26 حزيران/ يونيو 2022
 

في الماضي، كان الناس يعتقدون أن البحر لا حدود له ويحتوي على موارد لا حصر لها. لم يتخيل أحد أنه يمكننا إفراغ هذه المساحة الشاسعة التي لا نهاية لها على ما يبدو. أدركنا أن افتراضاتنا كانت خاطئة عندما بدأنا في التحديق تحت الأمواج مع تحسن علمنا ومع تضاؤل خيارات المأكولات البحرية لدينا، والأهم من ذلك، عندما استمعنا إلى المجتمعات المحلية التي تصف الصعوبة المتزايدة التي واجهوها في اصطياد حصصهم اليومية. أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً ولكن حتى مع انزلاق رمال ساعة الزمن، لم نتحرك ولم نتصرف بالسرعة الكافية. يستمر البشر في استخراج الموارد بشكل أسرع من قدرة الأنظمة على تجديد مواردها. نحن نعطي الأولوية لراحتنا على حسن سير عمل الكوكب. نحن نتنافس مع الأنواع الأخرى على الموارد المتضائلة مما يؤدي إلى تدهورها وتدهور موائلها. لا تزال تصرفاتنا تتسم بعدم الاستدامة.

الحفاظ على البيئة البحرية - حماية النظم البيئية والمحافظة عليها في المحيطات والبحار - هي حركة بيئية ظهرت بإدراكنا الجماعي أننا بحاجة إلى القيام بعمل أفضل استجابة للاستغلال المفرط وتدمير البحر وسكانه. إنها تمثل تصميماً على حماية واستعادة أداء النظام الإيكولوجي للمحيطات وتكريم الخدمات التي تقدمها. اجتمعت المجتمعات في الوقت المناسب لتركيز الجهود لوضع أهداف لتقديم غاية مشتركة وضمان المساءلة للجميع. أصبحت الأهداف الصغيرة أهدافاً أكبر والتي أصبحت في النهاية أهدافاً عالمية. الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (SDG) هو مثال ممتاز على هذا الجهد. الهدف الوحيد من أهداف التنمية المستدامة المكرس للمحيطات هو يتعلق بـ "الحياة تحت الماء" ويركز على "الحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة".

على مر السنين، كان تقدمنا نحو تحقيق الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة بطيئاً وغالباً ما يكون بطيئاً للغاية بحيث لا يمكننا تجاوز التحديات المتزايدة التي تواجه محيطاتنا. الأخبار لا تتحسن والوقت ينفد. تحطم محيطاتنا سجلات الموجات الحارة وتتعرض الشعاب المرجانية للتبييض والعوالق التي تمثل قاعدة كل سلسلة غذائية بحرية سنوياً تقريباً. تتدهور محيطاتنا مع تعرض العديد من الأنواع للانقراض مع استمرار ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. تتزايد المناطق الميتة بشكل كبير وحتى "الأنواع الكاريزمية" في محيطاتنا ليست في مأمن من الانقراض. الرسالة المستقاة؟ العمل كالمعتاد لم ينجح.

الدكتورة/ آشا دي فوس، في الوسط، مع أعضاء منظمة (Oceanswell). Oceanswell

بينما تتركز الجهود والاستثمارات الكبيرة على زيادة نطاق وتحسين فعالية الحفاظ على البيئة البحرية على مستوى العالم فقد تم بذل جهداً أقل في تفعيل العدالة الاجتماعية في السعي إلى الحفاظ على البيئة البحرية ومن خلاله. بدون الإنصاف، لا يمكن أن يكون هناك نجاح. لسوء الحظ لفترة طويلة جداً، تضمنت معظم جهود الحفاظ على البيئة البحرية أسلوب "القفز بالمظلات". فإن أكثر مشاريع الحفاظ على البيئة البحرية شهرةً وتضخيماً يقودها أفراد ليسوا محليين في الأماكن التي يعملون فيها حتى يومنا هذا.

