجددة وإقامة بنى تحتية مراعية للاعتبارات البيئية وقادرة على الصمود.

وإلا فإننا سنظل حبيسي ممارسات ضارة لعقود قادمة.

إن خطة عام 2030 هي التي تدل على الطريق الذي يجب أن نسلكه.

إن تحقيق تعافٍ مستدام وشامل للجميع أمر ممكن.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

لذلك يجب أن تكون أولويتنا الثالثة هي تحقيق المصالحة مع الطبيعة.

وسيكون عام 2021 حاسما بالنسبة للمناخ والتنوع البيولوجي.

ففي الشهر الماضي، ناشدت جميع الدول الأعضاء إعلان حالة الطوارئ المناخية في بلدانها.

واليوم، أناشد المجتمع الدولي بلوغَ خمسة معالم رئيسية بحلول موعد مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في تشرين الثاني/نوفمبر.

فأولاً، ينبغي أن نمضي في إقامة تحالف عالمي حقاً من أجل تحييد أثر انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.

ويمثل التحالف حاليا 70 في المائة من الاقتصاد العالمي و 65 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.

فلنعمل في العام المقبل على كفالة أن يغطي التحالف 90 في المائة على الأقل من الانبعاثات.

ويجب على بلدان مجموعة العشرين والدول الرئيسية المسببة للانبعاثات أن تأخذ زمام المبادرة.

وأناشد كل مدينة وكل شركة وكل مؤسسة مالية اعتماد خرائط طريق تتضمن محطات إنجاز متوسطة محددة بوضوح للوصول إلى تحييد أثر انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.

ويجب أن تحذو الحذو نفسه القطاعات الرئيسية من قبيل قطاعات النقل البحري والطيران والصناعة والزراعة.

ثانياً، يتعين على الحكومات أن تقدم مساهمات محددة وطنيا لخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010.

ثالثاً، تحقيق طفرة في مجال التكيف.

لا يمكن أن يكون التكيف هو العنصر المنسي في مجال الإجراءات المتعلقة بالمناخ.

فينبغي للجهات المانحة والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف أن تزيد حصة تمويل إجراءات التكيف من 20 في المائة لتصل إلى 50 في المائة على الأقل بحلول عام 2024.

رابعاً، الوفاء بجميع الالتزامات المالية.

يجب على البلدان المتقدمة النمو أن تفي بتعهدها بتعبئة 100 بليون دولار سنوياً للإجراءات المناخية في البلدان النامية.

وينبغي أن يشمل ذلك رسملة الصندوق الأخضر للمناخ بشكل كامل.

وينبغي لجميع المصارف الإنمائية مواءمة حافظاتها المالية مع مقتضيات اتفاق باريس وأهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2024، وأن تساعد على تعبئة التمويل والاستثمار الخاصين من خلال الضمانات والشراكات.

وسيؤدي ذلك إلى تحويل البلايين من التدفقات المالية.

ويضطلع ائتلاف مالكي استثمارات الأصول الصفرية الانبعاثات الذي تيسره الأمم المتحدة والتحالف العالمي للمستثمرين من أجل التنمية المستدامة بدور حاسم في هذه الجهود.

خامساً، اعتماد سياسات تحويلية.

لقد حان الوقت:

لتحديد تكلفة الكربون.

ووقف بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم.

والتخلص التدريجي من الفحم في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بحلول عام 2030، وفي جميع الأماكن الأخرى بحلول عام 2040.

والتخلص التدريجي من تمويل الوقود الأحفوري، بدءاً من تمويل الفحم من الخارج.

وإنهاء الإعانات المقدمة للوقود الأحفوري.

ونقل العبء الضريبي من الدخل إلى الكربون، ومن دافعي الضرائب إلى الملوثين.

وإضفاء طابع الإلزامية على تقديم إقرارات عن المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ.

وإدماج تحييد أثر انبعاثات الكربون في جميع السياسات والقرارات الاقتصادية والمالية.

