في يوم 6 نيسان/ أبريل، تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام. يبرز هذا الاحتفال السنوي الذي أعلنته الدورة السابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 آب/ أغسطس 2013 (القرار 67/296)، قدرة الرياضة على دفع عجلة التغيير الاجتماعي والتنمية المجتمعية والبشرية وتعزيز السلام والتفاهم في البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية على حد سواء.
كانت الرياضة على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ عام 1993، عندما تبنت الجمعية العامة قراريها الأولين بهذا الشأن بعنوان "السنة الدولية للرياضة والمثل الأعلى الأوليمبي" (القرار 48/10) و"احترام الهدنة الأوليمبية" (القرار 48/11). تتبنى الجمعية كل عامين قراراً بشأن "الرياضة كعامل تمكين للتنمية المستدامة" وكل أربعة أعوام قراراً بشأن "بناء عالم سلمي أفضل من خلال الرياضة والمثل الأعلى الأولمبي" قبل دورة الألعاب الأولمبية وأولمبياد المعاقين.
كما تم الاعتراف بمساهمة الرياضة في الإعلان بشأن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 الذي تبنته الجمعية العامة في القرار 70/1 المؤرخ في 25 سبتمبر/ أيلول 2015، والذي يؤكد على أن "الرياضة أداة مهمة لتمكين التنمية المستدامة". ويعترف الإعلان أيضاً "بالإسهام المتنامي للرياضة في تحقيق التنمية والسلام من خلال تعزيزها للتسامح والاحترام والمساهمات التي تقدمها في تمكين النساء والشباب والأفراد والمجتمعات، فضلاً عن أهداف الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي".
من المؤسف أن الاحتفال هذا العام يأتي في أعقاب جائحة كوفيد-19 المدمرة، مع فرض ضغوط شديدة على أنظمة الصحة العامة وخدمات الطوارئ والاقتصاد العالمي. فقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأن "عالمنا يواجه تهديداً غير مسبوق والأمم المتحدة تواجه أحد أكبر التحديات في تاريخنا". كما تغير المشهد الرياضي العالمي بشكل كبير من اللعب خلف الأبواب المغلقة إلى إلغاء الفعاليات الرياضية مع تأجيل دورة طوكيو للألعاب الأوليمبية لعام 2020 حتى عام 2021. لقد هزت الجائحة العالم الرياضي حيث كان التباعد الاجتماعي الوسيلة الأفضل حتى الآن لحماية الذات والآخرين.
والآن أكثر من أي وقت مضى، يتعين علينا أن نحتفل باليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام وقوة الرياضة في تغيير العالم، كما ذكرّنا نيلسون مانديلا. إذا علمتنا الرياضة أي شيء، فهو أن العمل الجماعي ضروري وأننا معاً أقوى. وبنفس الطريقة، يتعين علينا أن نتغلب على جائحة كوفيد-19 إذا عملنا نحن وبقية العالم معاً. وعلى نحو مماثل، تشكل خطة التنمية المستدامة لعام 2030 مساراً إلى مستقبل مستدام للجميع ولا يترك أحد يتخلف عن الركب، في ظل مجتمعات سلمية وشاملة وكوكب صحي. لا يمكننا الوصول إلى تلك الغايات إلا من خلال العمل معاً.
وتؤدي الرياضة دوراً هاماً في مجال المناصرة لمكافحة انتشار الأمراض وإبراز أهمية التضامن الدولي. وفي أوقات الأزمات، يمكن أن يستهلكنا الخوف والقلق. ويبدو أننا وحدنا نستطيع أن نفعل أقل القليل ولكن بالعمل معاً نستطيع أن نفعل الكثير. على الرغم من أن الفعاليات الرياضية توقفت في الوقت الحالي إلا أن الرياضيين والمباريات الرياضية الكبرى والصغرى ومنظمات الرياضة المجتمعية تقدم رسائل إيجابية مما يربطنا ببعضنا البعض. فالرياضة تجمع الناس والمجتمعات معاً، وتساعدنا على إيجاد أرضية مشتركة بصرف النظر عن الانتماء العرقي أو الديني أو السياسي.

وفي سياق الجائحة العالمية، من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن منظمة الصحة العالمية تدعو إلى القيام بالنشاط البدني لمدة 30 دقيقة يومياً من أجل الحفاظ على الصحة وتعزيز جهاز المناعة ومكافحة الإجهاد والاكتئاب.
علاوة على ذلك، لا ينبغي أن ننسى أن الرياضة هي أداة متعددة الاستخدامات لمنع الصراع وبناء السلام لأنها تبني العلاقات عبر الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتخلق إحساساً بالهوية المشتركة والزمالة بين المجموعات التي قد تميل بخلاف ذلك إلى النظر إلى بعضها البعض بعدم الثقة والعداء. إن اللغة العالمية للرياضة تساعد في مكافحة التطرف ومنع التطرف العنيف الذي يفضي إلى الإرهاب. وهي أيضاً أداة قوية جداً للحوار والمصالحة.
ومع هذا التقدم الكبير الذي تحقق في السنوات القليلة الماضية، يتعين علينا أن نمضي قدماً. وبزيادة الوعي بدور الرياضة في الصحة والتنمية المستدامة والسلام، يمكن أن يساعد اليوم الدولي على زيادة التضامن العالمي المطلوب بشدة. إن الرياضة مجهزة بشكل فريد للتوحيد. فلديها لديها إمكانات غير محدودة لتحقيق الشفاء الإيجابي للعالم الذي نعيش فيه الآن والعالم الذي نبنيه للمستقبل. إن قوة الرياضة من الممكن أن تساهم أكثر من أي وقت مضى في الجهود العالمية الرامية إلى تحويل أهداف التنمية المستدامة إلى حقيقة واقعة.
