13 أيار/ مايو 2022
 

ونحن نقترب من الذكرى السنوية الثلاثين للسنة الدولية للأسرة (1994)، التي سنحتفل بها في عام 2024، تقوم شعبة التنمية الاجتماعية الشاملة التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة (DISD/UNDESA) باستكشاف التوجهات الكاسحة، بما في ذلك التغيرات في التكنولوجيا والهجرة والتحضر، فضلاً عن التحولات الديموغرافية وتغيّر المناخ، وتحليل تأثيراتها على الأسر والتوصية بسياسات سريعة الاستجابة وموجهة نحو الأسرة. إن التوسع الحضري المستدام مع الإسكان ميسور التكلفة، المحدد في هدف التنمية المستدامة (SDG) 11، يشكل أساساً لتكوين الأسرة والحياة الأسرية والذي يؤثر على صحة ورفاه أفراد الأسرة. وفي هذا السياق، يركز الاحتفال باليوم الدولي للأسر في عام 2022 في 15 أيار/ مايو على التوسّع الحضري ويهدف إلى زيادة الوعي بأهمية جعل المدن شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة للأسر.

التحديات

وفقاً لتقرير إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية (UNDESA)، توقعات التوسع الحضري في ‏العالم: تنقيح عام 2018، يعيش نصف سكان العالم الآن في المناطق الحضرية. وبحلول عام 2050، سيكون ثلثا سكان العالم من سكان المدن. وكان انتقال السكان إلى المناطق الحضرية مدفوعاً بتحسين فرص العمل والتعليم، فضلاً عن تحسين الفرص الثقافية والترفيهية. ولكن التوسع الحضري السريع غير المستدام كثيراً ما أسفر عن الفقر الحضري المتزايد الذي يؤثر بشكل غير متناسب على الأسر والأطفال. وعلى أقصى تقدير، يقدر أن نحو 300 مليون نسمة من سكان الأحياء الفقيرة في العالم هُم من الأطفال. وكثيراً ما تكون خدمات التعليم والغذاء والخدمات الصحية غير ميسورة التكلفة ولا يمكن للأسر الوصول إليها ولا سيما بالنسبة لمن يعيشون في فقر أو مع أفراد أسرهم المسنين أو المعوقين؛ ويعمل معظمهم في الاقتصاد غير الرسمي دون شبكات أمان اجتماعية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة على الصعيدين المحلي والوطني، فإن الاسكان الميسور التكلفة يصبح سريعاً بعيد المنال للأسر المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل. وعلى الصعيد العالمي، يعيش حوالي 70 في المئة من الأسر المعيشية في ظل أوضاع سكنية غير مستقرة. والواقع أن الإسكان ذاته أصبح سلعة وليس حقاً من حقوق الإنسان.

الحلول، بما في ذلك إجراءات الأمم المتحدة وتسليط الضوء على دور شعبة التنمية الاجتماعية الشاملة (DISD)

يذكرنا الاحتفال باليوم الدولي للأسر هذا العام بالتعاضد والتركيز على التوسع الحضري المستدام حتى يتسنى للأسر أن تتحمل تكاليف الإسكان اللائق وأن تتمتع بالمساحات العامة حيث يمكن لكل الأجيال أن تتفاعل. ألن يساعد المنظور الأسري في تصميم المدن للمقيمين من كل الأعمار وتلبية احتياجاتهم؟ والأسر بحاجة إلى الحصول على سكن لائق، ومياه الشرب النظيفة، والصرف الصحي، وبيئات معيشية خالية من التلوث، ووسائل النقل العام، والصحة، والتعليم، والثقافة، والسلامة، والمساحات الخضراء والعامة.

منطقة عشوائية حضرية في هانوي، فييت نام. وفقاً للبنك الدولي، يعيش أكثر من 13 في المئة من سكان فييت نام وربع سكان العالم، أي ما يقرب من 2 مليار نسمة، على 1.25 دولاراً أو أقل يومياً. 2011، UN Photo/Kibae Park

تدعم منظومة الأمم المتحدة التنمية الحضرية المستدامة التي تفيد الأسر في جميع أنحاء العالم. ويعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) من أجل مستقبل حضري أفضل. وتتمثل مهمته في تعزيز التنمية المستدامة اجتماعياً وبيئياً للمستوطنات البشرية وتحقيق المأوى الملائم للجميع. تسعى استراتيجية الأمم المتحدة على نطاق المنظومة بشأن التنمية الحضرية المستدامة إلى مساعدة الدول الأعضاء في الاستثمار في التنمية الحضرية المستدامة من أجل تحقيق خطة عام 2030 من خلال التنفيذ التعاوني  للخطة الحضرية الجديدة، وهي وثيقة عملية المنحى تحشد الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة الآخرين لدفع التنمية الحضرية المستدامة على المستوى المحلي. وهي تتصور أن تكون المدن والمستوطنات البشرية تشاركية، وتعزز المشاركة المدنية، وتعطي الأولوية للمساحات العامة الخضراء والجيدة التي تكون ملائمة للأسر وتعزز التماسك الاجتماعي.

