إن تغير المناخ هو حالة طوارئ عالمية تتجاوز الحدود الوطنية، وهي قضية حاسمة تتطلب بلا شك التعاون على الصعيد الدولي لتنسيق الحلول لمواجهتها على كافة المستويات. فلمعالجة تغير المناخ وآثاره السلبية، توصل قادة العالم في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP21) في باريس إلى انفراج في ١٢ ديسمبر ٢٠١٥: تبلورت في اتفاقية باريس التاريخية.

إن اتفاقية باريس تتضمن التزامات الدول بخفض الانبعاثات وتركز على التكيف مع آثار تغير المناخ بينما يدعو إلى تعزيز الالتزامات. بالإضافة إلى ذلك، توفر الاتفاقية مسارًا للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من آثار تغير المناخ مع إنشاء إطار عمل قوي للرصد والإبلاغ عن الأهداف المناخية للبلدان.

يشار إلى هذه الاتفاقية أيضًا باسم اتفاقيات باريس للمناخ، وهي تعد بمثابة البوصلة للجهود العالمية بشأن تغير المناخ لعقود قادمة. كما أنها تمثل بداية تحول نحو عالم خالٍ من الانبعاثات. ولذلك يعد تنفيذ ما ورد في هذه الاتفاقية ضروريًا أيضًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف ١٣: المتعلق باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره.

ومن ثم فأن اتفاقية باريس هي وثيقة قانونية دولية تحكم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم. ومع ذلك فأنه في ضوء التأثيرات الشديدة لتغير المناخ على صحة الإنسان ورفاهه والنظم البيئية التي نعتمد عليها، يجب فهم اتفاقية باريس باعتبارها واحدة من أكثر الأدوات فعالية للدفاع عن نوعية حياة الشباب الحالية والمستقبلية.

إن الشباب اليوم يجب عليه أن يفهم اتفاقية باريس لتمكينهم من المساهمة في القيام بالعمل المناخي الأمثل في الوقت المناسب. وبسبب تداعيات التغير المناخي على حقوق الإنسان على وجه التحديد، قررت الدكتورة ياسمين حمدي، بالتعاون مع الدكتور مظهر الشوربجي، وهما باحثين بجامعة دراية المصرية، وهي عضو ببرنامج الأثر الأكاديمي للأمم المتحدة (UNAI)، أن يكونا لهما دورًا رياديًا.

فلقد عمل كلاهما على كتابة النص الصديق للشباب لاتفاقية باريس. حيث يهدف هذا النص الصديق إلى مساعدة الشباب على معرفة ما وعدت الحكومات بفعله لضمان أن يكون كوكبنا مكانًا جيدًا لهم للنمو والتعليم وتحقيق إمكاناتهم الكاملة. فلقد وجدت الدكتورة ياسمين حمدي أن التحدي الأكثر أهمية للعمل المناخي هو تناقص الوعي لدى الشباب الذين سيكونون قادة المستقبل.

يتركز هذا النقص في الوعي بشكل أساسي على عدم دراية الشباب بتعهدات حكوماتهم للعمل على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتمويل العمل المناخي من أجل مستقبل مستدام. وبالتالي، كان الهدف من عمل هذا النص هو مشاركة معلومات واضحة وموجزة وسهلة الفهم تصف مسار العمل المناخي العالمي والإقليمي والوطني. وبشكل جوهري فالفكرة الأساسية هي أن يكون الشباب مستعدين للقيام بالعمل.

لقد جاءت الفكرة الأولية لهذا المشروع بعد مشاركة الدكتورة ياسمين حمدي في النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم الذي انعقد في شرم الشيخ بمصر، في يناير ٢٠٢٢. وبالمصادفة، في نوفمبر من ذلك العام، استضافت المدينة نفسها المؤتمر السابع والعشرون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، المعروف أيضًا باسم COP27.

ومن خلال تقسيم كل مواد اتفاقية باريس وترجمتها إلى مصطلحات أكثر شيوعًا، يوفر هذا النص الصديق للشباب تفاصيل هذه الاتفاقية ويبرز أهميتها وجميع أحكامها بشكل مبسط. وبهذه الطريقة، يمكن للشباب أن يكون لديهم مشاركة وانخراط هادف ومستنير في صنع القرار فيما يتعلق بقضايا المناخ. حيث إنه يجب أن يتم إشراك الشباب في العمل المناخي، ويتعين على الحكومات أن تسمع أصواتهم.

في الواقع، ان مشاركة الشباب هي حق يجب أن يكون محوريًا في صياغة السياسة العامة. ومن أجل ممارسة هذا الحق، يقدم هذا النص الصديق للشباب الرؤى التي تمكن الشباب تدريجياً من تعميق معرفتهم بجميع الموضوعات التي نوقشت في اتفاقية باريس. علاوة على ذلك، فلقد أظهرت أنشطتهم حشدهم العالمي غير المسبوق مدى قوتهم الهائلة في محاسبة صناع القرار.

وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "لقد فشل جيلي إلى حد كبير حتى الآن (...) في الحفاظ على كوكب الأرض. إن جيلكم هو الذي يجب أن يجعلنا مسؤولين عن ضمان عدم خيانة مستقبل البشرية ". إن الشباب بوصفهم صناعين للتغيير ومبتكرين، هم قادرون على تعزيز جهودهم واستخدام مهاراتهم لتسريع العمل المناخي.