1 شباط/فبراير 2023

تزدهر الحياة حيثما تلتقي الأرض بالماء. توجد الأراضي الرطبة في كل ركن من أركان هذا الكوكب الجميل وغالباً ما يشار إليها باسم شرايين الأرض وأوردتها. تمثل الأراضي الرطبة المهيبة والقوية مشهداً يستحق المشاهدة. إنها تدعم النظم الإيكولوجية الحيوية والتنوع البيولوجي؛ في الواقع 40 في المئة من جميع أنواع النباتات والحيوانات تعيش أو تتكاثر في الأراضي الرطبة. وهي بالغة الأهمية للزراعة ومصائد الأسماك. إنها تعمل كمصادر للمياه ومنقيات، وتحمي شواطئنا. تعد الأراضي الخثية الرطبة أكبر مخازن الكربون الطبيعية على كوكب الأرض.

وعلى الرغم من أهميتها، فإن ما يقرب من 90 في المئة من الأراضي الرطبة في العالم قد تدهورت أو فُقدت حتى الآن، ونحن نفقد الأراضي الرطبة بمعدل أسرع ثلاث مرات من معدل فقدان الغابات. لذلك، هناك حاجة ملحة لرفع مستوى الوعي العالمي بشأن الأراضي الرطبة لعكس فقدانها السريع وتشجيع استعادة هذه النظم البيئية الحيوية والحفاظ عليها.

تم الاحتفال باليوم العالمي للأراضي الرطبة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار 317/75 المؤرخ في 30 آب/ أغسطس 2021، في يوم 2 شباط/ فبراير من كل عام لزيادة الوعي وزيادة فهم الناس للأهمية الحاسمة للأراضي الرطبة. وكان اعتماد القرار لحظة هامة بالنسبة لاتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها موئلاً للطيور المائية (اتفاقية رامسار)، حيث أكد من جديد أن الأراضي الرطبة تشكل أهمية حاسمة بالنسبة للشعوب والطبيعة وأنها ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة. تشكل الاتفاقية جزءاً من عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية (2021-2030)، الذي يرتبط بأهداف التنمية المستدامة ويهدف إلى توسيع نطاق إصلاح النظم الإيكولوجية للأراضي الرطبة المتدهورة أو المدمرة. ويهدف العقد أيضاً إلى استخدام الاستعادة لمعالجة القضايا المتعلقة بأزمة المناخ، والأمن الغذائي والمائي، وفقدان التنوع البيولوجي والعناصر الأخرى التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من أهداف التنمية المستدامة.

ولهذا السبب فإن موضوع الاحتفال لعام 2023 باليوم العالمي للأراضي الرطبة هو "حان وقت استعادة الأراضي الرطبة". ومع بقاء سبع سنوات فقط لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فإن الوقت يشكل أهمية بالغة. ولذلك فإن عقد إصلاح النظم الإيكولوجية يمثل فرصة عظيمة لإعادة التفكير في كيفية تأثير البشر على البيئة وفرصة لاستعادة النظم الإيكولوجية الحيوية مثل الأراضي الرطبة. ومن خلال تنشيط مجموعة متنوعة من اللاعبين من عامة الناس إلى أصحاب المصلحة الرئيسيين، فإننا نقوم بحشد جيل كامل من أجل الاستعادة.  

وفي المؤتمر الرابع عشر للأطراف المتعاقدة في اتفاقية رامسار، الذي عقد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، كرمت الأمانة 25 مدينة جديدة باعتماد "مدينة الأراضي الرطبة" اعترافاً بالأعمال التي اضطلع بها رؤساء البلديات في تلك المدن من أجل المحافظة على الأراضي الرطبة داخل المدن أو استعادتها. وتوفر هذه المناطق الحضرية الفريدة خدمات بيئية حيوية للأشخاص والطبيعة. ومن المحتمل أن تشكل الاتجاهات الحالية في المستوطنات البشرية تهديدات رئيسية لحفظ الأراضي الرطبة واستخدامها بحكمة. تزداد التنمية مع نمو المدن، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأراضي والاتجاه نحو التعدي على الأراضي الرطبة. وفي كثير من الحالات، اعتبرت الأراضي الرطبة بمثابة أراضي مهدرة ومن ثم فإنها تتحول لأغراض أخرى بما في ذلك استخدامها كمكبات للنفايات. 

