19/09/2017

كلمة الأمين العام أمام افتتاح مناقشات الدورة 72 للجمعية العامة

أنطونيو غوتيريش

الأمين العام أنطونيو غوتيريش يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة - الصورة: الأمم المتحدة

يجب علينا أن نعمل ككيان واحد... لأننا لن نستطيع الوفاء بوعد الميثاق والنهوض بالكرامة الإنسانية للجميع إلا عندما نعمل يدا في يد كأمم متحدة.

"يجب علينا أن نعمل ككيان واحد... لأننا لن نستطيع الوفاء بوعد الميثاق والنهوض بالكرامة الإنسانية للجميع إلا عندما نعمل يدا في يد كأمم متحدة."

♦ فيديو لكلمة الأمين العام (باللغة العربية)

أقف هنا بروح ملؤها التواضع والامتنان للثقة التي أوليتموني إياها لأخدم شعوب العالم.
         ”نحن الشعوب“، و ”الأمم المتحدة“، نواجه تحديات خطيرة.
         وعالمنا في مأزق. والناس يعانون الكرب ويشعرون بالغضب. وهم يرون انعدام الأمن يتصاعد وعدم المساواة يزداد والنزاع ينتشر والمناخ يتغير.
         وإذا كان الاقتصاد العالمي يتكامل على نحو متزايد، فإن شعورنا بالانتماء إلى مجتمع عالمي قد يكون في طور التفكك.
         والمجتمعات مجزأة. والخطاب السياسي يتسم بالاستقطاب. والثقة داخل البلدان وفيما بينها تضعف شيئا فشيئا بفعل من يُشيطِنون ويفرقون.
         فعالمنا يعاني من التفكك. ونحن نحتاج إلى عالم يجمعه السلام.
         وأنا أعتقد اعتقادا راسخا أننا، معا، نستطيع أن نبني السلام. ويمكننا استعادة الثقة وإيجاد عالم أفضل للجميع.
 
         سأركز اليوم على سبعة من التهديدات والاختبارات التي تعترض طريقنا.
         ولكل منها مخاطره الشديدة الوضوح. ولكن لكل منها أجوبة بوسعنا أن نجدها إذا تصرفنا كأمم متحدة بحق.
 
                 أولا، الخطر النووي
         فاستخدام الأسلحة النووية ينبغي أن يكون مما لا يمكن التفكير فيه. وحتى التهديد باستخدامها لا يمكن التغاضي عنه أبدا.
         ولكن المخاوف التي تسود العالم اليوم بشأن الأسلحة النووية هي في أعلى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة.
         والخوف ليس نظريا. فملايين الناس يعيشون في ظل الرعب الذي تثيره التجارب النووية والصاروخية الاستفزازية التي تقوم بها جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
         وفي جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية نفسِها، لا تفعل هذه الاختبارات شيئا للتخفيف من محنة الناس الذين يعانون الجوع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الواجبة لهم.
         وأنا أدين تلك التجارب إدانة لا لبس فيها.
         وأدعو جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وجميع الدول الأعضاء إلى الامتثال الكامل لقرارات مجلس الأمن.
         ويشدد القرار 2375 الذي اتخذ الأسبوع الماضي بالإجماع العقوبات ويبعث رسالة واضحة بشأن الالتزامات الدولية لذلك البلد.
         وأناشد المجلس أن يحافظ على وحدته.
         فلا يمكن بغير تلك الوحدة الوصول إلى إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي، وعلى نحو ما سلّم القرار به، لا يمكن بغيرها تهيئة الفرصة لاتصالات دبلوماسية بغرض حل الأزمة.
         وعندما ترتفع حدة التوترات، يرتفع احتمال سوء التقدير. واحتدام لهجة الخطاب يمكن أن تؤدي إلى سوء الفهم المفضي إلى الهلاك.
         فالحل يجب أن يكون سياسيا. وهذا وقت الحنكة السياسية.
         ويجب ألا نمضي في طريقنا إلى الحرب دون وعي.
         وعلى نحو أعم، يجب على جميع البلدان إبداء قدر أكبر من الالتزام بالهدف العالمي المتمثل في إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية. وتتحمل الدول الحائزة لأسلحة نووية مسؤولية خاصة عن تولي زمام المبادرة.
         ويؤدي الانتشار الذي نشهده اليوم إلى إيجاد خطر لا يمكن تصوره، في حين أن عملية نزع السلاح مصابة بالشلل.
         فثمة حاجة ملحة إلى منع الانتشار وتعزيز نزع السلاح والحفاظ على ما تحقق من مكاسب في هذين الاتجاهين.
         وهذان الهدفان مترابطان. والتقدم المحرز في أحدهما سيولد تقدما في الآخر.
 
