على مدى السنوات الـ 25 الماضية، تم إحراز تقدماً كبيراً نحو القضاء على العنف ضد المرأة، لكن ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. أدت حركات حقوق المرأة وتنفيذ الإطار الدولي لحقوق الإنسان للمرأة وتطوره إلى زيادة الفهم بأن العنف ضد المرأة قائم على النوع الاجتماعي وهو شكل من أشكال التمييز ويعد انتهاكاً لحقوق الإنسان. وقد ساهمت ولايتي كمقررة خاصة للأمم المتحدة بشأن العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه في هذه العملية. لقد تطور حظر العنف ضد المرأة القائم على النوع الاجتماعي إلى مبدأ من مبادئ القانون الدولي العرفي وبالتالي فهو ملزم لجميع الدول. اليوم، تتمثل التحديات الرئيسية في الافتقار إلى الحماية الكاملة لحقوق المرأة كحقوق إنسانية إلى جانب الافتقار إلى قوانين وسياسات متكاملة ضد هذا العنف وعدم وجود بيانات مقارنة بشأن أشكال مختلفة من العنف ضد المرأة القائم على النوع الاجتماعي.

إننا بحاجة إلى التركيز على تنفيذ الالتزامات الدولية والاعتراف بالإسهامات التي تقدمها آليات الخبراء المستقلة لحقوق الإنسان للمرأة، مثل اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، والفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات، والولاية التي أسندها، وكذلك آليات المراقبة الإقليمية لحقوق الإنسان للمرأة. هناك حاجة إلى دعم أقوى من هيئات الرصد المكلفة بتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة. ومن المسلم به صراحة أن هذه الالتزامات ضرورية لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وخاصة هدف التنمية المستدامة رقم (SDG) 5 بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات. كما أنها مدرجة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وإعلان القضاء على العنف ضد المرأة.

اسمحوا لي أن أقدم باختصار ولاية المقرر الخاص المعني بالعنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه. أنشئت هذه الولاية في عام 1994 من قبل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في ذلك الوقت، وهي أول آلية تم إنشاؤها للقضاء على العنف ضد المرأة، وأسبابه وعواقبه، ودمج مسألة العنف ضد المرأة في نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. واستناداً إلى هذه الأسس، تركز هذه الولاية على معالجة التزامات الدول الأطراف في مجال حقوق الإنسان بما في ذلك التزام العناية الواجبة بمنع ومكافحة أعمال العنف ضد النساء والفتيات سواء ارتكبتها الدول أو الجهات الفاعلة من غير الدول أو الأفراد بما في ذلك العنف المنزلي. تعمل الولاية في إطار الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والذي يشمل إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإعلان القضاء على العنف ضد المرأة، وإعلان ومنهاج عمل بيجين، وكذلك الصكوك الإقليمية ذات الصلة.

على مدى السنوات الـ 25 الماضية، كانت هذه الولاية بمثابة حافز لوضع توصيات بشأن منع ومكافحة العنف ضد النساء والفتيات من منظور حقوق الإنسان، بما في ذلك من خلال تقارير الزيارات المواضيعية والقطرية وتفسير التزامات الدول بموجب الأطر القانونية الدولية والإقليمية. خلال فترة ولايتي، عالجت أيضًا أشكالًا جديدة ومستجدة من العنف، مثل العنف ضد المرأة على الإنترنت، والعنف ضد المرأة في السياسة وخلال الانتخابات، وسوء المعاملة والعنف ضد المرأة أثناء الولادة، بما في ذلك عنف التوليد الذي تم تعريفه على أنه انتهاك لحقوق الإنسان لأول مرة في تقريري المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.[1]

في بلوشستان، بباكستان، تقول فتيات الكشافة نوشين وأمبرين "الأيدي القوية توقف العنف ضد النساء والفتيات". 5 كانون الأول/ ديسمبر، 2016 ,UN-Women/Henriette Bjoerge

اعتمدت الولاية في عام 2017 بالاشتراك مع لجنة سيداو، التوصية العامة رقم 35 للجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن العنف ضد المرأة القائم على النوع الاجتماعي، لتحديث التوصية العامة رقم 19 لعام 1992 من حيث وضع المعايير واستجابة للمناقشات الطويلة الأمد حول مدى كفاية الإطار الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، . توفر التوصية العامة الجديدة أكثر المعايير تطوراً للتصدي للعنف ضد المرأة وخريطة طريق لمنعه والقضاء عليه. يمثل الدور النشط لولايتي في صياغة هذه التوصية العامة المثال الأول للتعاون الرسمي بين هيئة المعاهدة والمكلف بولاية الإجراءات الخاصة. تخطط لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وولايتي الآن لوضع دليل التنفيذ الخاص بتلك التوصية.

