في كانون الأول/ ديسمبر 2017، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يعلن تحديد يوم 21 آب/ أغسطس يوماً دولياً لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم (A/RES/72/165). لقد كانت مناسبة بالغة الأهمية لمناصري ضحايا الإرهاب وجزءاً من سلسلة من التطورات على المستوى الدولي والإقليمي والوطني والتي أظهرت أن الدعم المقدم للضحايا قد تجاوز أخيراً التضامن الرمزي نحو وضع مبادرات تركز على العمل بشكل أكبر لدعم حقوق الإنسان الخاصة بهم وتلبية احتياجاتهم.
إن اليوم الدولي يكفل أن نتوقف كل عام لكي نفكر في التزامنا بدعم ضحايا الإرهاب ونتذكره ونعيد تأكيده وهم يشكلون مجموعة تشعر في كثير من الأحيان بالتهميش والإهمال. وفي أعقاب الهجمات مباشرة، غالباً ما يكون هناك فيض من الأسى والتعاطف والتضامن مع الضحايا مما قد يعطي الانطباع بأن احتياجاتهم تتم تلبيتها. لسوء الحظ، هذا ليس هو الحال دائماً. وفي دورة الأخبار السريعة الوتيرة اليوم، يتضاءل الاهتمام الإعلامي بالضحايا بسرعة مع التركيز بشكل أكبر على مرتكب الهجوم. ويعني هذا الاختلال أن العديد من الضحايا لا أسماء لهم، ولا وجوه لهم ودون منصة تسعى إلى تحقيق العدالة والاعتراف والدعم.
على الرغم من التقدم الجيد الذي أحرزناه في السنوات الأخيرة في الدفاع عن ضحايا الإرهاب، لا يزال يتعين على الدول الأعضاء القيام بالكثير من العمل لضمان إعطاء الأولوية لاحتياجات الضحايا وحقوقهم. يتلقى العديد من الضحايا العلاج والمشورة والتعويض في حالات الطوارئ في أعقاب الهجوم مباشرة ولكن الوقوع ضحية للإرهاب له عواقب طويلة الأمد يمكن أن يتردد صداها عبر الأجيال. ويدعو القرار 305/73 للجمعية العامة المؤرخ في حزيران/ يونيو 2019 الدول الأعضاء إلى وضع خطط وطنية لتقديم المساعدة إلى الضحايا تلبي احتياجاتهم الطويلة الأجل من الإغاثة وإعادة التأهيل وتراعي المنظور الجنساني. يبحث مكتبي في كيفية تفعيل هذه الدعوة من خلال دعم جهود الدول الأعضاء لتقديم تحسينات حقيقية ومستدامة في تلبية الاحتياجات طويلة الأجل للضحايا وعائلاتهم. على سبيل المثال، نحن نعمل مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والاتحاد البرلماني الدولي لوضع أحكام قانونية نموذجية لضمان تكريس حقوق الضحايا واحتياجاتهم في الأطر القانونية الوطنية. وهذه خطوة هامة إلى الأمام في جهودنا لتمكين الضحايا من المشاركة في العمليات القضائية، والحصول على فرص أفضل للحصول على الخدمات الطبية الأساسية (بما في ذلك الخدمات النفسية الاجتماعية) والحصول على جبر الضرر والتعويضات الكافية.
أضافت جائحة كوفيد-19 طبقة جديدة من التعقيد والقلق لضحايا الإرهاب. وقد يجد العديد من الضحايا أن التهديدات التي تولدها الجائحة قد تؤدي إلى ردود فعل مؤلمة مماثلة لتلك المرتبطة بهجوم إرهابي بما في ذلك تحطيم شعورهم بالأمان والحماية. وفي الوقت نفسه، هناك شواغل من أن الدول الأعضاء، بتركيزها المفهوم على مكافحة الجائحة، قد حولت اهتمامها ومواردها بعيداً عن حماية الضحايا ودعمهم وتذكرهم. وكان لهذا تأثيراً ضاراً على قدرة الضحايا على الوصول إلى العدالة والدعم القانوني والمالي والنفسي الاجتماعي المتاح لهم.

لا يزال مكتبي يقف إلى جانب ضحايا الإرهاب، لا سيما خلال هذا الوقت العصيب، وقد طالبنا الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات ملموسة لضمان أن تظل حقوق الضحايا واحتياجاتهم من الأولويات. ومع ذلك فقد سمعنا من شركائنا وخاصة جمعيات الضحايا، أن الضحايا يخشون أن يُنسوا وأن أصواتهم تنحى جانباً. ولهذا السبب، فإن الاحتفال باليوم الدولي الثالث في 21 آب/ أغسطس 2020 سيركز على تكريم من فقدوا أرواحهم وتذكر من نجوا. في الوقت الذي تم فيه إلغاء العديد من احتفالات الذكرى والنصب التذكارية أو نقلها عبر الإنترنت مما يحرم الضحايا من الدعم الشخصي والراحة التي تشتد الحاجة إليها، سيكون اليوم الدولي فرصة للعالم للالتقاء والتضامن مع جميع الضحايا والناجين.
إن علينا واجباً أخلاقياً ومسؤولية أن نبني على التقدم المحرز في السنوات الأخيرة ونزيد من دعمنا لضحايا الإرهاب ولا سيما في أوقات الأزمات. وعلى الصعيد الدولي، يمكن ملاحظة هذا التقدم في القرار 305/73 الذي تم تبنيه العام الماضي والذي يدعو إلى تعزيز التعاون الدولي لدعم ضحايا الإرهاب. كما يعترف بالدور الحيوي الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في دعم تعافي الضحايا والذي تعطل للأسف بسبب الجائحة مع نضوب التمويل وتعليق الخدمات أو نقل تقديمها عبر الإنترنت. لضمان حصول الضحايا على دعم جيد أثناء وبعد أزمة كوفيد-19، يجب اتخاذ إجراءات حاسمة على الصعيدين الدولي والوطني والجمع بين موارد وخبرات الدول الأعضاء والقطاع الخاص والمجتمع المدني بما في ذلك جمعيات الضحايا منظمات حقوق الإنسان والأوساط الأكاديمية. تعتبر مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب، وهي مبادرة لأكثر من 40 بعثة دائمة للدول الأعضاء لدى الأمم المتحدة في نيويورك وإنشاء وحدة المجتمع المدني في مكتبي - مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب - مثالين جيدين على هذا التعاون المعزز.
قد تهيمن آفة مرض كوفيد-19 الجديدة على العناوين الرئيسية اليوم ولكن التحديات العالمية مثل الإرهاب تستمر في تدمير الأرواح والمجتمعات. نحن مدينون لكل ضحية وناجِ من الإرهاب لحماية وتعزيز حقوق الإنسان الخاصة بهم وتضخيم أصواتهم والحفاظ على كرامتهم حتى يتمكنوا من الشفاء والتعافي وإعادة بناء حياتهم. على الرغم من التحديات العديدة التي نواجهها خلال هذه الأوقات المضطربة، فإن دعم الضحايا وتذكرهم سيظل دائماً على رأس أولويات مكتبي والأمم المتحدة بأسرها. ولا يمكننا أن نعمل من أجل تعزيز السلام وخلق عالم بدون آفة الإرهاب إلا بالاعتراف بالأثر الإنساني المأساوي والمدمر للإرهاب.
وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.