الأخت الشمسية مشروع اجتماعي حائز على الجوائز، ويتولى أمر الدعوة إلى قيام المرأة بتنظيم المشاريع من أجل التوصل إلى حلول تتعلق بالكهرباء المتولِّدة خارج الشبكات ولأغراض الطهي النظيف لصالح المجتمعات التي تقصر فيها الخدمات عبر أفريقيا جنوبي الصحراء. أما نيها ميسرا، المؤسس المشارك لهذا المشروع والمسؤول الرئيسي عن التعاون، فهي تتقاسم الرؤى الثاقبة المتعلقة بشأن الأسباب التي تفيد بأن التوصُّل إلى أهداف الأمم المتحدة المتصلة بالطاقة المستدامة للجميع وتمكين المرأة أمران مرتبطان بصورة أساسية مع بعضهما البعض.

 

رخاء الطاقة له وجه أنثوي في كل يوم تواجه النساء حول العالم أسوأ العواقب الناجمة عن عدم إتاحة الطاقة الحديثة، وينفقن أكثر من 20 في المائة من دخل الأسرة على مواد الكيروسين والشموع لاستخدامها في أغراض الإنارة رغم أنها أمور ينقصها الكفاءة وتتسم بالخطورة، ثم يقطعن مسافات طويلة لجمع حطب الوقود، بل يضعن مواليدهن وسط حلكة الظلام ويبذلن جهوداً مضنية في مطابخ حافلة بالدخان ويغامرن في الليل باستخدام المراحيض خارج البيوت وهي محرومة من الضوء. ثم تُترك الفتيات خلف المسيرة بغير إتاحة فُرص التعليم نظراً للافتقار إلى أضواء موثوقة. ومن ثم فإن ضمان إتاحة الطاقة للمرأة والفتاة ليس مجرد أمر يتعلّق بحقوق المرأة بل إنه قضية من قضايا حقوق الإنسان الأساسية. وهناك عدد من الدراسات الكمّية والكيفية التي أوضحت أن إتاحة سُبل الطاقة النظيفة يرتبط بالفرص الأفضل المتاحة للفتيات لكي يُكمِلن التعليم الابتدائي وأيضاً للنساء لكي يحصلن على أجور أفضل، فيما تُسهم كذلك في الحدّ من ارتكاب العنف على أساس جنساني. أمّا القدرة على إمداد الهواتف المحمولة بالطاقة فتعني تواصلاً أكفأ وفُرصاً أفضل للاشتغال بالأعمال التجارية.

ومع ذلك فما تستطيع سُبل إتاحة الطاقة النظيفة أن تفعله بالنسبة للمرأة لا يمثّل سوى نصف القصة، فهناك حجّة قوية بشأن ما يمكن أن تقوم به المرأة من أجل زيادة الحصول على الطاقة النظيفة والنضال على الخطوط الأمامية ضد تغيُّر المناخ وهذه هي الساحة التي يتولّى فيها مشروع الأخت الشمسية قيادة المسيرة.

 

تمكين المرأة من أجل بلوغ أهداف مبادرة الأمم المتحدة بشأن الطاقة المستدامة للجميع

يعمل مشروع الأخت الشمسية من أجل القضاء على فقر الطاقة من خلال تمكين المرأة بإتاحة الفرص الاقتصادية المتحققة بواسطة الطاقة النظيفة. كما أن برنامج المشروع المستند إلى أحوال السوق، بالتركيز على المرأة، يعمل أيضاً على إتاحة فرصة التزويد بتكنولوجيات الطهي من خلال الطاقة الشمسية خارج الشبكات والطاقة النظيفة إلى المجتمعات المنقوصة الخدمات عبر مناطق أفريقيا جنوبي الصحراء. ولننظر إلى السُبل المتعددة التي يعمل فيها المشروع من أجل تدعيم دور المرأة بما يلبّي أهداف مبادرة الطاقة المستدامة للجميع.