أطلقت في عام 2018 منصة للتعاون بين الأمم المتحدة وآليات الخبراء الإقليمية المستقلة المعنية بالعنف ضد المرأة وحقوق المرأة، بهدف التعجيل بتنفيذ الإطار القانوني الدولي والإقليمي بشأن العنف ضد المرأة استجابة للحاجة إلى اتباع نهج على نطاق منظومة الأمم المتحدة للتصدي للعنف ضد المرأة. تتألف المنصة من المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة؛ واللجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)؛ ومقررة حقوق المرأة بلجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان؛ والفريق العامل المعني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة؛ والمقررة الخاصة للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب المعنية بحقوق المرأة في أفريقيا؛ ولجنة خبراء آلية متابعة اتفاقية بيليم دو بارا؛ وفريق خبراء مجلس أوروبا المعني بالعمل ضد العنف ضد المرأة والعنف المنزلي. اعتمدت المنصة العديد من البيانات المشتركة، وأصبحت من خلال التحدث بصوت واحد حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، أداة فعالة لزيادة الوعي حول القضايا التي تؤثر على النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.

لقد شهدنا وعيًا متزايدًا بحقوق المرأة، في الآونة الأخيرة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأيضًا استمرار العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات في جميع طبقات المجتمع. كشفت الحركات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل حملات  MeToo# و NiUnasMenos# و BreaktheSilence#، عن العديد من أشكال التحرش الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والتي تواجهها النساء في جميع أنحاء العالم. في حين تشعر النساء في بعض أجزاء العالم بقدر أكبر من القوة وأكثر استعدادًا للنضال من أجل حقوقهن، فإن النساء في أماكن أخرى يفضلن الصمت بسبب وصمة العار الاجتماعية وعدم وجود بيئة داعمة يمكنهن من خلالها الإبلاغ عن أعمال العنف المرتكبة ضدهن. إننا نشهد أيضاً ردة فعل عنيفة ضد حقوق المرأة ونشوء "حركات مناهضة للنوع الاجتماعي"، مما يؤكد الطبيعة المستفحلة والواسعة النطاق للعنف ضد المرأة، وقاعدة سلطتها، وتطبيع هذا العنف والتسامح معه في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة.

في بورت أو برنس، بهايتي، شكل 40 موظفًا من بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي (MINUSTAH) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) سلسلة برتقالية ترسم دائرة حول رمز الأنوثة. 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، 2013 ,UN/MINUSTAH

لم نرَ انخفاضًا في العنف القائم في النوع الاجتماعي في الصراع على الرغم من تطور إطار السلام والأمن الدولي، بما في ذلك اعتماد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، وزيادة الوعي بالعنف الجنسي ضد المرأة في فترات الصراع والسلام. ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم التركيز على الأسباب الجذرية لهذا النوع من العنف وعواقبه ولكنه ينتج أيضًا عن عدم وجود صلة قوية بين تنفيذ القرار رقم 1325 والإطار العام لحقوق الإنسان للمرأة.

إن عدم وجود بيانات مقارنة حول العنف ضد المرأة يعوق المبادرات المتعلقة بمنع العنف والمساهمة في تطبيعه. يكشف تحليلاً لبيانات قتل الشريك الحميم أن أكثر من 80 بالمئة من ضحايا عمليات القتل هذه هم من النساء. أطلقتُ في عام 2016 مبادرة مراقبة قتل الإناث، داعية جميع الدول إلى إنشاء مرصد عن قتل الإناث والعنف ضد المرأة ونشر وتحليل البيانات ذات الصلة كل عام من أجل معالجة هذا الشكل المروع من العنف.

لقد دعوت جميع الدول إلى استخدام اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة (25 تشرين الثاني/ نوفمبر) لنشر بيانات عن قتل النساء والتركيز على منعه.

أعتقد أنه يجب علينا استخدام الزخم الذي أوجده اجتماع استعراض بيجين +25، واستعراض الخمس سنوات لقياس التقدم المحرز نحو تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة في عام 2020 لوضع نهج جديد على نطاق منظومة الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات. ينبغي لنا أيضًا دمج منصة التعاون بين الأمم المتحدة والآليات الإقليمية بشأن العنف ضد المرأة وحقوق المرأة في منظومة الأمم المتحدة وربطها بالجهود المتعددة الوكالات لتحقيق المساواة بين الجنسين. ينبغي للجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة باعتبارها الهيئة الحكومية الدولية الرئيسية التي تدرس تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين، أن تضع العنف ضد المرأة كبند دائم في جدول أعمالها وأن تصبح هيئة تنفيذ تدرس بانتظام التقدم المحرز.

ملاحظات

[1] A/74/137.  متاح على الرابط التالي:
https://digitallibrary.un.org/record/3823698?ln=en#record-files-collapse-header

 

وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إن الآراء التي يعبر عنها المؤلفون الأفراد، وكذلك الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول رسمي من قِبل الأمم المتحدة.

 

25 نوفمبر 2019