 
                 ثانيا، أود أن أنتقل إلى التهديد الذي يشكله الإرهاب على الصعيد العالمي.
         ليس هناك شيء يبرر الإرهاب - لا قضية، ولا مظلمة.
         ولا يزال الإرهاب يوقع المزيد من الموت والخراب.
         فهو يدمر المجتمعات، ويزعزع استقرار المناطق، ويحرف الطاقة عن الأنشطة الأكثر إنتاجية.
         وقد أدت الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب على الصعيدين الوطني والمتعدد الأطراف إلى تعطيل شبكات الإرهاب، واستعادة الأراضي، ومنع الهجمات، وإنقاذ الأرواح.
         ولكن يتعين علينا تكثيف هذا العمل. فلا يزال تدعيم التعاون الدولي أمرا بالغ الأهمية في مكافحة الإرهاب.
         وأود أن أعرب عن امتناني للجمعية العامة لموافقتها على إحدى أولى مبادرات الإصلاح التي تقدمت بها: إنشاء مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الإرهاب.
         وفي العام المقبل، أعتزم الدعوة إلى عقد أول تجمّع من نوعه لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء لإقامة شراكة دولية جديدة لمكافحة الإرهاب.
         ولكنّ مكافحة الإرهابيين في ساحة المعركة وحرمانهم من الأموال غير كافيين.
         فيجب علينا أن نفعل المزيد من أجل التصدي لجذور نزعة التطرف، بما في ذلك حالات الظلم الحقيقية والمتصورة وارتفاع نسب البطالة وحجم المظالم في أوساط الشباب.
         ويقع على عاتق القيادات السياسية والدينية والمجتمعية واجب الوقوف ضد الكراهية وأن تكون قدوة في التسامح والاعتدال.
         ومعا، يتعين علينا أن نستفيد استفادة تامة من صكوك الأمم المتحدة وأن نوسع نطاق جهودنا الرامية إلى دعم الضحايا.
         وتبيّن التجربة أيضا أن أعمال القمع القاسية والنهج القائمة على استخدام القوة المفرطة تؤدي إلى نتائج عكسية.
         وحالما نعتقد أن انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية ضرورية لكسب المعركة، نكون قد فقدنا الحرب.
 
 
                 ثالثا، النزاعات التي لم تجد بعد طريقها إلى الحل والانتهاكات المنتظمة للقانون الدولي الإنساني.
         نحن نشعر جميعا بالصدمة إزاء التصعيد الخطير للتوترات الطائفية في ولاية راخين في ميانمار. فثمة حلقة مفرغة من الاضطهاد والتمييز والتطرف والقمع العنيف تدفع أكثر من ٠٠٠ ٤٠٠ شخص يائس إلى الفرار، مما يعرض الاستقرار الإقليمي للخطر.
         وإنني أحيط علما بالخطاب الذي ألقته مستشارة الدولة أونغ سان كيي اليوم، وباعتزامها العمل في أقصر مدة ممكنة على تنفيذ توصيات اللجنة الاستشارية المعنية بولاية راخين التي ترأسها كوفي عنان.
         ودعوني أؤكد من جديد: إنه يجب على السلطات في ميانمار أن تنهي العمليات العسكرية وتتيح إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية من دون عوائق وتعترف بحق اللاجئين في العودة بأمان وكرامة. ويجب عليها أيضا أن تعالج مظالم طائفة الروهنجيا، التي لا يزال مركزها دون حل منذ فترة طويلة جدا.
 
