لن يكون العالم قادرًا على مواجهة جائحة كوفيد-19 وعواقبه المدمرة إلا من خلال العمل معًا. وفي اجتماع طارئ عقد عبر الانتبرت يوم الخميس الماضي، اتخذ قادة مجموعة العشرين خطوات في الاتجاه الصحيح. لكننا ما زلنا بعيدين عن الحصول على استجابة عالمية منسقة وواضحة تلبي الحجم غير المسبوق لما نواجهه.

ما زلنا متأخرين كثيرًا عن تسطيح منحنى العدوى. وبدون اتخاذ إجراءات متضافرة وشجاعة، من المؤكد أن عدد الحالات الجديدة سوف يتصاعد إلى الملايين، مما يدفع النظم الصحية إلى نقطة الانهيار، والاقتصادات في حالة من الهوس والناس إلى اليأس.

يجب أن نستعد للأسوأ ونفعل كل شيء لتجنبه. فيما يلي نداء للعمل من ثلاث نقاط - قائم على العلم والتضامن والسياسات الذكية - للقيام بذلك.

أولا، الحد من انتقال الفيروس:

هذا يتطلب اختبارًا مبكرًا وتتبع الاتصال مع استكمال الحجر الصحي وتدابير الحفاظ على سلامة المستجيبين، إلى جانب تدابير تقييد الحركة والاتصال. كل هذه الخطوات، على الرغم من الاضطرابات التي تسببها، يجب أن تستمر حتى ظهور لقاح.

ومن الأهمية بمكان أن يسترشد هذا الجهد القوي والتعاوني بمنظمة الصحة العالمية، وهي عضو في أسرة الأمم المتحدة ؛ لان الدول التي تعمل بمفردها - كما يجب أن تفعل من أجل شعوبها - لن تنجز المهمة للجميع.

ثانياً، معالجة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المدمرة للأزمة:

ينتشر الفيروس مثل النار في الهشيم، ومن المرجح أن ينتقل بسرعة إلى دول الجنوب حيث تواجه الأنظمة الصحية ضغوطا، والناس هناك أكثر عرضة للخطر ويعيش الملايين منهم في الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان أو المستوطنات المكتظة للاجئين والنازحين داخليًا. وبسبب هذه الظروف، يمكن للفيروس أن يدمر العالم النامي ثم يعود في موجة أخرى الى حيث تم التصدي اليه. ففي عالمنا المترابط، قوتنا مثل أضعف النظم الصحية.

لقد ذكّرنا الوباء، بالثمن الذي ندفعه مقابل عدم معالجة نقاط الضعف في النظم الصحية والحماية الاجتماعية والخدمات العامة. ومن الواضح أننا يجب أن نكافح الفيروس من أجل البشرية جمعاء، مع التركيز على الأكثر تضررا: النساء، وكبار السن، والشباب، والعمال ذوي الأجور المتدنية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والقطاع غير الرسمي، والفئات الضعيفة.

وأصدرت الأمم المتحدة لتوها تقارير توثق كيف أصبحت العدوى الفيروسية عدوى اقتصادية، وتحدد التمويل اللازم للتصدي للصدمات. كما أعلن صندوق النقد الدولي أننا دخلنا كساد سيء أو أسوأ من عام 2009 ونحن بحاجة إلى استجابة شاملة متعددة الأطراف.

يمكن للدول المتقدمة أن تفعل ذلك بنفسها، والبعض يفعل ذلك بالفعل. ولكن يجب علينا أن نزيد الموارد المتاحة للعالم النامي بشكل كبير من خلال توسيع قدرة صندوق النقد الدولي، وتحديداً من خلال إصدار حقوق الاقراض الخاصة للمؤسسات المالية الدولية الأخرى حتى يتمكنوا من ضخ الموارد بسرعة في البلدان التي تحتاج إليها. أعلم أن هذا صعب حيث تجد الدول نفسها تزيد الإنفاق المحلي بمبالغ قياسية. لكن هذا الإنفاق سيكون بلا جدوى إذا لم نتحكم في الفيروس.

كما يمكن للمبادلات المنسقة بين البنوك المركزية أن تجلب السيولة إلى الاقتصادات الناشئة. ويجب تخفيف الديون أيضًا - بما في ذلك الإعفاءات الفورية على مدفوعات الفائدة لعام 2020.

ثالثًا، التعافي بشكل أفضل:

لا يمكننا ببساطة العودة إلى ما كنا عليه قبل حلول جائحة كوفيد-19، حيث المجتمعات معرضة بشكل غير ضروري للأزمة. لقد ذكّرنا الوباء بتفاقم أوجه عدم المساواة بين الجنسين، وأظهر الطريقة التي تم بها الحفاظ على الاقتصاد الرسمي على ظهر العمالة غير مدفوعة الأجر، وسلطت الضوء على التحديات المستمرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك وصمة العار والعنف ضد المرأة.

لقد حان الوقت لمضاعفة جهودنا لبناء اقتصادات ومجتمعات أكثر شمولاً واستدامة وأكثر مرونة في مواجهة الأوبئة وتغير المناخ والتحديات العالمية الأخرى. يجب أن يؤدي الانتعاش إلى اقتصاد مختلف، لتنفيذ خارطة الطريق الخاصة بنا - خطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة.

إن منظومة الأمم المتحدة معبأة بالكامل لدعم استجابات البلدان ووضع مواردنا تحت تصرف العالم والدعوة إلى وقف إطلاق نار عالمي.

إن إنهاء الجائحة في كل مكان هو ضرورة أخلاقية ومسألة ذات مصلحة مستنيرة. في هذه اللحظة غير العادية، لا يمكننا اللجوء إلى الأدوات المعتادة. لأن الأوقات غير العادية تتطلب إجراءات استثنائية. 
إننا نواجه اختبارًا هائلاً يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة ومبتكرة من الجميع للجميع.