عامل مزرعة دواجن يحمل كرتون بيض. هذه واحدة من العديد من مزارع الدواجن المشاركة في مشروع التعاون بين الجنوب والجنوب والذي يدعم تطوير تربية الدواجن.

لمحة تاريخية عن التعاون في ما بين بلدان الجنوب

مر العالم بتحول اقتصادي وسياسي كببير في العقدين الماضيين. وكانت هذه التغييرات، وخاصة في بلدان الجنوب، أسرع منها في أي وقت خلال حقبة مماثلة من تاريخ العالم. وقد اكتسبت العلاقات فيما بين بلدان الجنوب وبين بلدان الجنوب والشمال أبعادا جديدة تماما. وأصبحت بعض القضايا الراهنة الرئيسية مثل البيئة وتغير المناخ، والطاقة والأمن الغذائي، والفقر العالمي، والصلة بين النمو والعدل، والهجرة قضايا أكثر عالمية في طابعها اليوم مما هي قضايا تمس العلاقة بين بلدان الشمال والجنوب.

وقد كوّنت بلدان كثيرة في الجنوب قدرات مالية وتقنية كبيرة. وبدأت في تحويل بعض من هذه الموارد، بشروط تساهلية وغير تساهلية، إلى غيرها من بلدان الجنوب في سياق الأخذ بنهج شامل للجميع في إدارة المشاكل العالمية، لنشر منافع العولمة على نطاق واسع، وإنشاء أسواق جديدة، وبناء اساس أعرض للنمو الاقتصادي المستدام. واستنادا إلى تاريخ طويل من المساعدة والتعاون بأشكاله الأخرى فيما بين بلدان لجنوب، أصبحت عدة بلدان جنوبية في الأعوام الأخيرة شركاء هامين في التعاون الإنمائي. ومن الواضح أنه تجري بذلك إضافة بعد جديد إلى التعاون الإنمائي، ولا سيما بالنسبة لأفريقيا وبلدان الجنوب التي لا تزال محرومة بشكل خاص، وبصفة خاصة أقل البلدان نموا، والبلدان النامية غير الساحلية، والدول الجزرية الصغيرة النامية.

وأعادت الجمعية العامة التأكيد على كل تلك الجهود ومددتها في عام من خلال اعتماد جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة.

 

الأمم المتحدة ومد جسور التعاون

يعود تاريخ التعاون فيما بين بلدان الجنوب إلى عام 1949 عندما أُسس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أول برنامج أممي تقني للمعونة، وبإنشاء البرنامج الإنمائي في عام 1969. وفي عام 1978، عقد مؤتمر الجنوب العالمي في بوينس آيريس، واعتُمتدت فيخ خطة عمل بوينس آيريس لتنفيذ التعاون التقني بين البلدان النامية

وفي عام  1974، أيدت الجمعية العامة إنشاء وحدة خاصة ضمن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتعزيز التعاون التقني بين البلدان النامية. وكانت تلك الوحدة هي نواة مكتب الأمم المتحدة المعني بالتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي على الصعيد العالمي وعلى نطاق منظومة الأمم المتحدة.

وفي عام 1978، انعقد في الأرجنتين أول مؤتمر للأمم المتحدة للتعاون التقني في ما بين بلدان النامية. وسردت خطة عمل بوينس آيرس لتشجيع وتنفيذ التعاون التقني فيما بين البلدان النامية الأهداف الأساسية للتعاون التقني بين بلدان الجنوب، واعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 33/134 المؤرخ 19 كانون الأول/ديسمبر 1978.

أكد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بأقل البلدان نموا، الذي عقد في بروكسل خلال أيار/مايو 2001، أهمية التعاون فيما بين بلدان الجنوب على بناء القدرات وتعيين أفضل الممارسات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والتدريب والبيئة والعلم والتكنولوجيا والتجارة والاستثمار والتعاون في مجال النقل العابر.

قدم المؤتمر الدولي لتمويل التنمية، الذي عقد في مونتيري، المكسيك، خلال آذار/مارس 2002، التشجيع بوجه خاص إلى التعاون فيما بين بلدان الجنوب، بما في ذلك من خلال التعاون الثلاثي الأطراف، بغية تيسير تبادل وجهات النظر بشأن الاستراتيجيات والممارسات والخبرات الناجحة وتكرار نماذج المشاريع؛ وحث كذلك على تعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب في مجال تقديم المساعدة. وحصل بعد ذلك دفع قوي للتعاون في ما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي من خلال أطر عمل رئيسية من مثل برنامج عمل إسطنبول لعام 2011 لأقل البلدان نموا، وبرنامج عمل فيينا لعام 2014 للبلدان النامية غير الساحلية، وخطة عمال أديس أبابا لعام 2015 بشأن تمويل التنمية، وإطار عمل سينداي لعام 2015 للحد من مخاطر الكوارث، و اتفاق باريس لعام 2016 بشأن تغير المناخ.

واعتمد مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، الذي عقد في جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا، خلال آب/أغسطس 2002، إعلانا وخطة تنفيذية أيدا بوجه خاص التعاون فيما بين بلدان الجنوب واتخاذ إجراءات حاسمة على الصعيدين الإقليمي ودون الإقليمي.

وبهدف تعبئة الوعي العالمي بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب لأغراض التنمية الشاملة ودعمه، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 58/220 الصادر في 23 كانون الأول/ديسمبر 2003 يوم التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر بوصفه يوم الأمم المتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، على أن يُعقد أول يوم للأمم المتحدة من هذا القبيل في 19 كانون الأول/ديسمبر 2004. وقد عمل هذا الحدث منذ ذلك الحين بمثابة منصة نابضة بالحياة يحتفل المجتمع الدولي من خلالها بإنجازاته، ويتبادل منجزاته الإنمائية؛ ويستكشف طرقا جديدة للتعاون؛ وينشئ شراكات ابتكارية وشاملة؛ ويفتتح برامج تعاونية ملموسة لتحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية، وذلك في إطار ترتيبات التعاون فيما بين بلدان الجنوب، وفيما بين بلدان الشرق، وفيما بين بلدان الشرق والجنوب، وفما بين القطاعين العام والخاص، والترتيبات الثلاثية فيما بين بلدان الشمال والجنوب من ناحية وبلدان الجنوب والجنوب من ناحية أخرى.

وأحد أبرز المعالم في هذا الشأن هو اعتماد وثيقة نيروبي الختامية لمؤتمر الأمم المتحدة الرفيع المستوى المعني بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب الذي عقد في الفترة من 1 إلى 3 كانون الأول/ديسمبر 2009.

Peruan kids playing

وبعد اعتماد جدول أعمال التنمية 2030 في عام 2015، عقدت الجمعية العامة المؤتمر الثاني الرفيع المستوى بشأن التعاون بين بلدان الجنوب بمناسبة الذكرى السنوية الأربعين على اعتماد خطة عمل بوينس آيريس.

وفي مؤتمر الأمم المتحدة الرفيع المستوى الثاني المعني بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب الذي عقد في 2019، اعتمد زعماء العالم الوثيقة الختامية للمؤتمر التي تحث على تعاون أكبر نحو تحقيق التنمية المستدامة.