ووضع خطط انتقالية عادلة وتمويلها وتنفيذها.

أصحاب السعادة،

من الواجب علينا التضامن بشكل خاص مع الدول الجزرية الصغيرة النامية في العالم.

بل إن بعضها يواجه خطرا وجودياً - إذ قد تختفي أراضيها في أثناء حياتنا.

ويجب ألا نسمح أبدا بأن تُضطر أي دولة عضو إلى أن تطوي عَلَمها بسبب مشكلة نملك القدرة على حلها.

وسيكون الاجتماع السادس والعشرون لمؤتمر الأطراف في تشرين الثاني/نوفمبر لحظة الحسم بالنسبة للإجراءات المتعلقة بالمناخ.

كما أن الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف بشأن التنوع البيولوجي هو فرصة لوقف أزمة الانقراض من خلال وضع إطار جديد للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020.

وعلينا ألا ننسى أن 75 في المائة من الأمراض المعدية الجديدة والناشئة عند البشر مصدرها حيواني.

وسيقترح الحوار الرفيع المستوى بشأن الطاقة هذا العام حلولا للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وتوسيع نطاق الحصول على الطاقة.

وإذ نستعد لانعقاد مؤتمر المحيطات في البرتغال، يجب على العالم أن يعجل بالعمل على وقف الصيد المفرط، والحد من التلوث بشكل كبير - بما في ذلك المواد البلاستيكية - وتعزيز الاقتصاد الأزرق.

ويمكن أن يؤدي مؤتمر القمة المعني بالمنظومات الغذائية والمؤتمر العالمي المعني بالنقل المستدام إلى تحويل هذين القطاعين الحيويين.

وسيكون عام 2021 أيضا عاما حاسماً في النهوض بالخطة الحضرية الجديدة.

فالمصالحة مع الطبيعة أمر ممكن.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

تتمثل أولويتنا الرابعة في التصدي لوباء الفقر وعدم المساواة.

إذ يعاني أكثر من 70 في المائة من سكان العالم من تزايد مظاهر التفاوت في الثروة.

ولكن الثروة ليست هي المقياس الوحيد.

فحظوظ الناس في الحياة ترتهن بنوع الجنس والعرق والانتماء الأسري والإثني وبما إذا كانت لديهم إعاقة أم لا، وبغير ذلك من العوامل.

فهذه المظالم يغذي بعضها بعضا، وتؤدي بالناس إلى فقدان ثقتهم في الحكومات والمؤسسات - وتنتقل آثارها إلى الأجيال اللاحقة.

وقد زادت الجائحةُ الأوضاعَ سوءا.

فنحن نعاين ذلك في ارتفاع عدد الأشخاص الذين وقعوا ضحية كوفيد-19 من بين الضعفاء والمهمشين.

وقد خلص التقرير الذي نشرته منظمة أوكسفام هذا الأسبوع إلى أن الزيادة في ثروة أغنى عشرة رجال في العالم خلال الأزمة وحدها تكفي لتفادي وقوع أي شخص في براثن الفقر بسبب الفيروس، ولدفع تكاليف اللقاحات ضد كوفيد-19 للجميع.

وما زلت أدعو إلى عقد اجتماعي جديد داخل البلدان يضمن لجميع الناس مستقبلا مشرقا ويوفر لهم الحماية.

ولا بد أن يكون التعليم والتكنولوجيا الرقمية عامليْ التمكين وتحقيق المساواة بامتياز.

وسيكون إصلاح أسواق العمل وبذل جهود متينة لمكافحة الفساد والملاذات الضريبية وغسل الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة أمرين بالغي الأهمية.

ويجب على المجتمعات أن تُحوِّل مجال الرعاية.

ولا تزال المساعدة الإنمائية الرسمية تشكل شريان الحياة.

