في الفترة من 5 إلى 9 حزيران/ يونيو 2017، ستعقد الأمم المتحدة اجتماعاً ضخماً لتعزيز استدامة المحيطات. إن مؤتمر الأمم المتحدة لدعم تنفيذ الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة: حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام من أجل التنمية المستدامة - المعروف على نحو أفضل بمؤتمر المحيط - سيكون أول منتدى للأمم المتحدة من نوعه بشأن هذه المسألة، وخطوة هامة في عكس اتجاه تدهور محيطاتنا.

محيطاتنا تواجه مشكلة

محيطاتنا تواجه مشكلة خطيرة. تؤثر الأنشطة البشرية تأثيراً كبيراً على المحيطات، مما يؤثر على كل شيء من قابلية الموائل البحرية للبقاء على نوعية المياه ودرجة حرارتها، وصحة الحياة البحرية، واستمرار توافر المأكولات البحرية. وهذا بدوره يؤثر على القضاء على الفقر، والنمو الاقتصادي، وسبل العيش المستدامة والعمالة، والأمن الغذائي العالمي، وصحة الإنسان، وتنظيم المناخ. إنَّ ما يحدث في المحيط يؤثر على حياتنا اليومية وصحة كوكبنا، وما نفعله يعني الكثير بالنسبة للمحيطات.

يعتمد المليارات من البشر على المحيطات كمصدر رئيسي للغذاء، كما أنَّ الملايين الآخرين يكسبون أقواتهم من البحار. وتعتمد الأنشطة الاقتصادية الرئيسية، مثل السياحة والتجارة، على المحيطات الصحية. المحيطات هي أيضاً الجهة المنظمة الرئيسية للمناخ العالمي. فهي تمدنا بنصف الأكسجين الذي نتنفسه وتمتص ثلث ثاني أكسيد الكربون الذي ننتجه.

وعلى الرغم من دورها الحاسم في الحفاظ على الحياة في هذا العالم، فإن محيطاتنا تتعرض لتهديد متزايد أو تدهور أو تدمير بسبب الأنشطة البشرية، مما يقلل من قدرتها على توفير خدمات النظم الإيكولوجية بالغة الأهمية.

إنَّ ما يحدث بالفعل اليوم هو أنَّ 30 في المائة من الأرصدة السمكية في العالم تستغل استغلالاً مفرطاً، في حين أن أكثر من 50 في المائة منها تم استغلاله بالكامل. وتتعرض الموائل الساحلية لضغوط هائلة، حيث فقد ما يقرب من 20 في المائة من الشعاب المرجانية في العالم وتدهورت 20 في المائة أخرى. وتؤدي النفايات البلاستيكية وحدها إلى قتل ما يصل إلى مليون من الطيور البحرية، و100,000 من الثدييات البحرية، وعدد لا يحصى من الأسماك كل عام. ويقدر أن 80 في المائة من التلوث البحري يأتي من أنشطة برية.

وعلاوة على ذلك، تتأثر الفئات الضعيفة، بما في ذلك الأشخاص الذين يعيشون في فقر والنساء والأطفال والشعوب الأصلية، بشكل خاص، وكذلك المجتمعات الساحلية والبلدان التي تعتمد اعتماداً كبيراً على المحيطات ومواردها البحرية، مثل الدول الجزرية الصغيرة النامية.

إننا نعلم أنَّ المحيطات، التي تغطي ثلاثة أرباع سطح الأرض، تشكل عنصراً متكاملاً وأساسياً في النظام الإيكولوجي لكوكبنا، وهي ذات أهمية حاسمة بالنسبة للتنمية المستدامة. ومع وضع ذلك في الاعتبار، يكرس مؤتمر المحيط دعم تنفيذ الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يسعى إلى حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام من أجل التنمية المستدامة. غير أنَّ العمل بشأن هذا الهدف سيدعم جهود تنفيذ جميع أهداف التنمية المستدامة، حيث أنها جميعاً مترابطة فيما بينها. إنَّ المحيطات تهمنا جميعاً، بغض النظر عمن نحن أو أين نعيش، ونحن كذلك مهمون للمحيطات.

مؤتمر المحيط

سيتيح مؤتمر المحيط فرصة لا تقدر بثمن للبلدان، ومنظومة الأمم المتحدة، والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، فضلا عن القطاع الخاص ووسائل الإعلام وعامة الجمهور، من أجل حشد إجراءات عاجلة وملموسة لعكس دورة تدهور المحيطات.

ولن يكون المؤتمر بمثابة مكان للتوعية بحالة المحيطات فحسب، وإنما سينتج نداءً عالمياً للعمل وسيولد حوارات وشراكات جديدة ترمي إلى تطبيق الحلول. وبالإضافة إلى ذلك، سيعلن العديد من المشاركين عن التزامات طوعية جديدة للتصدي للتحديات التي تواجهها المحيطات. وفي الواقع، تم بالفعل تسجيل ما يقرب من 30 التزاماً حتى نهاية آذار/ مارس 2017.

