مقدمة
ربما يمثل عدم الإنصاف أخطر مشكلة في التعليم في جميع أنحاء العالم. وهي مشكلة لها أسباب متعددة، وتشمل عواقبها الاختلافات في الوصول إلى التعليم والاستمرار به، والأهم من ذلك، التعلّم. على الصعيد العالمي، ترتبط هذه الاختلافات بمستوى التنمية في مختلف البلدان والمناطق. في الدول الفردية، يرتبط الوصول إلى المدرسة، من بين أمور أخرى، بالرفاهية العامة للطلاب، وأصولهم الاجتماعية وخلفياتهم الثقافية، واللغة التي تتحدثها عائلاتهم، وسواء كانوا يعملون خارج المنزل أم لا، وفي بعض البلدان يعتمد الأمر على جنسهم. على الرغم من أن العالم قد أحرز تقدمًا في كل من الأعداد المطلقة والنسبية للطلاب المسجلين، فإن الفروق بين الأغنى والأفقر، وكذلك أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية والحضرية، لم تتضاءل.
1 هذه الارتباطات لا تحدث بشكل طبيعي. إنها نتيجة الافتقار إلى السياسات التي تعتبر الإنصاف في التعليم وسيلة رئيسية لتحقيق مجتمعات أكثر عدلاً. وقد أدت الجائحة إلى تفاقم هذه الاختلافات، ويرجع ذلك أساسًا إلى حقيقة أن التكنولوجيا، التي هي وسيلة الوصول إلى التعليم عن بُعد، تفرض طبقة أخرى من عدم الإنصاف، من بين العديد من الطبقات الأخرى.
أبعاد عدم الإنصاف التعليمي
في جميع أنحاء العالم، هناك 258 مليونًا، أو 17 في المئة من الأطفال والمراهقين والشباب في العالم، خارج المدرسة. النسبة أكبر بكثير في البلدان النامية: 31 في المئة في أفريقيا جنوب الصحراء و21 في المئة في آسيا الوسطى مقابل 3 في المئة في أوروبا وأمريكا الشمالية.2 أما التعلّم، الذي يمثل الغرض من التعليم، فوضعه أسوأ. على سبيل المثال، قد يستغرق الطلاب البرازيليون البالغون من العمر 15 عامًا فترة 75 عامًا، وفقًا لمعدل تحسنهم الحالي، للوصول إلى متوسط درجات الدول الأكثر ثراءً في الرياضيات، وأكثر من 260 عامًا في القراءة.3 تكون نتائج التعلّم داخل البلدان، كما تم قياسها من خلال الاختبارات الموحدة، دائمًا تقريبًا أقل بكثير بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في فقر. في المكسيك، على سبيل المثال، 80 في المئة من أطفال السكان الأصليين في نهاية المرحلة الابتدائية لا يحققون المستويات الأساسية في القراءة والرياضيات وسجلوا درجات أقل بكثير من المتوسط لطلاب المدارس الابتدائية.4
سبب عدم الإنصاف التعليمي
هناك العديد من التفسيرات لعدم الإنصاف التعليمي. ومن وجهة نظري، أهم تلك التفسيرات هي:
1. الإنصاف والمساواة ليسا نفس الشيء. تعني المساواة توفير نفس الموارد للجميع. يعني الإنصاف إعطاء المزيد من الموارد لمن هم في أمس الحاجة إليها. البلدان التي تعاني من قدر أكبر من عدم الإنصاف في نتائج التعليم هي أيضًا تلك التي توزع فيها الحكومات الموارد وفقًا للضغوط السياسية التي تتعرض لها في مجال توفير التعليم. تأتي هذه الضغوط من العائلات التي التحق الوالدان فيها بالمدرسة، والتي تقطن في المناطق الحضرية، وتنتمي إلى الأغلبية الثقافية ولديها تقدير واضح لفوائد التعليم. يأتي ضغط أقل بكثير من المناطق الريفية والسكان الأصليين أو من المناطق الحضرية الفقيرة. في هذه البلدان، يتم تخصيص موارد أقل بما في ذلك البنية التحتية والمعدات والمعلمين والإشراف والتمويل للمحرومين والفقراء والأقليات الثقافية.
