عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في آذار/ مارس 2022 فريقا متنوعا من الخبراء لمساعدة الجهات الفاعلة غير الحكومية - بما في ذلك الشركات والمستثمرين والمدن والأقاليم - "للوفاء بوعودهم فيما يخص صافي الانبعاثات الصفري. 

في إطار دعم دعوة الأمين العام لتقديم تعهدات صافي صفري أكثر جرأة تقابلها إجراءات ملموسة، تم تكليف فريق الخبراء الرفيع المستوى المؤلف من 18 عضوا والمعني بالالتزامات المتعلقة بصافي الانبعاثات الصفري للكيانات غير الحكومية - والذي يجمع خبراء من مختلف القطاعات بما في ذلك الشركات والبنوك ومراكز الفكر والأوساط الأكاديمية - بمهمة وضع قواعد أقوى وأكثر وضوحًا ومعايير لتقييم التزامات الجهات الفاعلة غير الحكومية للوصول إلى الصافي الصفري.

 

 
 

 

على الرغم من [عدد] التعهدات المتزايدة للعمل المناخي، فإن الانبعاثات العالمية بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق وتستمر في الارتفاع. لتجنب كارثة مناخية، نحتاج إلى تعهدات جريئة ولكن يقابلها عمل ملموس وقابل للقياس. قال الأمين العام، مشددًا على العمل الحاسم للفريق "يمكن أن يؤدي وضع معايير أكثر صرامة بشأن صافي الانبعاثات الصفري وتعزيز المساءلة حول تنفيذ هذه الالتزامات إلى تخفيضات حقيقية وفورية للانبعاثات.

بموجب اتفاق باريس التاريخي بشأن المناخ الذي تم اعتماده في عام 2015، وافقت البلدان على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية لتجنب أسوأ التأثيرات المناخية والحفاظ على كوكب صالح للعيش. اليوم، أصبح الكوكب أكثر دفئًا بنحو 1.2 درجة مئوية مما كان عليه في أواخر القرن التاسع عشر، وهو في طريقه إلى الاحترار بأكثر من ضعف الحد الأقصى البالغ 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن.

تقول رئيسة الفريق الوزيرة الكندية السابقة للبيئة وتغير المناخ كاثرين ماكينا، حول مسؤولية العمل: "لكن الأمر لا يتعلق بالحكومات فقط".

الأمر يتعلق بالجهات الفاعلة غير الحكومية. من هؤلاء؟ الشركات والبنوك [والمستثمرين] والمدن [و] الأقاليم. جميعهم يلعبون دورًا مهمًا بالفعل. وأعتقد أن هذه هي حقًا الرسالة المتعلقة بتغير المناخ التي نحتاج جميعًا إلى التفكير فيها، وهي أن اتفاقية باريس تتعلق بالبلدان، ولكن على الجميع العمل معًا حتى يتسنى لنا التأكد من أن لدينا كوكبًا آمنًا.

للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، يجب أن تتوقف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أولاً عن الارتفاع وأن تبدأ في الانخفاض بشكل عاجل، وأن تنخفض بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030، وأن تصل إلى الصافي الصفري بحلول عام 2050 - مما يعني الوصول بالانبعاثات إلى أقرب نقطة ممكنة من الصفر، والتأكد من امتصاص الانبعاثات المتبقية من الغلاف الجوي عن طريق مصارف الكربون في العالم مثل المحيطات والغابات.

"لذا إذا كنت شركة، وتقول " أيها العالم، سأكون صافي صفري بحلول عام 2050 "، فإن الناس يحتاجون إلى الإيمان بذلك. ولذا فالشيء الوحيد الذي يقلق الأمين العام بشأنه هو ما يسمى "التمويه الأخضر". يقوم الناس بإعلانات حول الالتزامات، وهي تبدو رائعة حقًا. ولكن إذا نظرت إلى الواقع، فليس هناك إجراءات، وعلى وجه الخصوص، ليس هناك إجراءات فورية".

في نهاية المطاف، يجب أن تكون جميع الالتزامات بالصافي الصفري، سواء كانت من الحكومات أو الشركات، طموحة وذات مصداقية، وتفي بأعلى معايير السلامة البيئية، وينتج عنها إجراءات ملموسة وقابلة للقياس، وتؤدي إلى تخفيضات حقيقية وفورية للانبعاثات.

"لعل الخبر السار بشأن تغير المناخ هو معرفتنا للكثير من الحلول، لكننا بحاجة للتأكد من أننا نتبناها. خذ فقط الطاقة المتجددة - نحن بحاجة إلى اتخاذ قرار. وفي الوقت الحالي، تمثل الحرب في أوكرانيا تحديًا كبيرًا. كما تعلم، كيف تتأكد من أنه بينما تبتعد الدول عن الغاز الروسي، فهي مجبرة على ايجاد خيارات أخرى، لكننا لا نريد تثبيت البنية التحتية للوقود الأحفوري. سيكون لهذا عواقب تجعل من المستحيل معالجة تغير المناخ وتلبية العلم وما يتطلبه ".

يعد الانتقال إلى عالم صافي انبعاثاته صفري أحد أكبر التحديات في عصرنا. ولن يتحقق ذلك سوى بتحول كامل في كيفية إنتاجنا واستهلاكنا وتنقلنا. قد يكون للحكومات نصيب الأسد من مسؤولية خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ولكن لكل فرد دور يلعبه لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ ووضع العالم على المسار نحو مستقبل أكثر أمانًا وصحة.

"بإمكاننا معالجة تغير المناخ، علينا فقط تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى الأشياء. علينا أن نتوقف عن النظر إليها على أنها مشكلة عام 2050. ويمكننا فعل ذلك. تقول ماكينا " الأمر لا يتعلق بي فقط، ولا يتعلق بفريق العمل [فريق الخبراء] فقط، ولا بالأمين العام  فقط، إنه يتعلق بإدراك الجميع أننا كلنا في هذا معًا ".

كجزء من جهوده ليكون شفاف وشامل، يسعى الفريق إلى استطلاع آراء الناس من جميع قطاعات المجتمع في جميع أنحاء العالم بشأن المجالات الحاسمة لتحسين مصداقية الالتزامات بالصافي الصفري وضمان السلامة البيئية - بما في ذلك وضع معايير واضحة وملموسة لأهداف خفض الانبعاثات، وقياسات الانتقال وآليات التحقق، وخطط التنفيذ للوصول إلى الصافي الصفري بحلول عام 2050 والسبل المؤدية إلى التنظيم. ستكون هذه الدعوة للحصول على مدخلات مكتوبة من الجمهور مفتوحة حتى نهاية أغسطس 2022.

تضيف ماكينا "ما الذي يجب أن يحدث حسب اعتقادك للتأكد من أن هذه الوعود ذات مصداقية ولكن أيضًا أنها ستثمر عملأ حقيقيا؟ هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها التوصل إلى توصيات قوية ستحدث فرقاً بالنسبة للأمين العام - وذلك بالاستماع للناس حول القضايا التي يهتمون بها والصلات بين القضايا ".