لقد حان الوقت لتصحيح أخطاء الماضي وجبر المظالم الممنهجة المرتكبة في عصرنا.

ويمكن الوفاء بالوعد الذي قطعناه بعدم ترك أحد خلف الركب.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

يجب أن تكون أولويتنا الخامسة هي عكس مسار التعدي على حقوق الإنسان.

فقبل الجائحة، كانت حقوق الإنسان تواجه ضغوطا متزايدة.

وكانت سيادة القانون تواجه تحديات بسبب ضعف نظم العدالة.

وقامت النظم السياسية القمعية بانتهاك الحريات الأساسية.

ولم تكن هنالك مساءلة تذكر على الجرائم الفظيعة.

وواجهت النساء والفتيات وأفراد الأقليات والمثليات والمثليون ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسانية وحاملو صفات الجنسين أعمال التمييز والعنف بشكل مستمر.

والواقع أن ندائي للعمل من أجل حقوق الإنسان، وخطة العمل من أجل مكافحة خطاب الكراهية، ومبادرة حماية المواقع الدينية، كلها صدرت قبل جائحة كوفيد-19.

أما اليوم، فقد تسببت الجائحة في اندلاع أزمة مستقلة بذاتها في مجال حقوق الإنسان.

فقد تضاعف خطاب الكراهية.

واستغلت عدة دول إجراءات الإغلاق العام للحد من الحيز المدني ومن عمل الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

ويؤثر المرض تأثيراً غير متناسب في الأقليات والأشخاص ذوي الإعاقة ومَن يعيشون على الهامش.

وأرحب بالزخم الجديد الحالي في الكفاح العالمي من أجل تحقيق العدالة العرقية.

فلا يزال التفاوت العرقي متغلغلا في المؤسسات والهياكل الاجتماعية والحياة اليومية.

ويجب علينا جميعا أن ننهض في وجه تصاعد النازية الجديدة ونظرية تفوق العرق الأبيض.

ولن تحيد الأمم المتحدة أبدا عن التزامها بمكافحة العنصرية والتمييز.

فلا مكان للعنصرية داخل منظمتنا - وسنواصل عملنا من أجل استئصالها.

وإن تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها على نحو كامل هو أمر ممكن.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

لعل أولويتنا السادسة هي أكبر تحد يواجهه العالم في مجال حقوق الإنسان: المساواة بين الجنسين.

وقد أخرجت جائحة كوفيد-19 إلى دائرة الضوء ما هو خفي في معظم الأحيان.

فالنساء عاملات أساسيات في الحفاظ على حياة الناس والمجتمعات.

ومع ذلك، فقد عانت المرأة من فقدان الوظائف بقدر أكبر، ودُفعت إلى دائرة الفقر بأعداد أكبر.

كما أدت الجائحة إلى انتشار جائحة موازية من العنف الجنساني، بدءا من العنف في البيت وعلى الإنترنت، وحتى زيادة زواج الأطفال والاستغلال الجنسي.

وفي الوقت نفسه، قد أبرزت تدابير التصدي لكوفيد-19 قوة قيادة المرأة.

فقد حافظت القيادات النسائية على انخفاض معدلات التفشي ووضعت البلدان على طريق التعافي.

وفي الواقع، هناك قائمة طويلة ومتزايدة بالآثار التحويلية لمشاركة المرأة على قدم المساواة.

فثمة المزيد من الاستثمار في مجال الحماية الاجتماعية.

والمزيد من الحوكمة القائمة على الشفافية.

وعمليات سلام أكثر دواماً.

وتحقيق المساواة في قيادة المرأة وتمثيلها هو العنصر الذي نحتاج إليه لتغيير قواعد اللعبة.

فقد حان الوقت لتغيير الهياكل والنماذج الراسخة. ولا يعمل الاقتصاد الرسمي من دون الدعم الذي توفره أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر التي تقوم بها المرأة.