ومن جانبها، تدعم شعبة التنمية الاجتماعية الشاملة (DISD) الخطة الحضرية الجديدة وتدعو إلى تضمين منظوراً مشتركاً بين الأجيال في تصميم مدن ملائمة للأسرة. ويحتاج الأطفال والشباب إلى بيئة حضرية آمنة للذهاب إلى المدرسة بأمان والوصول إلى الملاعب الآمنة وفرص الترفيه بما في ذلك المرافق الرياضية. تحتاج جميع الأجيال، بما في ذلك كبار السن والشباب، وكذلك الأشخاص ذوو الإعاقة والأسر التي لديها أطفال إلى وسائل نقل وتنقل يسهل الوصول إليها. وقد أخذت النُهُج الجديدة المشتركة بين الأجيال في التخطيط الحضري تكتسب المزيد من التأييد، حيث يقوم مخططو المدن، بدعم من المجتمعات المحلية، بتصميم مواقع مشتركة بين الأجيال، بما في ذلك المدارس ودور التقاعد التي بنيت على مقربة من بعضها البعض، حتى يتسنى للأجيال أن تتفاعل وتشعر بأنها جزء من مجتمع أكبر.

ونؤكد أيضاً على أهمية الجهود الشعبية، ولا سيما المبادرات المحلية المستدامة. وفي هذه الحالة، فإن الميزانية التشاركية أساسية، مما يسمح لسكان المدن بالتصويت لصالح مشاريع تحسّن المعيشة الحضرية، مثل بناء الملاعب والمكتبات العامة والبنية الأساسية العامة للمرافق. ومن المشجع أن 96 مدينة استخدمت حتى الآن منهجيات التخطيط القائمة على المشاركة وجمعت بيانات مكانية لزيادة التماسك الاجتماعي بين مجتمعات المهاجرين والمشردين والمجتمعات المضيفة.

منظر للشقق والشرفات ليلاً. 2014، Pexels

وتدعم الشعبة التي أتولى قيادتها البحوث وتقدم توصيات في مجال السياسة العامة دعماً للخطة الحضرية الجديدة. وفي إطار الاحتفال هذا العام باليوم الدولي للأسر، سوف نقوم بإطلاق ورقة معلومات أساسية بعنوان "الهجرة والتوسع الحضري والبعد الأسري"، والتي من شأنها أن تقدم منظوراً عائلياً بشأن التوسع الحضري جنباً إلى جنب مع التوصيات السياسية. وتناقش الورقة إشكالية أن الأسر ينبغي أن تكون في مركز سياسات الأسكان. وينبغي أن تركز الحلول الطويلة الأجل لأزمة الإسكان الميسور التكلفة للأسر على زيادة فرص الإسكان الميسور التكلفة للأسر المنخفضة الدخل وإعادة إحياء الأحياء السكنية المتعثرة وتعزيز نمو فرص العمل.

كما تدعم شعبة التنمية الاجتماعية الشاملة (DISD) المبادرات المجتمعية المدنية مثل إعلان البندقية بشأن المدن الشاملة للأسر المستدامة، وهو يهدف إلى تعبئة المشاريع المحلية ويدعو، ضمن أمور أخرى، إلى وضع ترتيبات معيشية مشتركة بين الأجيال مع توفير الخدمات المشتركة وتلبية احتياجات الذين يعيشون في أوضاع هشة، بما في ذلك الأسر الوحيدة الوالد(ة) والأسر الكبيرة والأسر المهاجرة. وقد التزم الموقعون بتقديم تقرير للرصد يتضمن معلومات عن التقدم المحرز في تنفيذ الإعلان. ومنذ بدء المشروع في عام 2018، انضمت إلى المشروع 86 مدينة و42 منطقة وإقليم.

خاتمة

إن التعافي المستدام الشامل والأخضر هو الطريق إلى الأمام من التأثيرات السلبية المترتبة على جائحة كوفيد-19. وتتصور الأمم المتحدة، من خلال خطتها الحضرية الجديدة، المدن ذات المساحات العامة الخضراء والنوعية الجيدة التي تكون صديقة للأسر وتعزز التفاعلات الاجتماعية والجماهيرية بين الأجيال. والأسر كما تعرفّها مجتمعات السكان الأصليين، وتأثير التحضر على أسلوب حياتهم وأراضيهم، هي موضوعات توليها شعبة التنمية الاجتماعية الشاملة (DISD) اهتماماً خاصاً. وستواصل الشعبة دعمها لهذه الرؤية الواسعة لمنظومة الأمم المتحدة وستواصل توعية الجمهور وصناع السياسات حتى لا تغيب عن بالهم احتياجات الأسر والناس من جميع الأجيال في التنمية الحضرية المستدامة. احتفالاً باليوم الدولي للأسر، ندعو إلى اتخاذ إجراءات لجعل المدن أكثر ملاءمة للعيش وخضراء ومستدامة لجميع الأجيال. ولتحقيق هذه الغاية، ندعو أيضاً إلى إقامة شراكات طويلة الأجل بين القطاعين العام والخاص للاستثمار في الإسكان الميسور التكلفة، والبنية الأساسية، والمساحات الخضراء العامة لكل الأسر الحضرية في مختلف أنحاء العالم.

  
وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.