التعاونيات وسعيٌها نحو حلول جامعة ومستدامة لبناء عالم أفضل
في يوم السبت 5 تموز/يوليه 2025، تتآزر المجتمعات في أرجاء العالم لإحياء اليوم الدولي للتعاونيات تحت شعارٍ سامٍ: «التعاونيات وسعيٌها نحو حلول جامعة ومستدامة لبناء عالم أفضل».
ويحلّ احتفاء هذا العام في سياق استثنائي، إذ يأتي ضمن فعاليات السنة الدولية للتعاونيات التي أقرّتها الأمم المتحدة لعام 2025 — مناسبة قلّما تتكرّر، تُسلَّط فيها الأضواء على ما تنهض به التعاونيات من أدوار جوهرية في تشييد مجتمعات أكثر عدلًا وثباتًا أمام التحديات.
وفي زمنٍ يتفاقم فيه الاضطراب العالمي وتتزايد الضغوطات، يُعبّر هذا الشعار عن توق الإنسانية إلى بدائل تتجاوز منطق الربح المجرد.
فالتعاونيات، بما هي مؤسسات يشكّل أعضاؤها نواتها وعمادها، تقدّم نموذجًا مغايرًا لمفهوم النمو، إذ ترسّخ اقتصادًا يضع الناس والبيئة والغاية النبيلة في صميم مساره، لا الربح وحده.
من الصحة والسكن إلى الزراعة والتمويل والطاقة النظيفة، تُثبت التعاونيات أنها قادرة على إبداع حلول عملية تراعي الشمول، وتستند إلى المشاركة، وتُبنى على أسس الاستدامة.
ويمتد صدى هذا اليوم العالمي ليقترن بمساعي أممية بارزة، منها المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بمراجعة أهداف التنمية المستدامة الأساسية، والقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المقبلة. وهاتان الفعاليتان الكبيرتان تُعيدان التذكير بأن التعاونيات لا تقتصر على نطاقها المحلي، بل هي ركن من أركان الحراك العالمي الرامي إلى التغيير.
فلنُشارك في إحياء يوم التعاونيات 2025، ولنُسهم في إذكاء الوعي بما تضطلع به هذه النماذج من دور في صنع عالم أكثر توازنًا وإنصافًا.
الغايات المنشودة من إحياء المناسبة هذا العام
- توسيع دائرة الوعي العام: إبراز ما تؤديه التعاونيات من دور حاسم في بلوغ أهداف التنمية المستدامة.
- تمتين أسس النمو والتطور: دعم البيئة الحاضنة لريادة الأعمال التعاونية وتيسير سبل تطورها المؤسسي.
- الدعوة إلى بيئات تشريعية وسياساتية داعمة: تعزيز إرساء أطر قانونية وتنظيمية مواتية لازدهار التعاونيات في كل أصقاع العالم.
- بعث روح القيادة الهادفة: غرس مفاهيم القيادة ذات الغاية، واستقطاب الأجيال الشابة للانخراط في النسيج التعاوني العالمي.
لمحة تاريخية
ظهرت أولى التعاونيات في أسكوتلاندا في 14 آذار/مارس 1761. وفي عام 1844 أنشأت مجموعة من 28 حرفيا من العاملين في مصانع القطن في شمال انجلترا مؤسسة تعاونية حديثة. .
معلومات أساسية
يُعرف للتعاونيات أهميتها بوصفها رابطات ومؤسسات، يستطيع المواطنون من خلالها تحسين حياتهم فعلاً، فيما يساهمون في النهوض بمجتمعهم وأمتهم اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً. وبات من المُسلَم به أنها واحدة من الأطراف المؤثرة المتميزة والرئيسية في الشؤون الوطنية والدولية.
كما بات من المُسلَم به كذلك أن الحركة التعاونية تتسم بقدر كبير من الديمقراطية، وبأنها مستقلة محلياً ولكنها متكاملة دولياً، وبأنها شكل من أشكال تنظيم الرابطات والمؤسسات يعتمد المواطنون أنفسهم، من خلاله، على العون الذاتي وعلى مسؤوليتهم الذاتية في تحقيق غايات لا تشمل أهدافاً اقتصادية فسحب ولكن تشمل أيضا أهدافاً اجتماعية وبيئية، من قبيل القضاء على الفقر، وكفالة العمالة المنتجة وتشجيع الاندماج الاجتماعي.
تتيح العضوية المفتوحة للتعاونيات إمكانية تكوين ثروة والقضاء على الفقر. وينتج ذلك عن المبدأ التعاون المتصل بالمشاركة الاقتصادية للأعضاء، حيث يسهم الأعضاء اسهاما متساويا ومنصفا وديمقراطيا في التحكم برأس مال التعاونية. ولإن التعاونيات ترتكز على المحور الإنساني وليس المحور المادي ، فإنها لا تعمد ولا تُسرع مسألة تكدس رأس المال، بل إنها تعمد إلى توزيع الثروة توزيعا أعدل.
كما تعزز التعاونيات كذلك المساواة في خارج إطارها، حيث أنها قائمة على فكرة المجتمع ، فهي بالتالي ملتزمة بالتنمية المستدامة لمجتمعاتها في المجالات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ويثبت هذا الالتزام نفسه في دعم الأنشطة المجتمعية، وتوفير المصادر المحلية للإمدادات، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي، فضلا هم دعمها عملية اتخاذ القرارات التي تراعي الأثر على مجتمعاتها المحلية.
وعلى الرغم من تركيز التعاونيات على المجتمع المحلي، فإنها تتطلع كذلك إلى تعم منافع نموذجها الاقتصادي والاجتماعي جميع الناس في العالم. وينبغي أن تُحكم العولمة من خلال مجموعة من القيم مثل قيم الحركة التعاونية؛ وإلا فإنها ستسبب في مزيد من التفاوت والتجاوزات، التي تجعلها — العوملة — نموذجا غير مستدام.