فالاستثمار في اقتصاد الرعاية يمكن أن يكون محفزا للنمو الاقتصادي والتعافي من الجوائح.

وقد حان الوقت لاتخاذ تدابير أكبر ومحددة الأهداف للتغلب على النُهج والمواقف التي تحرم المرأة من حقوقها.

وليس مزيدا من الترقيع على الهوامش.

وإن المساواة بين الجنسين ممكنة.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقها.

أصحاب السعادة،

يجب أن تكون أولويتنا السابعة لهذا العام هي رأب التصدعات الجيوسياسية وإيجاد أرضية مشتركة.

ولمعالجة تهديدات السلام والأمن التي تُكدِّر العالم اليوم، فإننا نحتاج إلى إيجاد جسر للعودة إلى المنطق السليم.

وإننا بحاجة إلى مجلس أمن موحد.

ونحن بحاجة إلى تفادي حدوث شرخ كبير من شأنه أن يقسم العالم إلى شقّين - ولنعمل بدلا من ذلك على الحفاظ على اقتصاد عالمي واحد، وعلى شبكة إنترنت واحدة آمنة ومفتوحة، وعلى الأمن السيبراني، وعلى احترام القانون الدولي والقواعد التي يتفق عليها الجميع ويلتزمون بها.

وأي خلل في العلاقات بين القوى الكبرى يفسح المجال أمام المخربين. والمخربون يؤججون النزاعات ويطيلون أمدها.

ولا يمكننا حل مشاكلنا الكبرى عندما تكون قوانا الكبرى على شقاق.

وفي الأسابيع الأولى من انتشار الجائحة، دعوت إلى وقف إطلاق النار على الصعيد العالمي للتركيز على العدو الذي تواجهه جميع البلدان.

وقد شهدنا بعض العلامات المشجعة، ونُفخت الروح من جديد في عمليات سلام متعثرة.

وعمليات وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية لا تزال صامدة إلى حد ما في عدد من الأماكن، من ليبيا إلى أوكرانيا، ومن سوريا إلى السودان، ومن ناغورني - كاراباخ إلى جنوب السودان.

ولكن في أماكن أخرى، لا يزال القتال مستمرا، بل اندلعت نزاعات جديدة.

ففي اليمن، التي تقف على شفير المجاعة، أكرر دعوتي إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أنحاء البلد كافة، وتنفيذ تدابير اقتصادية وإنسانية لبناء الثقة، واستئناف عملية سياسية شاملة للجميع.

وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، أُدين العنف الذي تقوم به الجماعات المسلحة وأدعو السلطات المنتخبة حديثا إلى مواصلة الحوار السلمي والشامل والمصالحة الوطنية.

وفي مالي، تتواصل الهجمات التي تشنها الجماعات المتطرفة، وانتهاكات حقوق الإنسان والعنف عبر المجتمعات المحلية، في سياق جهود شاقة ترمي إلى استعادة النظام الدستوري وتنفيذ اتفاق السلام.

وفي أفغانستان، يتواصل العنف بلا هوادة، حتى وإن بشّرت مفاوضات السلام بإمكانية إنهاء عقود من النزاع.

ولا يوجد حل عسكري لأي من هذه الأوضاع.

وأدعو جميع الدول الأعضاء إلى الضغط على جميع الأطراف ذات الصلة لإنهاء هذه الحروب العبثية.

ويواصل وسطاء الأمم المتحدة وبعثاتها السياسية استكشاف كل فرصة سانحة.

ويجب أن يكون عام 2021 هو العام الذي نستأنف فيه عملية السلام في الشرق الأوسط ونهيئ الظروف لحل الدولتين.

وفي منطقة الساحل وبحيرة تشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزامبيق، نشهد زيادة في أعمال الإرهاب في غياب وجود ترتيبات أمنية فعالة، وعدم كفاية القدرة على معالجة الأسباب الجذرية الاقتصادية والمناخية والاجتماعية.