(1)    تمكين النساء كقائدات. باعتبار أنه مشروع اجتماعي تقوده النساء، فإن مشروع الأخت الشمسية أكَّد الدعم المرتفع المستوى من أجل المضي قُدماً بمساواة الجنسين على الطريق وبما يضمن تعميم إتاحة الطاقة. وقد تم الاعتراف بكاثرين لوسي، مؤسس والرئيس التنفيذي لمشروع الأخت الشمسية، بوصفها واحداً من منظّمي مؤسسة شواب الاجتماعيين في المنتدى الاقتصادي العالمي المعني بأفريقيا المعقود في كيب تاون في شهر حزيران/يونيه 2015. وأكثر من 57 في المائة من مجلس إدارة المشروع يضم نساء قائدات من قطاعات التمويل والتكنولوجيا والطاقة النظيفة. وإلى جانب تعزيز قيادة المرأة داخلياً فإن المشروع يمثِّل داعية عالمياً رئيسياً من أجل سدّ الثغرة الجنسانية الحاصلة في مجال التكنولوجيا. وقد شكّل المشروع ذاته حلاً واضحاً لدى هيئة الأمم المتحدة للمرأة والفعالية السنوية لمبادئ تمكين المرأة التي قام على أمرها الدليل الشامل للأمم المتحدة لعام 2015. وتدعم منظمتنا مبادئ تمكين المرأة، وهي مبادرة شراكة تتولاها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والدليل الشامل للأمم المتحدة بما يهيئ إطاراً لمساعدة القطاع الخاص من أجل التركيز على العناصر الرئيسية التي لا غنى عنها من أجل تعزيز مساواة الجنسين سواء في موقع العمل أو في موقع السوق أو على مستوى المجتمع المحلي([i]).

(2)    تمكين المرأة من خلال تنمية قوة العمل المحلية. يؤدّي المشروع إلى تمكين المرأة من خلال الوظائف المحلية الخضراء وتنمية قوة العمل عبر عملياته المتنامية في أوغندا وتنزانيا في شرق أفريقيا وثم نيجيريا في غرب أفريقيا. وأكثر من 86 في المائة من موظفي المشروع يتألفون من نساء مديرات في مجال الطاقة إلى جانب مدرِّبات ومتخصصات في النواحي التقنية. على أن زيادة هذه الجهود من أجل توفير الوظائف وفرص التقدُّم لصالح النساء في قطاع التكنولوجيا النظيفة لا تزال أمراً حيوياً من أجل بلوغ أهداف الطاقة النظيفة للجميع. وطبقاً للاستعراض السنوي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في عام 2015 فإن العمالة المستخدمة في مجال الطاقة المتجددة ما زالت منخفضة حالياً في أفريقيا باستثناء ما تشهده قلّة من البلدان مثل جنوب أفريقيا وكينيا والمغرب حيث يؤدّي نمو الانتشار إلى إيجاد قيمة محلية وخلق فرص للعمل([ii]). وقد عمل الكتاب الأبيض لمؤسسة جنيرال إلكتريك الصادر بشأن ”بناء قدرات قوية للعمل من أجل دفع النمو في أفريقيا إلى الأمام“ على تسليط الأضواء بشأن الحاجة لبناء مسار المهارات اللازم لدفع أوجه التقدُّم التكنولوجية بنجاح إلى الغد، وبما يتيح ”مستقبل الأعمال في أفريقيا“([iii]). وهذه الحاجة تتجلّى بصورة واضحة للغاية في قطاع الطاقة المستدامة وتمثّل مجالاً تؤدي فيه مؤسسة الأخت الشمسية دوراً حيوياً.