         ليس في حروب اليوم أي طرف رابح.
         فمن سورية إلى اليمن، ومن جنوب السودان إلى منطقة الساحل، وأفغانستان وغير ذلك من الأماكن، لا يمكن تحقيق السلام إلا بالحلول السياسية.
         وينبغي ألا تكون لدينا أي أوهام. فلن يكون بوسعنا القضاء على الإرهاب إن لم نحل النزاعات التي تتسبب في نشوء الاضطرابات التي يزدهر فيها أهل التطرف العنيف.
         وفي الأسبوع الماضي أعلنتُ عن إنشاء مجلس استشاري رفيع المستوى معني بالوساطة. وستساعدنا الشخصيات البارزة التي يضمها من أن نكون أكثر فعالية في التوسط لتحقيق السلام في جميع أنحاء العالم.
         وتعكف الأمم المتحدة على إقامة شراكات أوثق مع المنظمات الإقليمية الرئيسية مثل الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
         ونواصل تعزيز حفظ السلام وتحديثه من أجل حماية المدنيين وإنقاذ الأرواح في جميع أنحاء العالم.
         وأنا أسعى منذ أن توليت منصبي إلى الجمع بين أطراف النزاع، إضافة إلى البلدان التي لها نفوذ لديها.
         ومن الأمثلة الهامة على ذلك، اجتماع الغد بشأن ليبيا الذي تحدوني آمال كبيرة بشأنه.
         وفي الشهر الماضي، قمت بزيارة إسرائيل وفلسطين. ويجب ألا ندع الركود الذي نشهده اليوم في عملية السلام يؤدي إلى تصعيد في الغد. ويجب أن نعيد الآمال إلى الناس. فالحل القائم على وجود دولتين يبقى السبيل الوحيد للمضي قدُماً. ويجب السعي إلى تحقيقه على وجه السرعة.
 
         مع ذلك، لا بد لي من أن أكون صريحا: في حالات كثيرة للغاية، تعتقد الأطراف المتحاربة أن الحرب هي الحل.
         وهي قد تتكلم عن استعداد للتوصل إلى تسوية.
         ولكن أفعالها تنمّ في كثير جدا من الأحيان عن تعطش إلى انتصار عسكري كامل، بأي ثمن.
         وتتفشى انتهاكات القانون الدولي الإنساني، ويسود الإفلات من العقاب.
         ويدفع المدنيون الثمن الأفدح، وتواجه النساء والفتيات العنف والقمع المنهجيين.
         وقد رأيت في بلدي، وفي السنوات التي أمضيتها في الأمم المتحدة، أن من الممكن الانتقال من الحرب إلى السلام، ومن الديكتاتورية إلى الديمقراطية. فلنعمل على تعزيز دور الدبلوماسية اليوم وتحقيق قفزة في منع نشوب النزاعات من أجل الغد.
 
                 رابعا، الخطر الذي يتهدد آمالنا من جراء تغير المناخ.
         فالعام الماضي كان الأشد حرارة على الإطلاق. والعقد الماضي كان أشد العقود حرارة منذ أن بدأ التوثيق.
         وبينما يتواصل ارتفاع متوسط درجة الحرارة على الصعيد العالمي، تنحسر الكتل الجليدية وتتقلص مساحة الأراضي الدائمة التجمد.
         ويتعرض الملايين من الناس والتريليونات من الأصول للخطر من جراء ارتفاع مستوى سطح البحر وغيره من الاضطرابات المناخية.
         وتضاعف عدد الكوارث الطبيعية أربعة أضعاف منذ عام ١٩٧٠.
         وشهدت الولايات المتحدة، ثم بعدها الصينُ والهند والفلبين وإندونيسيا، معظم الكوارث منذ عام ١٩٩٥ - أكثر من 600 1 كارثة، أو مرة كلَّ خمسة أيام.
         وأنا أعرب عن تضامني مع الناس في منطقة البحر الكاريبي والولايات المتحدة الذين تعرضوا للتو لإعصار إيرما، أطولِ عاصفة من الفئة 5 مدةً تسجل على الإطلاق.
وإعصار ماريا هو في الطريق بالفعل.
         وينبغي ألا نربط أي عارض جوي مفرد بتغير المناخ. ولكن العلماء واضحون في قولهم إن هذه الظواهر الجوية البالغة الشدة هي بالضبط ما تتنبأ نماذج المحاكاة التي يستخدمونها بأنه سيكون الوضع الاعتيادي الجديد لعالم يتعرض للاحترار.
         وقد تعيّن علينا أن نحدّث لغتنا لوصف ما يحدث: نحن نتحدث الآن عن الأعاصير العملاقة، والعواصف الكبرى، وقنابل المطر.
         وقد حان الوقت للخروج من مسار الانبعاثات الانتحاري. فنحن نعلم اليوم ما يكفي ليدفعنا إلى التصرف. فالعلم أقوى من أن يطعن في صحته.
         وأحث الحكومات على تنفيذ اتفاق باريس التاريخي بطموح أكبر من أي وقت مضى.
         وأثني على المدن التي تعكف على وضع أهداف جريئة.
         وأرحب بالمبادرات التي تتخذها آلاف الشركات الخاصة - بما في ذلك شركات النفط والغاز الكبرى - التي تراهن على مستقبل أخضر، نظيف.
         وتخبرنا أسواق الطاقة أن خضرنة الأعمال التجارية جالبة للنفع.
         ويمثل انخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة إحدى القصص التي تدعو إلى التفاؤل على الكوكب اليوم.
         وكذلك الحال فيما يتعلق بالأدلة المتزايدة على أن الاقتصادات يمكن أن تنمو بالتزامن مع انخفاض الانبعاثات.
         أسواقٌ جديدة، مزيدٌ من فرص العمل، فرصٌ لإدرار تريليونات في الناتج الاقتصادي.
         فالحقائق واضحة. والحلول ماثلة أمام أعيننا.
         ويتعين على القيادات أن تلحق بالركب.
 
