
أحث الدول على أن تتخذ خطوات ملموسة، بمشاركة كاملة من المنحدرين من أصل أفريقي ومجتمعاتهم، للتصدي لأشكال التمييز العنصري القديمة والجديدة؛ وأن تفكك أسس العنصرية الهيكلية والمؤسسية المتجذرة.
الأمم المتحدة تبدأ دفعا عالميا لتحقيق المساواة بتدشين العقد الدولي الثاني للمنحدرين من أصل أفريقي
في لحظة مفصلية من مسيرة السعي إلى المساواة على الصعيد العالمي، اعتمدت الجمعية العامة في كانون الأول/ديسمبر 2024 قرارا جديدا دشنت به العقد الدولي الثاني للمنحدرين من أصل أفريقي. ويمتد هذا العقد من 1 كانون الثاني/يناير 2025 إلى 31 كانون الأول/ديسمبر 2034، ويحمل موضوعا رئيسا هو: «المنحدرون من أصل أفريقي: الاعتراف، العدالة والتنمية». ويُراد منه إبراز أهمية الاعتراف بحقوق المنحدرين من أصل أفريقي وإسهاماتهم.
وانطلاقا مما تحقق في العقد السابق، تسعى هذه المبادرة إلى تعزيز الجهود العالمية من أجل تحقيق العدالة والتنمية لهؤلاء السكان. وبالتشجيع على التعاون بين الحكومات والمنظمات والمجتمعات، يتطلع العقد الدولي الثاني إلى إقامة مستقبل أكثر إنصافا، مستقبل تُعترف فيه حقوق المنحدرين من أصل أفريقي وتُصان وتُحتفى بها.
تكريم إسهامات الشتات الأفريقي
شكّل عام 2024 العام الأخير من العقد الدولي للمنحدرين من أصول أفريقية، وهي مبادرة دشنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بالمنحدرين من أصل أفريقي في الأميركيتين بوصفهم جماعة متميزة ينبغي صون حقوقهم الإنسانية. ومن خلال هذه المناسبة، ترمي الأمم المتحدة إلى إبراز الإسهامات الاستثنائية للشتات الأفريقي في شتى أنحاء العالم وإلى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المنحدرين من أصل أفريقي.
وتجسد الأيام الدولية القيم المشتركة بين المجتمعات. فجميع البشر يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولهم القدرة على الإسهام في رخاء مجتمعاتهم ورفاهها. وأي عقيدة تزعم تفوّق عرق على آخر هي عقيدة زائفة علميا، مدانة أخلاقيا، جائرة اجتماعيا وخطرة، ولا بد من رفضها إلى جانب النظريات التي تزعم وجود أعراق بشرية متمايزة.
وتدين الأمم المتحدة بشدة استمرار الممارسات العنيفة والاستخدام المفرط للقوة من جانب أجهزة إنفاذ القانون ضد الأفارقة والمنحدرين من أصل أفريقي، كما تدين العنصرية البنيوية في أنظمة العدالة الجنائية في العالم. وتعترف المنظمة أيضا بأن تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي كانت من أحلك فصول التاريخ الإنساني، وتؤكد صون الكرامة الإنسانية والمساواة للضحايا الذين قاسوا الرق وتجارة الرقيق والاستعمار، ولا سيما المنحدرين من أصل أفريقي في الشتات.
العقد الدولي للمنحدرين من أصول أفريقية (2015-2024)
يُراد من العقد الدولي الاحتفاء بالإسهامات المهمة للمنحدرين من أصل أفريقي في جميع أنحاء العالم، والنهوض بسياسات العدالة الاجتماعية والإدماج، والقضاء على العنصرية والتعصب، وتعزيز حقوق الإنسان، والإسهام في بناء مجتمعات أعدل وأكثر ازدهارا، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة التي تتصدرها الأمم المتحدة.
التقدم المحرز والتحديات
مثّل عام 2024 نهاية العقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي. ورغم ما تحقق من تقدم على الصعد التشريعية والسياساتية والمؤسسية، فإن هؤلاء السكان ما زالوا يقاسون أشكال التمييز العنصري المتعددة والمتشابكة، وما زالوا عرضة للتهميش والإقصاء. وفي عام 2020، أي بعد مرور خمس سنوات على انطلاق العقد، كشفت جائحة كوفيد-19 عن مدى الحاجة الملحّة إلى معالجة أوجه اللامساواة البنيوية والعنصرية الممنهجة في ميدان الصحة. وظل غياب الاعتراف عقبة كبرى تحول دون تمتع المنحدرين من أصل أفريقي بحقوق الإنسان على نحو كامل وفعال.
وشكّل عام 2020 أيضا منعطفا في أسلوب التعاطي مع هذه القضايا على المستويين الدولي والوطني. فقد أثارت جريمة قتل جورج فلويد موجة احتجاجات ضد العنصرية والتمييز العنصري، وأطلقت نقاشات عالمية مهمة عن العدالة العرقية. وفي 19 حزيران/يونية 2020، اعتمد مجلس حقوق الإنسان قرارا عن «تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفارقة والمنحدرين من أصل أفريقي في مواجهة الاستخدام المفرط للقوة وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون». وبموجب هذا القرار، قدمت المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى المجلس في دورته السابعة والأربعين جدولا نحو تغيير تحويلي لتحقيق العدالة العرقية والمساواة.
وأخذت المجتمعات في مختلف أنحاء العالم تدرك على نحو متزايد الدور الذي تضطلع به العنصرية البنيوية في تغذية أوجه اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقد حظرت عدة دول التنميط والتمييز العنصري، واستحدثت سياسات لتعزيز حقوق وخيارات المنحدرين من أصل أفريقي.
كما عجّلت الحكومات في بذل الجهود لجعل المنحدرين من أصل أفريقي أكثر حضورا في الإحصاءات الرسمية، بغية معالجة المظالم التاريخية وردم الفجوات في الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والفرص.
ولا بد من اتخاذ مزيد من التدابير وإبداء الإرادة السياسية وتخصيص الاستثمارات من أجل وضع حد لأوجه اللامساواة وضمان تمكين المنحدرين من أصل أفريقي تمكينا كاملا.
السكة السرية إلى الحرية عبر شلالات نياقارا
يتناول هذا العدد من برنامج «عدسة عالمية» الدور المحوري الذي أدته «سكة الإنقاذ السرية» في ترسيخ المقاومة للأفارقة الأميركيين، ويحتفي بشجاعة أولئك الذين خاطروا بأنفسهم لمساعدة غيرهم على الفرار، بمن فيهم الأسطورية هارييت تَبمَن.
ويظهر في هذه الحلقة التربوي والكاتب والمدافع عن حقوق الإنسان صلاح الدين الله، وهو من أحفاد رائد هذه السكة السرية جوزياه هنْسَن، الذي استُوحيت من حياته رواية «كوخ العم توم» للكاتبة هارييت بِتشر ستاو. ويعمل صلاح الدين مرشدا متخصصا في مركز التراث الخاص بسكة الإنقاذ السرية في شلالات نياجارا، حيث يروي بشاعريته الفذة رحلة لا تُنسى عبر التاريخ الأفريقي الأميركي، مذكّرا بأننا جميعا نضطلع بدور في صياغة وعي الأجيال المقبلة. فبالتعليم وسرد الحقائق التاريخية وحدهما يمكن إدراك أخطاء الماضي، والمضي نحو عالم أعدل.