(3)    تمكين النساء باعتبارهن من منظّمي مشاريع الطاقة النظيفة. يركِّز نموذج الأخت الشمسية في مجال الأعمال التجارية على بناء شبكة توزيع للمرحلة الأخيرة مدفوعة بجهود المرأة من أجل إتاحة الطاقة لصالح المجتمعات المنقوصة الخدمات. ويعمل المشروع المذكور على توظيف النساء الأفريقيات إلى جانب تدريبهن وتعليمهن من أجل إقامة مشاريع تجارية مستدامة حيث تباع المصابيح الشمسية المحمولة وشاحنات الهواتف النقّالة ومواقد الطهي النظيفة. كما أن منظّمي المشاريع التابعين للأخت الشمسية مزوّدون بأدوات العمل في حقيبة محمولة، إضافة إلى التزويد بمهارات الأعمال والتكنولوجيا، فضلاً عن بثّ الثقة في تحقيق النجاح. وتستخدِم النساء شبكاتهن الاجتماعية من أجل التزويد بأنجع قنوات التوزيع للزبائن في المناطق الريفية والمناطق التي يصعب بلوغها. ورابطة الأخوات تشكِّل جانباً مهماً من رسالة الأخت الشمسية، فهي تعني تهيئة حيِّز آمن تجتمع على صعيده النساء لتقاسم ما يصادفهن من تحدّيات وما يحقِّقن من نجاحات باستخدام التكنولوجيا التي تتيح كسب عيشهن وتلبية الاحتياجات المحلية من الطاقة. ولأن النساء لهن جذور ثابتة في مجتمعاتهن فلا يلبثن يصبحن مصدراً موثوقاً من حيث الاهتمام بخدمة العملاء بعد البيع. وهذه الخدمة المستدامة ما زالت حيوية لبناء ثقة العملاء في تكنولوجيات الطاقة النظيفة. وكما تقول هانا أووت، وهي من منظّمي المشاريع التابعين للأخت الشمسية في أوغندا، ”إنني أقوم بعملي وأرسم أهدافي وأُقرّر نجاحي ولا أنتظر أحداً آخر ليؤدّي العمل من أجلي. وأنا من منظّمي مشاريع الأخت الشمسية وبالنسبة لي فلا حدّ لطموحي وما هي إلاّ البداية“.

(4)    تمكين النساء كمستهلِكات. النساء من منظّمي المشاريع في الأخت الشمسية يفدن أولاً وقبل كل شيء، باعتبارهن من مستخدمي الطاقة النظيفة، فيما يستعمِلن قدرة الإدلاء بالشهادات الشخصية لتثقيف مجتمعاتهن بشأن منافع الحلول التي تكلّفها عمليات الطهي الشمسي والنظيف التي يتولين بيعها. وعلى سبيل المثال فإن فالنتينا، وهي تابعة للمشروع في تنزانيا تدعم التعليم الأفضل لأحفادها الذين أصبحوا الآن قادرين على قضاء وقت أطول في الدراسة بفضل ما يتاح لهم من أضواء شمسية جيدة. أما لورانس تدي، وهي من زبائن المؤسسة في أوغندا، فتعمل خيّاطة. وقد أصبحت قادرة على توسيع أعمالها من خلال قضاء المزيد من ساعات الإنتاج بفضل توافر الحلّ الشمسي في بيتها. أما إنبونغ أوكون التابعة للمشروع في نيجيريا فهي ممرضة متقاعدة أنشأت عيادة للولادة، وهي ترى في التكنولوجيا الشمسية وتكنولوجيا الطهي النظيفة سبيلاً لتحسين خدمات الرعاية الصحية للنساء على صعيد مجتمعها المحلي. وتلك لا تعدو قلة من قصص كثيرة تدل على الأثر التحويلي والإيجابي الذي نجم عن إتاحة الطاقة النظيفة من خلال مبادرات المشروع التي كان لها هذه الآثار الإيجابية على الصحة والتعليم وعلى طرق المعيشة المحلية وعلى التوصُّل إلى بيئة أفضل.

 

فالنتينا من أعضاء الأخت الشمسية (إلى اليسار) في تنزانيا تتوصّل إلى جلب حلول للطاقة الشمسية والطهي النظيف إلى عتبات مجتمعها المحلي.

