للنساء نصيب حيوي في صحة الأرض. لقد شكلت أيديهن الحياة على كوكبنا وعززتها. ومع ذلك، فإن مساهمتهن في صحة الأرض غالباً ما تكون بدون تعويض لأنهن يفتقرن عموماً إلى الوصول إلى الأرض التي يزرعونها والسيطرة عليها.
في جميع أنحاء العالم، تتدهور الأراضي يومياً من خلال مزيج وحشي من الجفاف والتصحر مما يعرض إنتاج الغذاء وحياة أولئك الذين يعيشون على الأرض للخطر. تؤدي أساليب الزراعة غير المستدامة إلى تآكل التربة بمعدل 100 مرة أسرع من قدرة العملية الطبيعية على استعادتها، كما أن ما يصل إلى 40 في المئة من أراضي كوكبنا قد تدهورت الآن.
تمثل هذه الظروف تحدياً كبيراً، ومع ذلك فإننا نعرف بالفعل أحد الحلول الرئيسية: النساء.
عندما تتاح لهن الفرصة، تكون النساء مشرفات رائعات على أرضنا. وهن فعالات في استخدام معارفهن ومهاراتهن الواسعة لحماية الأراضي واستعادة الأراضي المتدهورة والمساعدة في بناء القدرة على الصمود في وجه حالات الجفاف التي أصبحت أكثر تواتراً بسبب تغيّر المناخ.
ومع ذلك، فإن النساء اللواتي يشكلن عوامل قوية للتغيير، محرومات من فرصة تقديم مثل هذه المساهمات. مشاركة النساء في إدارة الأراضي غالباً ما تكون محظورة بسبب الممارسات التمييزية مثل عدم كفاية حيازة الأراضي والافتقار إلى الائتمان وعدم المساواة في الأجور وانخفاض مستويات صنع القرار فضلاً عن انتشار العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
من أفريقيا وآسيا إلى أمريكا اللاتينية، نشهد معاناة النساء والفتيات عندما يستبعدن من تخصيص الأراضي. فإن أقل من واحد من كل خمسة حائزين للأراضي في جميع أنحاء العالم اليوم هم من النساء، على الرغم من أنهن يشكلن ما يقرب من نصف القوى العاملة الزراعية في العالم وينتجن ما يصل إلى 80 في المئة من الغذاء في البلدان النامية.
وعندما تصبح النساء أرامل، فغالباً ما يعانين من عمليات الإخلاء من أصهارهن ويُتركن بلا مكان يذهبن إليه وربما الأهم من ذلك، أنه لا توجد أرض يمكن أن تدر عليهن الدخل لإطعام أطفالهن. لا تزال حقوق النساء في وراثة ممتلكات أزواجهن مرفوضة في أكثر من 100 دولة.
لكن لماذا يعتبر ذلك هاماً؟ وبالنظر إلى أن النساء الريفيات يشكلن 43 في المئة من العاملين الزراعيين فإن آثار تدهور الأراضي قاسية بشكل غير متناسب بالنسبة لهن. وهن يعانين من نقص الغذاء وندرة المياه والهجرة القسرية الناجمة عن تدهور الأراضي.
وتغذي هذه الظروف نمطاً أوسع نطاقاً من عدم المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمي والتعبير عنه من خلال العنف والتمييز ضد النساء والفتيات. وينطبق هذا بشكل خاص على نساء وفتيات الشعوب الأصلية والأشخاص ذوي الإعاقة والمدافعات عن حقوق الإنسان بسبب التمييز المتعدد الجوانب والمتقاطع.
إن ضمان تمتع النساء والفتيات على قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والمشاركة في صنع القرار بشأن الأراضي هو المفتاح لتحقيق الحياد بشأن تدهور الأراضي. وعلاوة على ذلك، يستفيد الجميع: النساء أنفسهن وأسرهن وبقية المجتمع.
