دور الإبداع والابتكار في حل المشكلات
لا يُوجد فهم عالمي موحد لمفهوم الإبداع؛ فهو مفهوم منفتح على التفسير، يمتد من التعبير الفني إلى حل المشكلات في سياق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمستدامة. ومن هنا، أعلنت الأمم المتحدة يوم 21 نيسان/أبريل بوصفه اليوم العالمي للإبداع والابتكار بهدف إذكاء الوعي بالدور الذي يضطلع به الإبداع والابتكار في مختلف جوانب التنمية الإنسانية.
الإبداع يعكس ذواتنا وقيمنا، ويُسهم في بناء نسيج ثقافي متنوع يدعم النمو الاجتماعي والاقتصادي. وتعمل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، بموجب اتفاقية 2005، على مساعدة الدول في تعزيز صناعاتها الإبداعية والترويج لحرية الإبداع.
الإبداع والثقافة
لا يُوجد تعريف موحد للاقتصاد الإبداعي؛ فهو مفهوم يتطور باستمرار ويعتمد على التفاعل بين الإبداع البشري والأفكار والملكية الفكرية والمعرفة والتِقانة. في جوهره، يرتكز الاقتصاد الإبداعي على الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة، والتي تشكل أساس الصناعات الإبداعية.
تشمل الصناعات الإبداعية منتجات سمعية وبصرية، وتصميمًا، ووسائط جديدة، وفنونًا أدائية، ونشرًا، وفنونًا بصرية. وهي قطاع بالغ التأثير في الاقتصاد العالمي، بما يُتيحه من توليد للدخل، وخلق للوظائف، وزيادة للعائدات من الصادرات. كما تُعد الثقافة عنصرًا رئيسًا من عناصر التنمية المستدامة، ومصدرًا للهوية والابتكار والإبداع سواء على مستوى الفرد أو المجتمع.
زخم جديد لأهداف التنمية المستدامة
في اليوم العالمي للإبداع والابتكار، يُدعى العالم إلى تبني فكرة مفادها أن الابتكار أمر جوهري لاستخلاص الإمكانات الاقتصادية للأمم. فالإبداع والابتكار وريادة الأعمال الشاملة يُمكن أن توفر زخمًا جديدًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتُتيح فرصًا واسعة للنمو الاقتصادي وخلق الوظائف، لا سيما للنساء والشباب. كما أنها تتيح حلولًا لبعض التحديات الأكثر إلحاحًا، مثل القضاء على الفقر واستئصال الجوع. لقد بات الإبداع والابتكار، على المستويين الفردي والجماعي، الثروة الحقيقية للأمم في القرن الحادي والعشرين.
إعادة تشكيل السياسات لدعم الإبداع
تمثل الثقافة والإبداع 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و6.2% من إجمالي العمالة. وتضاعفت قيمة صادرات السلع والخدمات الثقافية من عام 2005 لتصل إلى 389.1 مليار دولار أمريكي في عام 2019. ورغم كونها من أصغر القطاعات الاقتصادية سنًا وأكثرها نموًا، فإن التحديات المستمرة والمتجددة تجعل الاقتصاد الإبداعي أحد أكثر القطاعات هشاشةً وأشدها إهمالًا من قبل الاستثمارات العامة والخاصة.
يُقدم تقرير يونسكو لعام 2022، إعادة تشكيل السياسات لدعم الإبداع – تناول الثقافة باعتبارها منفعة عامة عالمية، بيانات جديدة تُضيء على التوجهات الناشئة على مستوى العالم، وتطرح توصيات سياسية ترمي إلى تعزيز النظم البيئية الإبداعية التي تُسهم في بناء عالم مستدام بحلول عام 2030 وما بعدها.
النمو عبر الابتكار الأخضر
يتطلب تحقيق جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر - التي تُعد أجرأ خطة للتنمية في تاريخ البشرية - الإبداع والابتكار معًا. تُتيح التِقانات الخضراء - التي تُستخدم لإنتاج السلع والخدمات بأقل أثر كربوني ممكن - فرصًا اقتصادية متزايدة، إلا أن كثيرًا من الدول النامية قد يفوتها اغتنام هذه الفرص إن لم تُتخذ تدابير حاسمة.
من خلال تقريرها عن التِقانة والابتكار لعام 2023، دعت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) الحكومات إلى مواءمة سياساتها البيئية والعلمية والتقانية والابتكارية والصناعية.
شبكة المدن الإبداعية ليونسكو
تسعى شبكة المدن الإبداعية التابعة ليونسكو إلى تعزيز التعاون بين المدن التي اختارت الإبداع بوصفه عنصرًا استراتيجيًا لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة. يعمل قرابة 300 مدينة حول العالم معًا لتحقيق هدف مشترك: وضع الإبداع والصناعات الثقافية في صميم خططها التنموية.
في تموز/يوليه 2024، تبنت المدن الإبداعية التابعة ليونسكو بيان براغا، الذي دعا إلى تكثيف الجهود للاعتراف بالثقافة كهدف أساسي. ويهدف هذا البيان إلى توجيه ميثاق المستقبل لعام 2024 وخطط التنمية لما بعد عام 2030. كما يُبرز البيان الدور المحوري الذي تؤديه المدن في تعزيز السياسات الثقافية الإبداعية وجعل الثقافة جزءًا رئيسًا من خطط التنمية الحضرية المقبلة.
استمع
مع تصاعد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية، تمر المجتمعات الإبداعية بفترة من عدم اليقين.
في باريس، استضافت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) فعالية بعنوان قطاع الأفلام في طليعة المواجهة، حيث دُعي خبراء عالميون لمناقشة التأثير القوي للذكاء الاصطناعي، مع تسليط الضوء على التهديدات التي قد يشكلها على الصناعات الإبداعية.
مختبرات التسريع التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
تُعد مختبرات التسريع التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الشبكة الأكبر والأسرع تعلمًا في التصدي لتحديات التنمية المستدامة المعقدة. وتتألف الشبكة من 89 فريقًا تغطي 113 دولة، مستفيدة من الابتكارات المحلية لتوفير رؤى قابلة للتنفيذ وإعادة تصور التنمية المستدامة للقرن الحادي والعشرين.
الوثائق ذات الصلة
- اليوم الدولي للإبداع والابتكار (A/RES/71/284)
- 2021: السنة الدولية للاقتصاد الإبداعي من أجل التنمية المستدامة (A/RES/74/198)
- الثقافة والتنمية المستدامة (A/76/226)
- العلم والتِقانة والابتكار من أجل التنمية (E/RES/2021/29)
- تقرير يونسكو: تقرير الأمم المتحدة للاقتصاد الإبداعي لعام 2013
- يونسكو: أوقات الثقافة. أول خريطة عالمية للصناعات الثقافية والإبداعية
- الأونكتاد: آفاق الاقتصاد الإبداعي