وقد حان الوقت للاعتراف بضرورة أن تتلقى عمليات إنفاذ السلام ومكافحة الإرهاب الأفريقية ولاية من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، وتمويلا كافيا يمكن التنبؤ به، بما في ذلك الاشتراكات المقررة.

وعملياتنا لحفظ السلام تلتزم التزاما كاملا بحماية المدنيين في الحالات المتفجرة، وتقدم دعما حيويا لعمليات السلام.

ولكنها تعمل على نحو متزايد في مناطق لا يوجد فيها سلام يُحفظ.

وقد قُتل بالفعل هذا العام تسعة من حفظة السلام في حوادث عدائية.

ويجب أن نضمن أن يكون لدى كل بعثة من بعثات حفظ السلام وكل فرد من حفظة السلام الموارد والمعدات الكاملة اللازمة لأداء واجباتهم.

وسنواصل تنفيذ إصلاحات مبادرة العمل من أجل حفظ السلام.

وإننا بحاجة إلى وقف إطلاق النار على الصعيد العالمي، ولكن يجب علينا أيضا أن نكثف جهودنا لمنع حدوث الأزمات في المقام الأول.

الوحدة والسلام أمر ممكن.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

يجب أن تكون أولويتنا الثامنة هي عكس تراجع نظام نزع السلاح النووي وعدم الانتشار.

ففي يوم الجمعة الماضي، دخلت معاهدة حظر الأسلحة النووية حيز النفاذ.

وأدعو جميع الدول إلى دعم هدف هذه المعاهدة.

وعلى الرغم من هذه الخطوة، فينبغي لنا جميعا أن نشعر بالجزع إزاء تدهور العلاقات بين الدول الحائزة للأسلحة النووية.

وإني أحثها على إيجاد أرضية مشتركة في المؤتمر الاستعراضي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية هذا العام.

وأرحب بقرار الولايات المتحدة والاتحاد الروسي تمديد معاهدة ”ستارت الجديدة“ لمدة خمس سنوات - وهي الحد الأقصى بموجب الاتفاق، مما يترك متسعا من الوقت للتفاوض بشأن مزيد من التخفيضات.

ومن الممكن إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

يجب أن تكون أولويتنا التاسعة هي اغتنام الفرص التي تتيحها التكنولوجيات الرقمية مع توفير الحماية من أخطارها المتزايدة.

وخلال الجائحة، حافظت التكنولوجيات الرقمية على أداء المجتمعات وتواصل الناس.

ولكن الجائحة أبرزت أيضا وجود فجوة شاسعة في الوصول إلى تلك الأدوات، بما في ذلك التفاوتات الهائلة بين الجنسين.

وقد دخل العالم العصر الرقمي منذ عقود، ولكن لا يزال ثمّة تحد أساسي، وهو: سد الفجوة الرقمية.

وهدفنا هو أن تتاح للناس في كل مكان إمكانية الوصول إلى الإنترنت بأسعار معقولة وعلى نحو مجدٍ وآمن بحلول عام 2030، وأن تكون جميع المدارس متصلة بشبكة الإنترنت بأسرع ما يمكن.

ونحن بحاجة إلى تعزيز الأمن السيبراني وتعزيز السلوك المسؤول في هذا المجال.

ونحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار في الفضاء الإلكتروني، بما في ذلك إنهاء الهجمات السيبرانية على البنية التحتية الحيوية.

وعلينا أن نواجه الانتشار الرقمي للكراهية والاستغلال والمعلومات المضللة.

وعلينا أن نتصالح مع أساليب استخدام بياناتنا.

ويُستخدم الكثير من المعلومات التي تجمع عنا من أجل غايات إيجابية.

ولكن ثمّة طلب متزايد منا جميعاً بأن يكون لنا رأي أكبر في كيفية استخدام البيانات، بما في ذلك التأثير على السلوك والسيطرة عليه.

