وكما يذكرنا موضوع هذا العام، فإننا نشهد اليوم درجة لم نشهدها قطُّ لسرعة انتقال خطاب الكراهية واتساع رقعته، إذ يزداد انتشاره كثيراً بفعل الذكاء الاصطناعي. فالخوارزميات والمنصات الرقمية المتحيزة تنشر محتوى ساماً وتخلق فضاءات جديدة للتحرش والإساءة.
خطاب الكراهية والذكاء الاصطناعي
ما عادت الكراهية ضربًا من البلاء المستجدّ، غير أنّ سطوتها قد تعاظمت بفعل التقدّم التِقاني في وسائل الاتصال، حتى غدت أداة مألوفة لنشر الأيديولوجيات الهدّامة وبثّ الفرقة على امتداد العالم. وإن تُركت بلا رادع، فإن خطاب الكراهية يُقوّض أسس السلام والتنمية، إذ يُؤجّج النزاعات ويُفضي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ولطالما دأبت الأمم المتحدة على مجابهة هذا الخطر، ذودًا عن كرامة الإنسان وصونًا لسيادة القانون، إذ أدركت أثر الكراهية في مسارات بناء السلام، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين الشباب.
وقد حدّدت استراتيجية الأمم المتحدة وخطة عملها لمناهضة خطاب الكراهية ملامح هذا الخطاب بوصفه شكلًا من أشكال التعبير ينطوي على تهجّم أو تمييز ضد أفراد أو جماعات على أساس هوياتهم الدينية أو العرقية أو الجندرية، وإن لم يُتوصل بعد إلى تعريف قانوني جامع متّفق عليه عالميًا. وبرغم التحديات الجسيمة التي تفرضها بيئة الإنترنت، فإن الدول والمجتمع المدني والأفراد لم يزالوا يسعون إلى صوغ سبل ناجعة للتصدي لخطاب الكراهية.
وتُبرز خطة العمل الدور الحيوي للشراكات مع الشركات العاملة في مجال التقانة ومنصات التواصل الاجتماعي، ولا سيما في توظيف التقانة الاصطناعية، بوصفها وسيلة لمكافحة خطاب الكراهية. وإذ تتيح هذه التقانة أدوات فعالة للإنذار المبكر ومنع اندلاع النزاعات، فإنها تنطوي كذلك على مخاطر حقيقية إن لم تُراعَ فيها الضمانات المرتبطة بحقوق الإنسان. واستجابة لذلك، أولت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حوكمة التقانة الاصطناعية أولوية قصوى في إطار الميثاق الرقمي العالمي، وجدّدت التزامها بالتصدي لخطاب الكراهية على شبكة الإنترنت.
#لا_لكراهية: في مواجهة الخطاب المؤذي
مناهضة خطاب الكراهية قد يبعث على التردد والخشية، ولا سيما حينما يطلّ في سياقات يومية أو في بيئة العمل. وقد يحول الخوف من التصعيد أو من ردّات الفعل دون المجاهرة بالرفض والتنديد. غير أن الصمت يُفسح المجال لترسّخ الأفكار المؤذية وانتشارها.
نبذة تاريخية
في تموز/يوليه من عام 2021، سلّطت الجمعية العامة للأمم المتحدة الضوء على القلق العالمي إزاء “الانتشار المتسارع لخطاب الكراهية وتفشيه” حول العالم، فاعتمدت قرارًا بشأن “تعزيز الحوار والتسامح بين الأديان والثقافات في التصدي لخطاب الكراهية”.
وقد أقرّ القرار بالحاجة الملحّة إلى مناهضة التمييز وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية، وناشد سائر الجهات المعنية، بما فيها الدول، بتكثيف الجهود لمعالجة هذه الظاهرة، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ونصّ القرار على إعلان يوم 18 حزيران/يونيه يومًا دوليًا لمناهضة خطاب الكراهية، استنادًا إلى الاستراتيجية وخطة العمل اللتين أُطلقتا في اليوم ذاته من عام 2019.
وفي هذا اليوم، تدعو الأمم المتحدة الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والأفراد إلى تنظيم فعاليات ومبادرات ترمي إلى تعزيز استراتيجيات الكشف عن خطاب الكراهية والتصدي له. وهذه المبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى منظومة الأمم المتحدة، وتشكل إطارًا مرجعيًا أساسيًا لتوجيه الدعم الذي يمكن أن تقدمه المنظمة لتعزيز جهود الدول.
لماذا ينبغي مناهضة خطاب الكراهية؟
إذ يُعدّ خطاب الكراهية مؤشرًا مبكرًا لاحتمال اندلاع العنف – بما في ذلك الجرائم الفظيعة – فإن تقييد انتشاره من شأنه أن يُسهم في الحد من تداعياته الكارثية.
في مواجهة خطاب الكراهية على الإنترنت
في زمن بات فيه الأطفال يستخدمون الوسائط التِقانية أكثر من أي وقت مضى، تتزايد احتمالات تعرضهم لخطاب جارح أو مؤذٍ في الفضاء الرقمي. وقد يُفاقم انتشار التقانة الاصطناعية هذه الإشكالية، إذ يصبح التعرف على خطاب الكراهية أمرًا معقدًا، ويستحيل على الطفل أحيانًا تمييزه أو التعامل مع تبعاته النفسية. فكلمات القسوة قد تُربك أو تُخيف، لذا فإن اللطف في القول، سواء وجهًا لوجه أو عبر الإنترنت، هو خُلق لا غنى عنه. تذكّر: يمكنك أن تأخذ موقفًا، وأن تُحدث فرقًا.
تفصيل أوفى عن حملة #لا_لكراهية. وتضم هذه الحملة مواد تعليمية مناسبة للأطفال تشرح ماهية خطاب الكراهية، وتبيّن لهم كيف يدافعون عن أنفسهم وأصدقائهم.