شعار احتفالية 2025: من العلم إلى العمل العالمي
قبل أربعين عاما، التأمت الدول تحت مظلة اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون، وأجمعت على تنفيذ تدابير لحفظ البشر والكوكب من الأشعة فوق البنفسجية الضارة المتدفقة عبر طبقة الأوزون المعرّضة للتلف.
وقد تحقق النجاح. فاستنادا إلى ما استجد من معطيات علمية، اُعتمد بروتوكول مونتريال، وبدأ التخلص التدريجي من مركبات الكلوروفلوروكربون – وهي مواد كيميائية مصطنعة استُخدمت في التبريد والمرشات الهباء الجوي وإنتاج الرغوة – مما أتاح لطبقة الأوزون أن تشرع في التعافي.
وفي هذا العام، يُحتفى بـ اليوم الدولي لحفظ طبقة الأوزون تمجيدا لهذا الإنجاز التاريخي وتطلعا إلى أربعين عاما أخرى من العمل. ويظل بروتوكول مونتريال واتفاقية فيينا أداتين رئيستين لرصد مستويات الأوزون والأشعة فوق البنفسجية، وكذلك المواد المستنفدة للأوزون وغيرها من المواد الكيميائية مثل مركبات الكربون الهيدروفلورية (وهي غازات دفيئة) الجاري التخلص التدريجي منها بموجب تعديل كيغالي.
لقد جسدت معاهدات الأوزون بحق مفهوم الانتقال من العلم إلى العمل العالمي، وستظل تجسده لسنوات طوال مقبلة.
لمحة
تبيّن أن عددا من المواد الكيميائية الشائعة الاستخدام يسبب أضرارا بالغة لطبقة الأوزون. فالهالوكربونات مركّبات كيميائية ترتبط فيها ذرات الكربون بذرات من الهالوجين (الفلور، الكلور، البروم أو اليود). وغالبا ما يكون للهالوكربونات المحتوية على البروم قدرة أكبر بكثير على استنزاف الأوزون مقارنة بتلك التي تحتوي على الكلور. وأهم المواد الكيميائية المصطنعة التي أمدّت طبقة الأوزون بالكلور والبروم المستنزِفين هي بروميد الميثيل، وكلوروفورم الميثيل، ورابع كلوريد الكربون، وفئات من المواد الكيميائية المعروفة باسم الهالونات، ومركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs)، والهيدروكلوروفلوروكربون (HCFCs).
اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون
أفضت التأكيدات العلمية عن استنزاف طبقة الأوزون إلى أن تقرر الجماعة الدولية إنشاء آلية للتعاون وصون الطبقة. وقد تُوج ذلك باعتماد اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وتوقيعها من جانب 28 دولة في 22 آذار/مارس 1985. وفي أيلول/سبتمبر 1987، أفضى ذلك إلى صياغة بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون.
بروتوكول مونتريال
الغاية الرئيسة من بروتوكول مونتريال هي صون طبقة الأوزون بتنفيذ تدابير للحد من الإنتاج والاستهلاك العالميين الكليين للمواد المستنزِفة لها، على أن يكون الهدف النهائي هو القضاء عليها، استنادا إلى ما يستجد من معارف علمية ومعلومات تِقانية.
وينظم البروتوكول عمله وفقا لعدة مجموعات من المواد المستنزِفة للأوزون، مصنّفة بحسب الأسر الكيميائية، ومُدرجة في ملاحق نص البروتوكول. ويتطلب البروتوكول ضبط ما يقرب من مئة مادة كيميائية في عدة فئات. ولكل مجموعة أو ملحق من المواد، يحدد الصك جدولا زمنيا للتخلص التدريجي من إنتاجها واستهلاكها، بغرض القضاء التام عليها.
وينطبق الجدول الزمني الذي يقرره البروتوكول على استهلاك المواد المستنزِفة للأوزون، ويُعرّف الاستهلاك بأنه الكميات المنتجة مضافا إليها الواردات مطروحا منها الصادرات في سنة معينة، مع خصم ما يثبت تدميره. وتستند نسب التخفيض إلى سنة خط أساس محددة لكل مادة. ولا يحظر البروتوكول استعمال المواد الخاضعة للرقابة الموجودة أو المعاد تدويرها بعد التواريخ المقررة للتخلص التدريجي.
وتُمنح بعض الاستثناءات للاستخدامات الأساسية حيث لم يُعثر على بدائل مقبولة، مثل البخاخات المقننة الجرعة المستعملة عادة لمعالجة الربو ومشكلات الجهاز التنفسي، أو أنظمة إخماد الحرائق القائمة على الهالون في الغواصات والطائرات.
وفي عام 1994، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 16 أيلول/سبتمبر يوما دوليا لحفظ طبقة الأوزون، إحياء لذكرى توقيع بروتوكول مونتريال في عام 1987 (القرار 114/49).
تنفيذ بروتوكول مونتريال
أُحرز تقدم واسع في تنفيذ بروتوكول مونتريال في البلدان المتقدمة والنامية على السواء. فالتزمت معظمها بالجداول الزمنية المحددة للتخلص التدريجي، بل وتقدمت بعض الدول على المواعيد المقررة. وقد جرى التركيز في البداية على المواد ذات القدرة الأكبر على استنزاف الأوزون، ومنها مركبات الكلوروفلوروكربون والهالونات. وكان جدول التخلص من مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون أكثر تدرجا لكونها أقل استنزافا ولأنها استُخدمت أيضا كبدائل انتقالية لمركبات الكلوروفلوروكربون.
وقد أُدرج جدول التخلص التدريجي من مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون في عام 1992، للبلدان المتقدمة والنامية معا، حيث جُمد في البلدان النامية ابتداء من عام 2015، مع تحديد عام 2030 موعدا للتخلص الكامل في البلدان المتقدمة، وعام 2040 في البلدان النامية. وفي عام 2007، قررت الأطراف في بروتوكول مونتريال تسريع هذا الجدول في كلتا الفئتين من البلدان.
التصديق العالمي
في 16 أيلول/سبتمبر 2009، أصبحت اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال أول صكين في تاريخ الأمم المتحدة يحققان التصديق العالمي.
تعديل كيغالي
توصلت الأطراف في بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، في الاجتماع الثامن والعشرين للأطراف المعقود في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2016 في كيغالي، رواندا، إلى اتفاق على التخفيض التدريجي لمركبات الكربون الهيدروفلورية.

ويذكّرنا هذا الإنجاز بأن التقدّم ممكن عندما تستجيب الأمم لتحذيرات العلم.