وهناك أيضاً انزعاج متزايد بشأن الكيفية التي يمكن بها للحكومات أن تستغل البيانات لانتهاك حقوق الإنسان الواجبة للأفراد أو الفئات التي تعاني من التمييز.

ويجب أن نجمع كل أصحاب المصلحة للنظر في هذه الممارسات ونماذج الأعمال، وإيجاد طريق للمضي قدمًا على نحو لا ينتهك الخصوصية ولا الكرامة.

وينبغي تكثيف الجهود لوضع معايير دولية مناسبة وأنظمة ضريبية مناسبة.

وإن أهمية الكيفية التي ندير بها البيانات لن تنفك تنمو مع الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي.

فقد فتح الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة.

ولكن البيانات المتحيزة يمكن أن تؤدي إلى تحيزات خطيرة في التطبيقات.

ويجب أن تظل السيطرة بأيدي البشر.

وما زلت أدعو إلى حظر الأسلحة الفتاكة الذاتية الحكم.

وقد أطلقت في العام الماضي خريطة طريق للتعاون الرقمي.

وفي العام المقبل، سأواصل اتخاذ خطوات لتجسيدها واقعا، بأساليب تشمل تعزيز منتدى إدارة الإنترنت.

وإني أشيد باعتزام رئيس الجمعية العامة عقد مناقشة بشأن التعاون الرقمي في نيسان/أبريل.

ومن الممكن أن يكون ثمّة مستقبل رقمي مفتوح وحر وآمن.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

يجب أن تكون أولويتنا العاشرة هي إنقاذ القرن الحادي والعشرين.

وإن إدارتنا للمشاعات العالمية البالغة الأهمية بحاجة إلى تعزيز وإعادة تصور، ولا يشمل ذلك الصحة العامة فحسب، بل أيضا السلام والبيئة الطبيعية.

وقد سلّمت الجمعية العامة بالطابع المحوري لهذه اللحظة.

وفي إعلانكم بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، دعوتموني إلى تقديم توصيات للنهوض بجدول أعمالنا المشترك.

وقد شرعت في عملية تفكير عميق، استنادا إلى المشاورات العالمية التي جرت في العام الماضي بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين.

ومن الواضح أن التحديات المقبلة تتطلب تعددية تتسم بالمزيد من الشمول والمزيد من التواصل.

كما دعوت إلى إبرام اتفاق عالمي جديد بين البلدان لضمان تقاسم السلطة والمنافع والفرص على نطاق أوسع وأكثر إنصافا.

وتستحق البلدان النامية أن يكون لها صوت أعلى في صنع القرار على الصعيد العالمي.

ويجب أن يكون الشباب أيضاً على الطاولة - كمصممين لمستقبلهم، وليس كمتلقين لقرارات الشيوخ الذين - ولنكن صادقين - قد خذلوهم في جوانب رئيسية عديدة.

وينبغي النظر إلى تقريري المقدم في أيلول/سبتمبر على أنه بداية لهذا الإنقاذ.

ومن الممكن تعزيز الحوكمة العالمية من أجل توفير المنافع العامة العالمية.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

أصحاب السعادة،

لقد اتخذنا، بدعمكم، خطوات هامة لتعزيز أممنا المتحدة.

وكانت الجائحة أول اختبار رئيسي لهذه الإصلاحات - وأنا ممتن لملاحظاتكم التي تشير إلى أن هذه التغييرات قد حسنت عملنا.

وإنني ملتزم تماما بمواصلة هذا الجهد.

وقد مُنحت لنا الفرصة بأكثر الطرق سوءًا.

ولكن الأزمة تفضي إلى التغيير.

ويمكننا أن ننتقل من عام رهيب إلى عام مليء بالإمكانات - عام حافل بالفرص ومفعم بالأمل. يمكننا بناء العالم الذي نصبو إليه.

ويجب علينا أن نتكاتف في العمل على تحقيقه.

وشكرا لكم.