يحدث تطبيق العلم والحفظ بأسلوب القفز بالمظلات عندما يعمل باحثون من شمال الكرة الأرضية في جنوب الكرة الأرضية دون استثمار طويل الأجل أو مراعاة الحقائق على الأرض. يتم بناء الشراكات بين أولئك القادمين من الخارج وأولئك المقيمين في تلك البلدان بمجرد تقديم المنح والحصول على الموارد وفي كثير من الأحيان بعد فوات الأوان لضمان الإدماج الهادف والعادل لأصحاب المصلحة المحليين. الطرف الخارجي، صاحب الموارد، يمتلك قوة غير متكافئة وعادة ما يتحكم في السرد وخطة البحث. ينتج عن هذا أن العمل يصبح غير متزامن مع الأولويات على أرض الواقع ولكنه يتماشى جيداً مع أولويات الأطراف الخارجية مما يعزز مسار حياتهم المهنية ولكن يعرقل جهود الحفظ المحلية القائمة بالفعل. هذه الشراكات غير مستدامة على المدى الطويل وتزيد من تفاقم عدم الإنصاف القائم، وتحجب الخبرات المحلية التي تقود النتائج التي تشتد الحاجة إليها. فهذه الشراكات لا تعزز تطوير الكادر المحلي من العلماء والممارسين وصناع السياسات الذين تتوفر لديهم القدرة على إحداث تغيير على المدى الطويل. وبدلاً من ذلك، فإنهم يديمون المظالم الشخصية التي تمنعنا من الاقتراب من تحقيق الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة. يمر الحفظ بأسلوب القفز بالمظلات بمنعطف حرج لأننا ندرك أن التفاوتات في الثروة والفرص إلى جانب الظل الطويل المستمر للاستعمار يعيق تقدمنا في أهداف الحفظ المشتركة.

تقع 70 في المئة من سواحلنا في العالم النامي لكن تمثيل هذه المجتمعات على مستوى صنع القرار العالمي لا يكاد يذكر. هذا النقص في التمثيل ليس انعكاساً لنقص القدرة ولكنه يعود إلى طرقنا غير المنصفة في اتخاذ القرار. كيف يمكننا تصميم حلول تناسب تنوع السواحل والأشخاص الذين يستخدمونها بدون تمثيل؟

الدكتورة/ آشا دي فوس تزور أحد الشعاب المرجانية خلال المهمة الزرقاء الثانية: بابوا غينيا الجديدة إلى جزر سليمان، 10-16 تشرين الأول/ أكتوبر 2015.  Ryan Lash

إذا كنا نريد حقاً إنقاذ محيطاتنا، فعلينا ضمان حصول الأفراد من هذه المجتمعات التي غالباً ما تكون ناقصة التمثيل على مقعد على الطاولة والاستماع إليهم وتمكينهم من اتخاذ الإجراءات. يمكن للأفراد الذين لديهم التزاماً طويل الأجل والذين بنوا الثقة في مجتمعاتهم، التفاعل مع من حولهم، وضمان وجودهم عند ظهور المشكلات وتصميم حلول قائمة على العلم تتمحور حول معارفهم المحلية. يمكن للشراكات العالمية المنصفة أن تساعد في التحايل على الفراغ الناجم عن الافتقار إلى الخبرة الفنية على أرض الواقع. تلك الشراكات التي تحترم مساهمة وقدرات أصحاب المصلحة المحليين وتعترف بالجهود القائمة بالفعل وتدعم توسيع نطاق العمل بدلاً من التنافس معه وتمكّن الجهود المحلية من أن تصبح مستدامة على المدى الطويل وتوفر الحلفاء وتقوم بإظهار أعمال الأبطال المحليين والارتقاء بهم. يجب على الشراكات أن تعطي وتأخذ بنفس القدر. وكلما احتفلنا بهذه الجهود وعززناها زاد احتمال حدوثها في جميع أنحاء العالم، وتقدمنا نحو تحقيق الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة.

تشكل المحيطات 70 في المئة من سطح كوكبنا. لحمايتها، نحتاج إلى فريق كبير ومتنوع. موضوع مؤتمر المحيط لهذا العام، "دعم جهود الحفاظ على المحيطات وتوسيع نطاق العلم والابتكار من أجل تنفيذ الهدف 14: التقييم والشراكات والحلول". يسلط الضوء على الحاجة إلى إقامة شراكات ولكن يجب التأكيد على أنه بدون الإنصاف فإن تقدمنا سيكون ضئيلاً. بدون أبطال محليين، سنستمر في مراقبة تدهور هذا النظام البيئي الحيوي. في النهاية، تأتي الحلول من داخل كل واحد منا. إن الطريقة التي نتبنى بها ونمكّن مجتمع الحفظ العالمي الأكثر تنوعاً على مدار السنوات القليلة القادمة ستحدث فرقاً بين ما إذا كان الحفاظ على البيئة البحرية سيصبح قيمة عالمية شائعة أم سيحتفظ بجوه الحالي الذي يتسم بالتفرد والنخبوية. لا أشك في أننا جميعاً سنختار الخيار الأول.

 

وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.