الدكتورة موسوندا مومبا، الأمينة العامة لاتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية خاصة باعتبارها موطناً للطيور المائية (اتفاقية رامسار). حقوق الصورة لاتفاقية رامسار (Ramsar).

وفي مؤتمر الأطراف المتعاقدة، تم منح جائزة رامسار للمحافظة على الأراضي الرطبة (Ramsar Wetlands Conservation Award) لأربعة أفراد يتخذون إجراءات لا تصدق للحفاظ على الأراضي الرطبة واستعادتها. ومن بين المتلقين البارزين فرناندا صامويل، وهي شابة من أنغولا قادت عملية إصلاح نظام إيكولوجي لغابات المانغروف، حيث حشدت العديد من الشباب الآخرين داخل مجتمعها المحلي لتحقيق ذلك الهدف. وقد أسهمت جهود الحفظ التي تقودها السيدة صامويل في تحسين سبل معيشة مجتمعات الصيد وألهمت المزيد من الأفراد بمن فيهم رواد الأعمال وممثلي الحكومة المحلية والمسؤولين على أعلى مستوى في حكومة أنغولا للانضمام إليها. 

كجزء من حملتها، أقنعت السيدة صموئيل العديد من رواد الأعمال بوقف الأنشطة الإنشائية التي تضر بأشجار المانغروف وشجعت الحكومة المحلية على إعادة التفكير في منح التصاريح لبناء البنية التحتية في مناطق المانغروف. ومن خلال هذا العمل، تمكنت من منع تدمير أكثر من 17,000 هكتار من أشجار المانغروف لبناء الموانئ والمصانع لدعم صناعة النفط. وبمساعدة أكثر من 4,500 متطوع، تمت استعادة ما يقدر بـ 3000 هكتار من أشجار المانغروف من خلال حملات التنظيف وإعادة التحريج المنظمة. ونتيجة لهذه الانشطة، شهدت المجتمعات المحلية عودة الطيور المهاجرة فضلاً عن الأسماك والقشريات والرخويات التي تدعم مجتمعات الصيد المحلية. كما ألهمت السيدة صموئيل نائب رئيس أنغولا بالموافقة بشكل مشترك على تحدٍ لزراعة ما يصل إلى مليون من أشجار المانغروف على طول الساحل الأنغولي. 

تتحدث قصة السيدة صامويل عن أهمية ومكانة الناس العاديين الذين يتخذون إجراءات غير عادية داخل مجتمعاتهم. ندعو جيلاً كاملاً إلى العمل بثلاث طرق محددة في اليوم العالمي للأراضي الرطبة لعام 2023:

خيارات واعية لتقليل تأثيرنا على الأراضي الرطبة.

أصوات مقنعة لتثقيف الآخرين وتنشيطهم ليشاركوا في استعادة الأراضي الرطبة.

اتخاذ إجراءات جريئة والمشاركة في جهود استعادة الأراضي الرطبة محلياً.

إن الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرون يشكلون عوامل تمكين حاسمة في جعل استعادة الأراضي الرطبة تحدث على أرض الواقع. وهناك ثلاثة إجراءات يمكنهم اتخاذها لقيادة عملية الاستعادة تتضمن ما يلي:

  • عمل جرد وطني للأراضي الرطبة.
  • تحديد أهداف محددة لاستعادة الأراضي الرطبة.
  • تعزيز الاستخدام الحكيم والممارسات الإدارية الجيدة.

من خلال هذه الجهود، ستعالج الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرون العديد من القضايا المتعلقة بخطة التنمية المستدامة لعام 2030 حيث تستفيد الأراضي الرطبة من الحلول الفعالة من حيث التكلفة والقائمة على الطبيعة لتوفير الفوائد البيئية والاجتماعية والاقتصادية للناس والطبيعة. يتم تناول مجموعة متنوعة من النظم البيئية للأراضي الرطبة على نطاق واسع في أهداف التنمية المستدامة. ومع ذلك، ونظراً لأن الحفظ والاستعادة مهمان بالنسبة للأراضي الرطبة الآن أكثر من أي وقت مضى، فمن المهم أن تركز البلدان على التقييمات المستندة إلى الأهداف لتحسين فهم وظائف الأراضي الرطبة في مناخ متغير ولأجل التنمية المستدامة. ولتنفيذ هذه الخطوات، يجب أن يكون كل فرد في المجتمع جزءاً من الحل. 

 

 

وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.