الصورة: الأخت الشمسية

شراكات من أجل التغيير

مشروع الأخت الشمسية يتبع نهجاً تعاونياً من أجل توسيع حلوله الشاملة جنسانياً، حتى تصبح رؤية الطاقة المستدامة للجميع حقيقة واقعة. وفي جانب التنفيذ فهذا يعني تضافر الجهود مع الجماعات النسائية المحلية، ومنها مثلاً اتحاد الأمهات في أوغندا، إلى جانب منظمات الحفظ من قبيل المؤسسة الأفريقية للحياة البرية. وعلى جبهة التكنولوجيا يشارك المشروع مع كبار صانعي التكنولوجيا النظيفة في العالم، وهو الشريك العالمي في مجال الإنارة مع البنك الدولي، مما يعني أن حافظة منتجاته تتألف من منتجات تلبّي أعلى درجات الجودة لكي تلائم على أفضل وجه احتياجات العملاء عبر أرياف أفريقيا. كما أنه يعمل بصورة وثيقة مع الشبكة الدولية المعنية بالنوع والطاقة المستدامة من أجل زيادة أثرها وتقاسم أفضل الممارسات بشأن بناء قطاع للطاقة المستدامة يتصف بشمول الجنسين. وفي قطاع الطهي النظيف يشارك المشروع مع المحالفة العالمية لمواقد الطهي النظيفة من أجل تطبيق المبادئ الابتكارية ذات التصميم المركِّز على البشر، وبما يؤدّي إلى تمكين النساء القائمات على تنظيم المشاريع. كما يعمل أيضاً مع المركز الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة من أجل جمع القرائن المتصلة بأهمية دور المرأة في سلاسل القيمة للطاقة النظيفة.

الطريق قُدماً والدعوة إلى العمل

مشروع الأخت الشمسية يدلّل على أهمية الابتكارات التي تقودها النساء في دعم أهداف الطاقة المستدامة للجميع، التي تتصل بتعميم إتاحة الطاقة والطاقة النظيفة. وفي الوقت الحالي فقد استحدث مساراً بالنسبة إلى 000 2 امرأة في أوغندا وتنزانيا ونيجيريا كي يُصبحن شاركات بصورة فعّالة، وعلى أساس من المعرفة، في شبكة توزيع قائمة على أساس السوق للطاقة النظيفة والمستدامة، وبما أتاح الطاقة النظيفة إلى أكثر من ربع مليون نسمة. وفي المنتدى السنوي الثاني للطاقة المستدامة للجميع، المعقود في نيويورك في عام 2015، التزم بتوسيع شبكته لكي تشمل 000 5 من النساء صاحبات المشاريع على مدار السنوات الخمس المقبلة، وبأن يتيح الطاقة النظيفة إلى أكثر من 10 مليون نسمة في أفريقيا جنوبي الصحراء. وفيما يعمل على زيادة ملموسة في السنوات المقبلة، في الأثر الذي يحققه، فإن مشروع الأخت الشمسية يدعو إلى إتاحة الفرصة من أجل المشاركة مع قُرّاء مجلة وقائع الأمم المتحدة.

 

 

      ([i])    الأخت الشمسية، مبادئ تمكين المرأة: صوت الأخت الشمسية، 6 نيسان/أبريل 2015 متاح على: http://www.solarsister.org/blog/womens-empowerment-principles-voice-of-solar-sister.

      ([ii])   الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، الطاقة المتجددة وفرص العمل، الاستعراض السنوي 2015 (مدينة مصدر، أبو ظبي، 2015) ص. 3، متاح على:

      ([iii])  Marco Annunziata, Shlomi Kramer , “Building strong workforces to power Africa’s growth. The future of work in Africa”, White Papers series (General Electric: July 2015). Available from: http://files.publicaffairs.geblogs.com/ideas-lab/files/pdfs/building-strong-workforces-to-power-africas-growth.pdf?utm_content=buffercd6d2&utm_medium=social&utm_source=twitter.com&utm_campaign=buffer.