على سبيل المثال، فإن ضمان حقوق النساء والفتيات له تأثير عميق على دخل الأسرة والأمن الغذائي والاستثمار في تعليم الأطفال وصحتهم ورفاههم كما أنه يقلل من العنف القائم على النوع الاجتماعي. في أجزاء من العالم حيث لا تستطيع النساء امتلاك الأرض، غالباً ما يتم إبقاء أطفالهن خارج المدرسة بسبب عدم وجود دخل عائلي لائق يسمح لهن بدفع الرسوم الدراسية. ومع ذلك، تشير الأدلة إلى أنه عندما تكون حقوق المرأة في الملكية والميراث أقوى، يقل احتمال إصابة الأطفال بنقص شديد في الوزن بنسبة تصل إلى الثلث.

الأمل في المستقبل
هناك العديد من الأمثلة الإيجابية من جميع أنحاء العالم لنساء يدافعن عن حقوقهن ودورهن في إدارة الأراضي.
أقرت سيراليون مؤخراً قانوناً تاريخياً لاستكمال قانون الحقوق العرفية في الأراضي ووضع حداً لستة عقود من القوانين العرفية التي منعت النساء من امتلاك الأراضي. فالمرأة السيراليونية تتمتع الآن بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل في امتلاك الأرض أو استئجارها أو شرائها في البلد. في الواقع، يعني القانون أنه يمكن للنساء أن يصبحن قائدات قرويات محليات ويطلق عليهن "زعيمات القبائل"؛ ويُشترط تمثيل المرأة بنسبة 30 في المئة على الأقل في المناصب العامة والخاصة؛ وأي شخص يميز ضد المرأة في توفير الأرض يمكن أن يواجه غرامة أو عقوبة بالسجن.
وفي تنزانيا، حيث تشارك أكثر من 80 في المئة من النساء في الأنشطة الزراعية فإن النساء اللائي حصلن على حقوق أقوى في الأرض يكسبن ما يصل إلى 3.8 أضعاف الدخل ومن المرجح أن يكون لديهن مدخرات فردية. وهذا يسلط الضوء على فائدة أخرى، غالباً ما يتم تجاهلها لتعزيز حقوق المرأة في الأرض: قدر أكبر من الأمن الاقتصادي والفرص المتاحة للنساء والفتيات.
سيعجل الاعتراف بحقوق المرأة في الأرض بالاستعادة من خلال فتح الأبواب أيضاً أمام الأسواق والتمويل والتدريب والتقنيات التحويلية بين الجنسين والخدمات الأساسية الأخرى. وتستثمر النساء أكثر في المدخلات التكنولوجية التي يمكن أن تؤدي إلى عوائد أعلى. في الواقع، قدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أنه إذا كان للنساء نفس فرص الوصول إلى الموارد الإنتاجية مثل الرجال، فإن عدد الجياع في العالم يمكن أن ينخفض بنسبة تصل إلى 17 في المئة - وهو ما يمثل عدداً مذهلاً يبلغ 150 مليون شخص.
عندما تتاح للمرأة الفرص المناسبة، فإنها تستطيع أيضاً الاستفادة من المعارف التقليدية وإيجاد حلول مبتكرة للتصدي للتصحر وتدهور الأراضي والجفاف.
وعندما تتاح للمرأة الفرص المناسبة، فإنها تستطيع أيضاً الاستفادة من المعارف التقليدية وإيجاد حلول مبتكرة للتصدي للتصحر وتدهور الأراضي والجفاف. نحن نرى فوائد ذلك في بلدان مثل الأردن حيث تستخدم مشتل نباتات تديره النساء أحدث الأساليب والبروتوكولات الصديقة للجنسين لإنتاج شتلات محلية عالية الجودة لاستعادة الأراضي.
لقد أعجبت بحالة السيدة مانغالا وهي مزارعة من الهند. تمكنت من الاستثمار في الزراعة القائمة على الأشجار بفضل الإعانات التي تمنحها إدارة الغابات في بلدها، وبالتالي حسنت بشكل كبير نوعية التربة في مزرعتها التي تبلغ مساحتها 18 فداناً. وهذا يبين إلى أي مدى يمكن أن تساعد زيادة وصول المرأة إلى الموارد الإنتاجية والمالية ليس في تمكينها فحسب بل أن ذلك يمكن أن يساعد أيضاً في إطعام مجتمعات بأكملها.