تلتزم قطر، التي تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، بتقديم دورة مستدامة في كأس العالم وعرض الحلول المبتكرة. ويتم بذل الجهود في الواقع لمعالجة تغيّر المناخ ورفاهة العمال وحقوقهم والممارسات التجارية. وقد أكدت قطر في كثير من الأحيان عزمها على أن تفيد بطولة كأس العالم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالكامل وأن تدعم بشكل خاص الشباب الذين يحصلون على فرص التعليم والبحث والفرص الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والاقتصادية. وقد تم إطلاق عدد من المبادرات بغرض إفساح المجال لتحقيق هذه الإمكانات. على سبيل المثال، تستفيد مبادرة "الجيل المبهر" من قوة كرة القدم في حفز التغيير الاجتماعي وتفتيت الحواجز وزيادة القدرة على الوصول إلى الرياضة وتعزيز التكامل المجتمعي بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. فمن ساحل البرازيل الأطلسي إلى مرتفعات نيبال، تعمل مبادرة "الجيل المبهر" بالتعاون مع شركاء الأمم المتحدة والمجتمع المدني على بناء مرافق رياضية وإدارة برامج تركز على تنمية مهارات القيادة والمشاركة المدنية ورعاية المهارات المعيشية لآلاف الفتيات والفتيان في المجتمعات المحرومة.

كما ننظر إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم باعتبارها منصة داعمة للمجتمع الموهوب والمتنامي في مجال ريادة الأعمال والإبداع في المنطقة. ويتم تقديم التوجيه المالي والتقني من قبل خبراء عالميين لصغار رجال الأعمال لتطوير أفكار إبداعية وفعالة من حيث التكلفة بما في ذلك الإبداعات التي من شأنها أن تؤدي إلى نتائج أكثر استدامة في مراحل التصميم والبناء والتشغيل المتعلقة بتوفير البنية الأساسية في بطولة كأس العالم لكرة القدم. والأهم من ذلك، يقوم المنظمون، من خلال التعليم والبحث، بتنشيط القطاعات التي ستساهم في اقتصادات تطلّعية وأكثر تنوعاً في جميع أنحاء المنطقة. كما يجري تقديم تخصصات رائدة مثل علم النفس السلوكي باستخدام البحوث لتحسين العمليات ونتائج السياسات.
وتفخر موناكو بأن أميرها هو الأولمبي الوحيد الذي يشغل هذا المنصب. تمثل الرياضة جوهر هوية موناكو وأسلوب حياتها، وهو ما ينعكس في استضافتها للفعاليات الرياضية السنوية الكبرى بما في ذلك بطولة مونت كارلو ماسترز وسباق الفورمولا 1 غراند بريكس واجتماع سباقات المضمار والميدان واجتماع الاتحاد الدولي لألعاب القوى IAAF))، بالإضافة إلى مسابقات كرة القدم وكرة السلة والإبحار والعديد من المسابقات الأخرى ومئات الاتحادات الرياضية التي تضمن الوصول إلى النشاط البدني للجميع. ويشكل التعليم البدني ودروس السباحة جزءاً لا يتجزأ من المناهج الدراسية من التعليم الابتدائي إلى التعليم الثانوي.
الرياضة هي معادل مهم، حيث تنطبق القواعد نفسها على الجميع، وهي تحمل المُثّل والقيم، مثل القيم الأولمبية للتميّز والصداقة والاحترام. ومن خلال الروح الأوليمبية، يمثل كل أوليمبي وكل فرد ينتمي إلى الأسرة الأوليمبية رمزاً للوحدة ويتقاسم نفس الأحلام والطموحات والأخلاق.
ونحن نثني على اللجنة الأولمبية الدولية واللجان الأولمبية الوطنية البالغ عددها 206 واللجنة البارالمبية الدولية و182 لجنة أولمبية وطنية للمعاقين والاتحادات الرياضية الدولية والوطنية على قيادتها والشراكات التي طورتها في العديد من المجالات. ويتزايد إدماج الرياضة في الشراكات والمشاريع التي تضعها الصناديق والوكالات والبرامج المتخصصة التابعة للأمم المتحدة فضلاً عن أصحاب المصلحة الآخرين، بما في ذلك شركات القطاع الخاص.
يشكل الرياضيون في جميع أنحاء العالم مصدراً دائماً للإلهام من خلال عملهم الشاق وجهدهم الدؤوبة ومشاركتهم الجماعية. وهذه القيم أساسية لعملنا الجماعي للتغلب على الجائحة العالمية وآثارها الاقتصادية في جميع أنحاء العالم. إن للرياضة القدرة على إثراء حياتنا وتعزيز العلاقات السلمية بين الدول ونحن نشرع في جهودنا من أجل التعافي والعمل على تعزيز مجتمعنا العالمي.
دعونا نحتفل باليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام.
دعونا ندعم كل أولئك الذين يستخدمون الرياضة كقوة لدفع أهداف التنمية المستدامة والسلام والمجتمعات الشاملة والمساواة والفرص.
دعونا نتذكر، في هذا الوقت من الأزمة وعدم اليقين، القوة الموحدة الفريدة للرياضة وقدرتها على الإلهام وجلب الأمل وتحويل البشرية من خلال توحيدنا للعمل معاً.
وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.