حوارات الشراكة

سيتضمن المؤتمر سبعة حوارات للشراكة بشأن الموضوعات التالية:

1.         معالجة التلوث البحري.

2.         إدارة وحماية وحفظ النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية واستعادتها.

3.        الحد من تحمض المحيطات ومعالجته.

4.        جعل مصائد الأسماك مستدامة.

5.         زيادة الفوائد الاقتصادية للدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نمواً وإتاحة وصول الصيادين الحرفيين الصغار إلى الموارد البحرية والأسواق.

6.         زيادة المعرفة العلمية، وتطوير القدرات البحثية والتكنولوجيا البحرية.

7.         تعزيز الحفظ والاستعمال المستدام للمحيطات ومواردها عن طريق تنفيذ القانون الدولي على النحو المبين في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

النتائج الرئيسية للمؤتمر

من المتوقع التوصل إلى ثلاث نتائج حاسمة في مؤتمر المحيط. وستتبنى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتوافق الآراء "دعوة للعمل". وستكون هذه الوثيقة بمثابة إعلان موجز ومركز وملموس لتحديد المسار نحو مستقبل أكثر استدامة لمحيطاتنا.

ولا يقتصر المؤتمر على ما يمكن للحكومات أن تفعله لمعالجة هذه المسألة، بل سيركز أيضاً على الكيفية التي يمكننا بها جميعاً أن نساهم ونؤدي دورنا، صغيراً كان أم كبيراً. ومن ثم فإن قائمة الالتزامات الطوعية لتنفيذ الهدف رقم 14 ستكون نتيجة هامة أخرى للمؤتمر وسيتم تضمينها في تقريره. الالتزامات الطوعية هي مبادرات ينبغي أن تضطلع بها الحكومات ومنظومة الأمم المتحدة والمؤسسات المالية والمجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والبحثية والأوساط العلمية والقطاع الخاص. ويمكن أن تشمل مختلف المشاريع المحلية والإقليمية والوطنية والعالمية، التي تعالج مختلف غايات الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة، التي تتراوح ما بين الجهود المبذولة لحماية البيئة البحرية للحد من التلوث البحري والتعامل مع تأثير تحمض المحيطات. وقد أطلقت الأمم المتحدة عملية لتسجيل الالتزامات الطوعية عبر الإنترنت. وأنا أشجع كل من لديه التزام على القيام بتسجيله.1

وسيتضمن تقرير المؤتمر أيضاً ملخصاً عن حوارات الشراكات، وهي تمثل نتيجة هامة أخرى. وستتناول حوارات الشراكة جميع غايات الهدف رقم 214 من أهداف التنمية المستدامة، وتهدف إلى تعزيز التعاون وتوسيع نطاق وتكرار المبادرات الناجحة القائمة، وإطلاق شراكات ملموسة وجديدة من شأنها أن تعزز تنفيذ ذلك الهدف.

تحقيق التقدم مطلوب على وجه السرعة

لا بد من إحراز تقدم، وهناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها الآن. وتشمل هذه التدابير منع التلوث البحري وتنظيفه، مثل الجزر المتعاظمة للنفايات البلاستيكية التي تجوب المحيطات. وهناك حاجة أيضاً إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من التلوث البري الذي يمثل 80 في المائة من التلوث البحري، بما في ذلك عن طريق الحد من الصرف الزراعي الذي ينتهي في نهاية المطاف في المحيطات ويسبب "مناطق ميتة".

كما يتعين اتخاذ إجراءات لإنهاء الصيد الجائر والصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم، وممارسات الصيد المدمرة. وعلينا أن نتخذ خطوات من أجل إدارة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية وحمايتها والمحافظة عليها على نحوٍ مستدام من خلال زيادة جهود الحفظ القائمة على المجتمع المحلي والتثقيف والتوعية، ضمن تدابير أخرى.

ونحن بحاجة إلى تنفيذ اتفاق باريس بشأن تغير المناخ. وسيتعين علينا أن نخفض الانبعاثات التي تسبب تغيرات في محيطاتنا، وأن نتخذ التدابير التي تبني القدرة على الصمود أمام آثار تحمض المحيطات وتغير المناخ، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر.

إن مشكلة المحيطات تشكل بدورها مشكلة للبشر. ويعتمد رفاه الإنسان وصحته وازدهاره الاقتصادي ومناخه المستقر على المحيطات السليمة. إن العمل الآن لمعالجة مشاكل المحيطات سيحقق تقدماً كبيراً في تعزيز التنمية المستدامة، وهو أمر بالغ الأهمية لعالم أكثر مساواة وسلاماً.

للاطلاع على مزيد من المعلومات بشأن مؤتمر المحيط، يرجى زيارة الموقع الشبكي التالي: https://oceanconference.un.org/.

 

ملاحظات

1  يمكن تسجيل الالتزامات الطوعية لمؤتمر المحيط من خلال الموقع الشبكي التالي: https://oceanconference.un.org/commitments/.

2 يمكن الاطلاع على معلومات بشأن غايات الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة ومؤشراته على الرابط التالي: https://sustainabledevelopment.un.org/sdg14#targets.