أحصت منظمة الأمم المتحدة للتربية، والعلم، والثقافة، "اليونسكو"، أن أكثر من 1.5 مليار طالب في 165 دولة اضطروا للانقطاع عن الذهاب للمدارس والجامعات جراء جائحة فيروس كورونا المستجد. وأجبرت الجائحة الهيئات الأكاديمية حول العالم على اكتشاف أنماط جديدة للتعلم والتعليم، ومنها التعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد.

وتعتبر هذه التجربة بمثابة تحدي للطلاب والمعلمين، الذين صاروا مضطرين للتعامل مع الصعوبات العاطفية، والجسدية، والاقتصادية، التي فرضتها الجائحة، مع التزامهم بدورهم للحد من انتشار الفيروس.

ويبقى المستقبل غير واضح أمام الجميع، وخاصة لملايين الطلاب الذين تخرجوا هذه السنة، فيما ينتظرهم عالم شُلت حركته اقتصادياً إثر الجائحة.

وضمن سلسلة جائحة فيروس كورونا والتعليم العالي، تتواصل "الأمم المتحدة للأثر الأكاديمي" مع الطلاب، والمعلمين، والباحثين، في مختلف أنحاء العالم لمعرفة أثر كورونا المستجد عليهم، وكيفية تأقلمهم مع التغيرات التي طرأت على العالم. وتسلط السلسلة الضوء أيضاً على الدروس المستنبطة والنتائج الإيجابية المحتملة للحظر العالمي على التعاليم العالي.

إحياء لليوم العالمي للغة الإسبانية، ولاكتشاف تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد على الكليات والجامعات، استضافت "منظمة الأمم المتحدة للتأثير الأكاديمي" حلقة نقاشية عبر الويب باللغة الإسبانية، في الثالث عشر من أبريل، تحت عنوان "التجاوب الأكاديمي مع كورونا: سَوياً في سبيل العلم، والتكاتف، وإيجاد الحلول"، وذلك بمشاركة أكثر من 70 جامعة من دول عدة منها أمريكا اللاتينية، وفرنسا، وإسبانيا، واليابان.

وخلال الحلقة النقاشية، تطرقت وزيرة الدولة الإسبانية للشؤون الخارجية، ولإيبيرو-أمريكا، ومنطقة البحر الكاريبي، كريستينا جالاتش إلى العلاقة بين الحرية والدراسات الأكاديمية، والبحث، والابتكار. تقول جالاتش "ما الذي سيحررنا خلال الأزمات؟ العلم والبحث. لا شيء سوى تكاتف جهودنا سيجعلنا نفوز بالمعركة. هذا هو الأهم حالياً أكثر من أي وقت مضى".

وأضافت جالاتش خلال خطابها كمتحدثة رئيسية في الحلقة النقاشية "علينا استغلال هذه الفرصة لتعزيز فكرة العيش المشترك، إذ أننا لا نتشارك أزمة فقط، بل أيضاً الكوكب الذي نعيش فيه، وقيمنا". ونوهت جالاتش إلى أهمية التعاون الأكاديمي، والمساعدة متعددة الأطراف في سبيل تخطي الصعاب التي فرضتها جائحة كورونا، والمساهمة في إيجاد الفائدة للجميع.

وفي السياق نفسه، شدد الممثل الدائم لجمهورية تشيلي في الأمم المتحدة ميلينكو سكوكنك على أن فيروس كورونا لا يميز بين حدود، ولا جنس، ولا حالة الفرد الاجتماعية، وبالتالي يحتاج إلى تجاوب عالمي. يقول سكونك "يجب علينا العمل معاً لإيجاد حلول تساعدنا في مواجهة الجائحة. لا يمكن للجهود أن تكون فردية".

وأوضح سكونك أن مهارات التكاتف والتعاون التي يتعلمها الطلاب في التعليم العالي والجامعات ستساعد بتشارك المعرفة من خلال المواد والصفوف المفتوحة، والبحوثات المشتركة، بالإضافة لإيجاد طرق تعليم بديلة ومبتكرة. يقول سكونك "نحتاج إلى أدوات وطرق جديدة لنشر المعرفة".

وشرح رئيس قسم السياسات التعليمية في "اليونسكو" في أمريكا اللاتينية والكاريبي فرانسيسك بيدرو النتائج التي تضمنها تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، بعنوان "كوفيد-19 والتعليم العالي: اليوم وغداً"، والذي يسلط الضوء على تأثير جائحة كورونا على الجامعات، خاصة وأن الجائحة أثرت سلباً على عدة قطاعات منها التعليم العالي، كما قال بيدرو.

وعلى الرغم من محاولة المؤسسات التعليمية متابعة مسؤولياتهم في التعليم، إلا أن ثلث الطلاب والمعلمين لم تتوفر لديهم شبكة الإنترنت، مما عرقل نجاح النقلة المؤقتة للتعليم الإلكتروني، بحسب ما ذكره بيدرو في الحلقة النقاشية. واقترح بيدرو ضرورة تلقي الجامعات الدعم التكنولوجي، والمادي، والمعنوي للطلاب والهيئة التعليمية، كما أشار إلى إمكانية الاستفادة من الأزمة الحالية لبناء الجامعات على أسس الجودة والمساواة.

وفي ختام حديثه، نوه بيدرو "على الرغم من أن الحدود بين الدول مغلقة حالياً، إلا أن أفق المعرفة وحدودها ستظل مفتوحة"، وأضاف "يجب على الجامعات، حتى في ظل هذه الظروف، إقامة مبادرات عالمية فيما يتعلق بالتعليم والبحوثات".

أما بالنسبة لأعضاء منظمة "الأمم المتحدة للتأثير الأكاديمي" المشاركين في الحلقة النقاشية، فأثاروا مخاوفهم من الفجوة الرقمية، والتي تتضمن مصاعب الوصول للإنترنت، والنقص في المعلومات، مما يشكل تحدياً لملايين الطلاب، وخاصة في أمريكا اللاتينية.

وتمحورت بعض المواضيع الأخرى التي طرحها متحدثون آخرون في الحلقة النقاشية عن علاقة فكرة المواطنة المعولمة بالعيش المشترك، ودور الأكاديميين بتعزيز وترويج الفكرتين. كما تم التطرق إلى أثر كورونا السلبي على برامج تبادل الطلبة والمعلمين، ونوقشت أيضاً بعض البحوثات المشتركة حول الموضوع.

المصادر: