
للأدوات الرقمية - بما فيها الذكاء الاصطناعي – إمكانات هائلة في مجالات مثل تعزيز التحقيقات، وتوسيع نطاق الوصول إلى العدالة، والمساعدة على منع الجريمة والإرهاب. ويمكن، إذا استُخدمت بشكل مسؤول، أن تعزّز فعالية المؤسسات الشرطية في مختلف أنحاء العالم وأن تحسّن شفافيتها ومساءلتها.
موضوع عام 2025: الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في العمل الشرطي
يُحيي فريق الأمم المتحدة العامل المشترك بين الوكالات والمعني بالشرطة اليوم الدولي للتعاون بين أجهزة الشرطة، مسلِّطًا الضوء على الإمكانات التحويلية التي ينطوي عليها الذكاء الاصطناعي وسائر تكنولوجيات الاتصال والمعلومات في ميدان إنفاذ القانون.
يتجاوز العمل الشرطي في العصر الرقمي حدود شوارع المدن، لتطغى عليه الجرائم الميسّرة بالوسائط الإلكترونية، وهو ما يقتضي تحليل كم هائل من الأدلة الرقمية في قضايا معقدة عابرة للحدود، تتداخل فيها الجرائم الواقعة على الأرض مع الجرائم المرتكبة عبر الإنترنت.
وتتحول أدوات الذكاء الاصطناعي وسائر التكنولوجيات الرقمية، حين تقع في أيدي جهات خبيثة، إلى وسائل متطورة لارتكاب الجرائم وإيقاع الأذى على نطاق واسع. ويستغل المجرمون المنصات الرقمية والاتصالات المشفَّرة وأدوات إخفاء الهوية لاقتراف جرائم كالاحتيال، والاتجار بالبشر، واستغلال الأطفال جنسيا وإساءة معاملتهم، والعنف القائم على نوع الجنس، والاتجار بالمخدرات، ومخططات تجنيد الإرهابيين والمتطرفين العنيفين، والتدفقات المالية غير المشروعة. ومع تعاضد هذه الأنشطة مع التكنولوجيا الحديثة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، تغدو أسرع انتشارًا وأشد خطورة وأكثر مراوغة من أي وقت مضى.
وفي المقابل، أدت الرقمنة إلى توسيع نطاق استخدام التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة في قطاع العدالة الجنائية. ويساعد توظيفها أجهزة الشرطة على توجيه الموارد المحدودة وتعزيز سرعة استجابتها. كما يمكن للوظائف الأساسية للعمل الشرطي – الوقاية والتقصي والتحقيق والمقاضاة – أن تترسخ بأنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل تعقُّب الأنشطة المالية المشبوهة، وتحسين النظم البيومترية لتحديد هوية المشتبه فيهم بدقة أكبر، وتيسير المراقبة الموجَّهة.
ويتيح الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا الحديثة فرصًا لتقليص مخاطر إعادة إيذاء الضحايا، أو السقوط في براثن الفساد، أو ممارسة التعذيب، أو إساءة استعمال السلطة، من خلال رقمنة السجلات، واعتماد المراقبة المرئية الروتينية للممارسات الشرطية، وتسجيل إفادات الضحايا والشهود والمشتبه فيهم أو المتهمين. كما يعزز توفير الخدمات الإلكترونية والاتصال الرقمي الواسع فرص الوصول إلى المعلومات القانونية وخدمات إنفاذ القانون، مما يرسّخ المساواة في الوصول إلى العدالة للجميع، بمن فيهم أولئك الذين يقيمون في مناطق نائية عن خدمات الشرطة.
ومع ذلك، لا يخلو دمج الذكاء الاصطناعي وسائر التكنولوجيا الحديثة في بيئة إنفاذ القانون من مخاطر تتعلق بالشفافية والانحياز والدقة والموثوقية، وانعكاساتها على حقوق الإنسان، ولا سيما في مجالي الخصوصية وحماية البيانات. ويظل إنفاذ القانون الفعّال رهين ثقة الجمهور، الأمر الذي يقتضي معالجة هذه المخاوف عبر عمليات شفافة وشاملة تصون السلامة العامة، وتكفل احترام حقوق الإنسان، وتعزز شرعية الشرطة، وتضمن الالتزام بسيادة القانون.
