انصتوا. تعاطفوا. ولدوا الثقة.
ادعموا بعضكم البعض. ابحثوا عن الحلول سوياً.
نحن جميعاً ملك للزمن؛
لكن المستقبل فقط هو مستقبلنا
لنقم بانتهاك قدسيته.
الحاضر هو الماضي،
والماضي
هو مفسدة آبائنا​.

                              من قصيدة "نحن القبور الجوفاء"
                              دانييل ويليامز
                              شاعر ومحامٍ
                              سانت فنسنت وجزر غرينادين

 

منذ حوالي أربع سنوات، احتفلنا بانتصار كبير للتعددية - اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030. كانت العملية عالمية ومتكاملة وشاملة. من الواضح أننا نحتاج إلى وجود حوار بَنَّاء مستمر ونحن ننفذ خطة عام 2030.

 واليوم، من المثير للقلق أنَّه يجري التشكيك في التعددية في كثير من الأحيان. يتساءل الكثيرون عما إذا كان تحقيق هذه الخطة سيكون ممكنًا في الواقع السياسي الحالي. لكن هل نحن نطرح السؤال الصحيح؟ ربما يكمن الجواب على مخاوفنا وشواغلنا في تنفيذ خطة عام 2030 من خلال التعاون المتعدد الأطراف. وهذا هو السبب في أنَّ المنتدى السياسي الرفيع المستوى والذي يدور حول التنمية المستدامة لعام 2019، والذي انعقد تحت رعاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) في الفترة من 9 إلى 18 تموز/ يوليو، يمثل فرصة لتتبع مشاركتنا المتعددة الأطراف بشكل صحيح.

لقد كانت التعددية هي التي وفرت الظروف المواتية للنمو الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية. لقد كانت التعددية هي التي سمحت لنا بالوصول إلى هدف خفض الفقر المدقع إلى النصف بعد عام 2000. إن كل من تغير المناخ، والاضطراب الذي يمكن أن يصاحب التقدم التكنولوجي، وخطر الحرب النووية تعتبر التحديات الرئيسية في عصرنا. كما تحتاج قضايا اللاجئين والهجرة والتجارة إلى معالجة. كل هذه التحديات تتطلب حلولاً عالمية، والأمم المتحدة هي وحدها التي تسمح للجميع بإظهار وجهات نظرهم على الطاولة من أجل إيجاد مناهج مشتركة تسمح للمجتمع الدولي بمعالجة التهديدات المتزايدة لرفاهيتنا. يتعين علينا أن نبقي قنوات الحوار مفتوحة، الآن أكثر من أي وقت مضى. 

لذا، كيف يمكننا تعزيز تعددية الأطراف من أجل التنمية المستدامة؟ 

نحتاج إلى الوفاء بالتزاماتنا تجاه خطة عام 2030، والتي تعد أكثر الخطط التي اعتمدتها الأمم المتحدة طموحاً وعالميةً على الإطلاق. إن التمسك بمبادئ خطة عام 2030 أمر بالغ الأهمية لإيجاد الحل لأكثر تحدياتنا إلحاحًا. هذا العام، قام منتدى الشباب التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) باجتذاب أكثر من ألف شاب وشابة. لقد ناشدنا الكثيرون منهم أن نتوقف عن الإشارة إليهم بوصفهم قادة الغد لأنهم يقودون بالفعل اليوم.

 قبل عام، قابلت جوناثان ميندونكا، مهندس مدني يبلغ من العمر 25 عامًا من مومباي، الهند. منذ حوالي ثلاث سنوات، أسس جوناثان مؤسسة بيرفوت إيدو "Barefoot Edu Foundation"، وهي "منظمة شعبية ملتزمة بتحويل المساحات التعليمية إلى بيئات تعليمية محفزة، يتم وضعها في سياق المجتمعات التي تفتقر إلى الموارد". كان مشروعه المستقل الأول، ألا وهو إعداد مراكز أنغنواد للتعلم ""Preparing Anganwadis for Learning، كان يعد مبادرة تحسين على مستوى المنطقة التعليمية ساعدت أكثر من ألف معلم حكومي في مرحلة ما قبل المدرسة في بناء القدرات في مجال التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. تمكن جوناثان من الحصول على تمثيل وكذلك دعم متعدد المنظمات في محاولة للتصدي للتحديات التي تواجهها هذه المجموعة المحرومة وغير الممثلة بشكل خاص. وقد شارك في منتدى الشباب لهذا العام، حيث تواصل مع قادة الشباب الآخرين، وتبادل الأفكار وشارك تجربته.

جوناثان والكثير ممن تجمعوا في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في نيسان/ أبريل 2019، لا يتحدثون عن فشل الأنظمة المتعددة الأطراف. إنهم ما زالوا يؤمنون بالوعد الذي تمثله الأمم المتحدة. ومع ذلك، يقول الشباب، "نحن بحاجة إليكم لمساعدتنا في زيادة الحلول التي لدينا".  إنهم يطلبون منا الاستماع إليهم. ونحن بحاجة إلى القيام بذلك.

 يخلق المنتدى السياسي الرفيع المستوى مساحة للحوار الحقيقي ومنصة لتبادل المعرفة. لقد ألهمني الالتزام القوي الذي رأيناه من 102 دولة قدمت بالفعل مراجعات وطنية طوعية (VNRs)؛ ومن المقرر أن تقدم 40 دولة إضافية مراجعاتها الوطنية الطوعية في هذه السنة لأول مرة، و7 دول للمرة الثانية. في تموز/ يوليو، سيقوم المنتدى السياسي الرفيع المستوى، تحت رعاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC)، سيقوم باستعراض أهداف التنمية المستدامة بشأن الوظائف والنمو الاقتصادي؛ وعدم المساواة؛ وتغير المناخ؛ والتعليم؛ والسلام والعدالة والمؤسسات القوية؛ وبالطبع الشراكات العالمية؛ وسيتناول موضوع الشمولية والمساواة - وكلها موضوعات ذات صلة بالتصدي لبعض القضايا الملحة في عصرنا.