2. يشكل المعلمون عوامل رئيسية للتعلّم. ويعد تدريبهم أمراً بالغ الأهمية. عندما يتم إعطاء أولوية غير كافية لتدريب المعلمين المبتدئين أو منْ هم في الخدمة، أو لكليهما، يمكن للمرء أن يتوقع تقصيراً في التعلّم. يميل المعلمون في المناطق الفقيرة إلى الحصول على تدريب أقل وتلقي دعم أقل أثناء الخدمة.

3. معظم البلدان متنوعة للغاية. عندما يكون المنهج مثقلًا ويكون هو نفسه للجميع، فإن بعض الطلاب، بشكل عام من المناطق الريفية أو الأقليات الثقافية أو الذين يعيشون في فقر، لا يجدون معنى يذكر فيما يتم تدريسه. يتعلم الطلاب أقل بكثير ويتسربون من المدرسة في وقت مبكر عندما تختلف لغة التدريس عن لغتهم الأم.
4. يواجه الطلاب المحرومون في كثير من الأحيان مواقف غير ودية أو مسيئة بشكل علني من كل من المعلمين وزملائهم في الفصل. هذه المواقف مشتقة من الأفكار المسبقة والقوالب النمطية والعنصرية الصريحة والتمييز على أساس الجنس. يتأثر الطلاب الذين يدرسون في بيئات معادية في استعدادهم للتعلّم ويتسرب الكثير منهم من المدرسة مبكرًا.
لا يجب أن يكون الأمر هكذا
يبدو أن أنظمة التعليم محكوم عليها بإعادة إنتاج الظلم الاجتماعي والاقتصادي عندما تُترك عملية صنع القرار للسير بالقصور الذاتي. إن التزام الحكومات والمجتمعات بالإنصاف في التعليم ضروري وممكن. هناك العديد من الأمثلة على أنظمة تعليمية أكثر إنصافًا في العالم، وهناك العديد من الأمثلة دون الوطنية للسياسات الناجحة التي تعزز الإنصاف في التعليم.
لماذا يعتبر الإنصاف في التعليم مهماً؟
التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان. وأكثر من ذلك، فهو حق تمكيني بمعنى أنه، عند احترامه، يسمح بإعمال حقوق الإنسان الأخرى. لقد أثبت التعليم أنه يؤثر على الرفاهية العامة والإنتاجية ورأس المال الاجتماعي والمواطنة المسؤولة والسلوك المستدام. ويسمح توزيعه بشكل منصف بإنشاء مجتمعات قابلة للاختراق حيث تسمح بالتنقل بين الطبقات والإنصاف. تتضمن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة، والذي يهدف إلى ضمان "تعليم جيد شامل ومنصف وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع". مئة وأربعة وثمانون دولة ملتزمة بتحقيق هذا الهدف خلال العقد المقبل.5 لقد بدأت عملية السير على هذا الطريق معًا وتتطلب زخمًا للاستمرار، خاصة الآن حيث يجب أن نواجه العواقب المدمرة لجائحة طويل الأمد. إن تحقيق مزيد من التقدم هو أمر حاسم للبشرية.
ملاحظات
1منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، التعليم الشامل. للجميع يعني للجميع، التقرير العالمي لرصد التعليم 2020 (باريس، 2020)، صفحة 8. متاح على الرابط التالي: https://en.unesco.org/gem-report/report/2020/inclusion.
2 المرجع نفسه، صفحتي 4، 7.
3 مجموعة البنك الدولي، تقرير التنمية في العالم لعام 2018: تعّلم تحقيق وعد التعليم (واشنطن العاصمة، 2018)، صفحة 3. متاح على الرابط التالي: https://www.worldbank.org/en/publication/wdr2018.
4 Instituto Nacional para la Evaluación de la Educación, "La educación obligatoria en México", Informe 2018 (Ciudad de México, 2018)، صفحة 72. متاح على الإنترنت على الرابط التالي: https://www.inee.edu.mx/wp-content/uploads/2018/12/P1I243.pdf.
5 منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، "إعلان وإطار عمل إنشيون لتنفيذ الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة" (2015)، صفحة 23. متاح على الرابط التالي: https://iite.unesco.org/publications/education-2030-incheon-decisions-framework-action-towards-inclusive-equitable-quality-education-lifelong-learning/.
وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.