ويزداد الاهتمام الدولي، في ظل هذه التعقيدات، بضمان توظيف التكنولوجيا دعمًا للعدالة الجنائية مع التحوّط لمخاطرها المحتملة على حقوق الإنسان، وبخاصة في المؤسسات الشرطية وأجهزة إنفاذ القانون. وفي هذا السياق، شدد إعلان كيوتو على أهمية الاستفادة من الرقمنة في جعل أنظمة العدالة الجنائية أكثر فاعلية ومساءلة وشفافية وشمولًا واستجابة، محذرًا في الوقت نفسه من سوء استخدام هذه التكنولوجيا، وداعيًا إلى ضمانات فعالة تحول دون إساءة استعمالها.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في آذار/مارس 2024 القرار 78/265 بشأن "انتهاز الفرص التي تتيحها نظم الذكاء الاصطناعي المأمونة والآمنة والجديرة بالثقة من أجل التنمية المستدامة"، داعية الدول الأعضاء إلى تطوير نظم ذكاء اصطناعي تراعي القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. كما أسهمت قرارات أخرى، منها 77/320 بشأن أثر التغير التكنولوجي المتسارع، و78/132 بشأن تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أجل التنمية المستدامة، و79/172 بشأن حقوق الإنسان في إدارة شؤون العدالة، في رسم الإطار الأشمل لضمان التطوير والاستخدام المأمونين للذكاء الاصطناعي.
وأبرز القرار 78/311 على وجه الخصوص الحاجة إلى تعاون دولي لبناء قدرات عالمية في مجال تطوير واستخدام نظم ذكاء اصطناعي مأمونة وآمنة وجديرة بالثقة. ويظل التعاون بين الدول الأعضاء ومختلف أصحاب المصلحة – من القطاع الخاص والمنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمجتمعات التقنية – أمرًا حيويًا لضمان استخدام هذه التكنولوجيا بما يتوافق مع حقوق الإنسان.
ويتوافق إحياء اليوم الدولي للتعاون الشرطي لعام 2025 تحت شعار "الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في العمل الشرطي" مع اعتماد الجمعية العامة مؤخرًا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، وهي أول معاهدة شاملة على الصعيد العالمي تتيح للدول اتخاذ تدابير متعددة لمنع الجرائم السيبرانية والتصدي لها، بما في ذلك تعزيز التعاون في ميدان إنفاذ القانون.
ويدعو فريق الأمم المتحدة العامل المشترك بين الوكالات والمعني بالشرطة إلى اغتنام هذه المناسبة لتطوير الاستراتيجيات التي تعزز التعاون الدولي بين مؤسسات إنفاذ القانون حول العالم، بما يمكّنها من تسخير فوائد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على نحو يصون حقوق الإنسان، ويعزز سيادة القانون، ويلتزم بالمعايير القانونية الدولية الراسخة.
الوثائق الأساسية
- قرار الجمعية العامة بإعلان اليوم الدولي (A/RES/77/241)
- قرار مجلس الأمن 1325 (2000) بشأن المرأة والسلام والأمن
الموارد
تعريف بالفريق العامل المشترك بين الوكالات المعني بالشرطة
أنشأت اللجنة التنفيذية للأمين العام الفريق في عام 2021، وتشارك في رئاسته إدارة عمليات السلام ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ويضم 16 كيانًا من كيانات الأمم المتحدة.
ويُعزز الفريق الاتساق بين كيانات الأمم المتحدة على الصعيد الاستراتيجي، إذ يضع السياسات، ويُنسق التخطيط، ويعبّئ الموارد، ويُطلق الحوار مع الكيانات المعنية الأخرى وأصحاب المصلحة.
ويصون الفريق الحقوق الأساسية للأفراد ويقوي العقد الاجتماعي مع المجتمعات التي يعمل فيها أفراد الشرطة التابعون للأمم المتحدة، وكذلك مع مجتمعاتنا الوطنية. وتُسهم كيانات الأمم المتحدة مجتمعةً في مجال الشرطة في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجريمة والفساد، وإعادة إرساء مبادئ العدالة وصونها.