الصورة مقدمة من مؤسسة بيرفوت إيدو

 توفر ثروة المعلومات من هذه المراجعات دروسًا لتحقيق أهدافنا المشتركة وتعطي الزخم للمضي قدمًا. هناك العديد من الممارسات الجيدة والحلول التي يتم تنفيذها في جميع أنحاء العالم والتي يتم مشاركتها من خلال منصات المعرفة والآليات الأخرى لنقل التكنولوجيا والتمويل وتبادل المعلومات، بما في ذلك العديد منها على المستويات المحلية والإقليمية التي يمكن توسيع نطاقها أو تكرارها في أي مكان آخر. يتم حث المؤسسات المالية على تعبئة الموارد وإعادة توزيعها من أجل التنمية المستدامة بحيث يتم استخدامها بشكل أكثر فاعلية في مواجهة تحديات متعددة، مع فهم أنَّ الاستثمارات الأكثر ذكاءً وذات النظرة المستقبلية ستحقق أرباحًا على مدار السنوات القادمة. إن الابتكارات التكنولوجية، التي يتم تطبيقها في الأطر المؤسسية التي تدعم المساواة وتمكين جميع الشعوب، ستعزز بلا شك تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وتمنحنا الأمل في مستقبل جماعي أفضل.

ولا يزال المجتمع المدني، مع العديد من منظماته الشعبية، في طليعة التنفيذ. يجب على القادة تشجيع الحلول المحلية وتعزيز مشاركة من هم على الأرجح غير مسموعين.

  إننا نحقق تقدماً. هناك العديد من الأشخاص الذين يعيشون الآن أفضل مما كانوا عليه قبل 10 سنوات فقط. بعد أربع سنوات من اعتماد خطة عام 2030، نعلم أن العديد من الحكومات تضع أهداف التنمية المستدامة في صميم خططها الإنمائية وتقوم بتوحيد سياساتها ومؤسساتها وراء الأهداف. ومع ذلك، تقوم مجموعة عالمية متنامية من البيانات والإحصاءات والمعرفة العلمية، تقوم بالكشف عن الحاجة إلى بذل جهد أكبر بكثير لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان عدم تخلف أحد عن الركب. نحتاج إلى بذل المزيد من الجهد، وبسرعة أكبر، لتحويل العالم بحلول عام 2030. ولا يزال بإمكاننا تحقيق الأهداف إذا قمنا بتصحيح كبير للمسار.

   يقوم الشباب في منتدى الشباب التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) والذين يقومون بالمسيرات في جميع أنحاء العالم، يقومون بتحذيرنا من أننا نعيش حياتنا كما لو أنَّ لدينا موارد غير محدودة. إنهم يقولون لنا إن رفاهية الأجيال المقبلة تقع مسؤوليتها على عاتقنا. إنهم قلقون من أن تتحمل تلك الأجيال عبء الخيارات غير الحكيمة التي نتخذها اليوم. ومع ذلك، وفقًا لأستاذ جامعة هارفارد والمؤلف الشهير ستيفن بينكر، الذي خاطب المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) في وقت سابق من هذا العام، "لا يوجد حد للتحسينات التي يمكن أن نحققها إذا واصلنا تطبيق المعرفة لتعزيز الازدهار البشري".

 يقوم المنتدى السياسي الرفيع المستوى، الذي سيجتمع أيضًا تحت رعاية الجمعية العامة على مستوى القمة في أيلول/ سبتمبر 2019، يقوم بتوفير فرصة مثالية للتقييم وتطبيق المعرفة ومعالجة الحلول وتحفيز العمل من أجل تنفيذ خطة عام 2030. ستكون فرصة لإعادة تأكيد التزامنا بالتعاون العالمي لتهيئة الظروف للسلام والتنمية المستدامة، لأنه لا يمكن أن نحصل على أي منهما إلا إذا كان لدينا كلاهما.

 في كتابه الأخير، المعنون " إجابات مختصرة عن الأسئلة الكبيرة"، أوضح عالم الرياضيات الراحل ستيفن هوكينج: "عندما نرى الأرض من الفضاء، نرى أنفسنا ككل. نرى الوحدة وليس الانقسامات. إنها صورة بسيطة مع رسالة مقنعة؛ كوكب واحد، وجنس بشري واحد." توفي ستيفن هوكينج في أوائل عام 2018، ولكن ليس قبل أن يكتب، "آمل أنه ونحن نمضي قدماً ... يمكن للأشخاص ذوي القوة أن يظهروا الإبداع والشجاعة والقيادة. اسمحوا لهم بالارتقاء إلى مستوى التحدي المتمثل في أهداف التنمية المستدامة، والعمل على تحقيقها ... أنا مدرك تمامًا قيمة الوقت. انتهزوا الفرصة. تحركوا الآن."

 إن شعوب العالم تراقبنا وهم يعتقدون أنه يمكننا القيام بعمل أفضل. إنهم أيضًا يطلبون منا أن نتحرك الآن!

 

وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إن الآراء التي يعبر عنها المؤلفون الأفراد، وكذلك الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول رسمي من قِبل الأمم المتحدة.