                 بدء الإلقاء بالفرنسية
 
                 خامسا، تقويض أسس المجتمع والميثاق الاجتماعي بسبب ازدياد مظاهر عدم المساواة.
         لقد عاد تكامل اقتصادات العالم، وتوسّع نطاق التجارة، والتطورات المذهلة في مجال التكنولوجيا بفوائد ملحوظة.
         فقد خرج الناس من براثن الفقر المدقع بأعداد تزيد على ما سُجل في أي وقت مضى. والطبقة الوسطى على الصعيد العالمي هي أيضا أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى. والمزيد من الناس يعيشون حياة أطول وأوفر صحة.
         ولكن المكاسب ليست موزعة بالتساوي. فنحن نرى حالات تفاوت حاد في الدخل والفرص وإمكانية الحصول على ثمار البحوث والابتكار.
         وثمة ثمانية رجال يحوزون نفس مقدار الثروة التي يحوزها نصف البشرية.
         ولا تزال مناطق وبلدان ومجتمعات محلية بأكملها بعيدة كل البعد عن موجات التقدم والنمو، حيث تركت خلف الركب في ”أحزمة الصدأ“ في عالمنا.
         وهذا الاستبعاد له ثمن، هو الإحباط والعزلة وعدم الاستقرار.
         ولكن لدينا خطة لتغيير المسار تتمثل في تحقيق عولمة عادلة.
         وهذه الخطة هي خطة عام ٢٠٣٠.
 