تعزيز حقوق النساء في الأرض: جهد مشترك
النساء هُن عوامل التغيير القوية. ويجب إدماج المساواة بين الجنسين في جميع المسائل المتصلة بقضايا الأراضي: الجفاف وتدهور الأراضي والتصحر.
وعلينا جميعاً أن نلعب دوراً في جعل هذا الأمر حقيقة واقعة. في هذا اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، يجب على الحكومات أن تزيل فوراً الحواجز القانونية التي تحول دون ملكية النساء والفتيات للأرض أو وراثتهن لها. وعلى نطاق أوسع، يجب أن تتاح للنساء فرصة المشاركة في القرارات المتعلقة بإدارة الأراضي وحفظها واستعادتها. تعطي البلدان التي بها عدد أكبر من البرلمانيات الأولوية لدور النساء وافتيات في حماية الأراضي ويزداد احتمال تصديقها على المعاهدات ذات الصلة وتخصيص الأراضي للحفظ. ولسوء الحظ، تشير البيانات الواردة من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) إلى أن 12 في المئة فقط من الوزارات الوطنية ذات الصللة بالبيئة البالغ عددها 881 وزارة والتي يديرها مسؤولون منتخبون تقودها نساء.
يجب معالجة الفجوة الصارخة بين النساء الأكثر تضرراً من عواقب الجفاف وتدهور الأراضي والتصحر والنساء اللاتي يتحكمن في الموارد ويتمتعن بالقدرة على اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهن على وجه السرعة.
كما أن للقطاع الخاص دور حاسم يلعبه في هذا المجال. ومن خلال تيسير الحصول على الائتمان، يمكن للمؤسسات المالية الخاصة أن تساعد النساء على تحمل تكاليف التكنولوجيا والمدخلات التي يحتجن إليها لتحسين الغلات والحفاظ على خصوبة التربة والوقاية من تدهور الأراضي.
وأخيراً وليس آخراً، يجب على المجتمعات المحلية أن تتولى زمام ملكية هذه القضية. وتقود مبادرات مختلفة مهمة تعزيز الحوار مع السلطات والدفع من أجل إصلاح الأراضي ووضع النساء المتضررات في المقدمة وفي المركز. لقد حشدت حملة في تشاد أكثر من 25,000 امرأة ريفية في سبع مقاطعات وساعدتهن على التحدث بصوت واحد واسماع أصواتهن للسلطات مما أدى إلى تخصيص 300 هكتار من الأراضي لـ 18 مجموعة نسائية.
وقد وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر المساواة بين الجنسين في صميم ولايتها، ولسبب وجيه. تعترف خطة عملها الخاصة بالمساواة بين الجنسين بالدور المحوري للمرأة في الإدارة المستدامة للأراضي.
وباعتماد الخطة، أقرت الأطراف المشاركة في الاتفاقية بأهمية المساواة بين الجنسين كمبدأ إرشادي في جميع السياسات والقرارات المتعلقة بإجراءات مكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف. ونأمل أن يستمر تنفيذ هذه الخطة، التي تشكل حافزاً حيوياً لإحراز تقدم في تحقيق المساواة بين الجنسين مع الحفاظ على أرضنا وغذائنا ومناخنا.
إن حل مشكلة عدم المساواة بين الجنسين ليس فقط الشيء الصحيح الذي يجب القيام به. إذا عملنا على ضمان حقوق النساء والفتيات، وتمكين النساء بشكل كامل من استخدام قدراتهن ومعارفهن ومواهبهن وإمكانياتهن القيادية فستكون مجتمعاتنا ببساطة أفضل حالاً. يجب علينا جميعاً أن نعمل معاً لخلق مستقبل عادل حيث يمكن للمرأة أن تشارك بنشاط في الجهود العالمية لاستعادة الأراضي والمساهمة فيها وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف وتعزيز المجتمعات المزدهرة. إن أرضنا الثمينة تعتمد على ذلك.
وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.