         نصف سكان عالمنا هم من الإناث.
         ونصف سكان عالمنا هم ممن لم يبلغوا سن الخامسة والعشرين.
         ولا يمكننا تحقيق أهداف التنمية المستدامة دون الاستفادة من قوة المرأة والطاقة الهائلة التي يتمتع بها الشباب.
         ونعرف السرعة التي يمكن أن يحدث التحول بها في يومنا وفي عصرنا.
         ونعلم أننا لا نعاني من نقص في الأموال بوجود أصول وثروات عالمية تبلغ قيمتها تريليونات.
         ولعلنا نجد الحكمة لاستخدام الأدوات والخطط والموارد المتاحة بالفعل في أيدينا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وهو هدف مستقل بذاته لكنه أيضا أفضل وسيلة متاحة لنا لمنع نشوب النزاعات.
         إن الجانب المظلم للابتكار هو التهديد السادس الذي يجب علينا أن نواجهه - وهو ينتقل من الحدود ليدخل من أوسع الأبواب.
         وستظل التكنولوجيا في صميم التقدم المشترك. ولكن الابتكار، وبمقدار ما هو ضروري للبشرية، يمكن أن يجلب عواقب غير مقصودة.
         فالتهديدات التي يتعرض لها أمن الفضاء الإلكتروني في تصاعد.
         ويتقلص اتسام حرب الفضاء الإلكتروني تدريجيا بصفة الحقيقة المستترة- وتزداد قدرتها تدريجيا على تعطيل العلاقات بين الدول وتدمير بعض هياكل ونظم الحياة الحديثة.
         وللتطورات التي تحدث في الفضاء الإلكتروني قدرة على تمكين الناس، لكن الشبكة المظلمة تبيّن أن البعض يستخدم هذه القدرة للحط من قدر الناس واستعبادهم.
         ويمثل الذكاء الاصطناعي عامل تغيير رئيسي يمكن أن يعزز التنمية ويحوّل حياة الناس بطريقة مبهرة. ولكن قد يكون له أيضا تأثير كبير في أسواق العمل، وفي الواقع في الأمن العالمي ونسيج المجتمعات ذاتِه.
         وتنتقل هندسة الجينات من صفحات الخيال العلمي إلى السوق - لكنها تتسبب في نشوء معضلات أخلاقية جديدة ودون حل.
         وما لم يجرِ التعامل مع هذه النجاحات الكبيرة على نحو يتسم بالمسؤولية، يمكنها أن تتسبب في أضرار لا حصر لها.
 
                 بدء الإلقاء بالإسبانية
         الحكومات والمنظمات الدولية هي ببساطة غير مهيأة للتعامل مع هذه التطورات.
         ومن الواضح أن الأشكال التقليدية للتنظيم لا تنطبق.
         ومن الواضح أن هذه الاتجاهات والقدرات تتطلب جيلا جديدا من التفكير الاستراتيجي، والتأمل الأخلاقي، والتنظيم.
         وتقف الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد باعتبارها محفلا حيث يمكن للدول الأعضاء والمجتمع المدني والمؤسسات التجارية والأوساط الأكاديمية أن تتلاقى وتناقش سبل المضي قدما، من أجل مصلحة الجميع.
 
                 العودة إلى الإلقاء بالإنكليزية
         أخيرا، أود أن أتكلم عن التنقل البشري، الذي لا أرى أنه يشكل تهديدا وإن كان البعض يراه على هذا النحو. وأرى أنه يشكل تحديا يمكن، إذا ما أدير بشكل سليم، أن يساعد في جمع شمل العالم.
         ولنكن واضحين: نحن لا نواجه أزمة لاجئين فحسب؛ نحن نواجه أيضا أزمة تضامن.
         ولكل بلد الحق في مراقبة حدوده. ولكن ذلك يجب أن يجري بطريقة تحمي حقوق الأشخاص المتنقلين.
         وبدلا من الأبواب المغلقة والعداء المفتوح، يتعين علينا إعادة ترسيخ نظام حماية اللاجئين بكامل عناصره وإعمال اللياقة البسيطة المتمثلة في التعاطف الإنساني. وبإمكان العالم أن يعالج مسألة كثرة أعداد اللاجئين التي نواجهها، إذا استطاع حقا أن يتقاسم المسؤولية.
         غير أن الكثير جدا من الدول لم يرق إلى مستوى ما تمليه اللحظة.
         وأنا أثني على البلدان التي أظهرت ضيافة مثيرة للإعجاب للملايين من المشردين قسرا. ويتعين علينا بذل المزيد من الجهود لدعمهم.
         ويتعين علينا أيضا بذل المزيد من الجهود لمواجهة تحديات الهجرة. والحقيقة هي أن غالبية المهاجرين تتحرك بطريقة جيدة التنظيم، وهم يقدمون مساهمات إيجابية إلى البلدان المضيفة لهم وإلى أوطانهم.
         ولكن عندما يتحرك المهاجرون بطرق غير منظّمة تصبح المخاطر واضحة - على الدول ولكن على وجه الخصوص على المهاجرين أنفسهم المعرضين للقيام برحلات محفوفة بالمخاطر.
         والهجرة موجودة دائما في حياتنا.
         فعوامل تغير المناخ، والخصائص الديمغرافية، وعدم الاستقرار، وتزايد أوجه عدم المساواة، والتطلعات إلى حياة أفضل، وكذلك الاحتياجات غير الملبّاة في أسواق العمل، تعني أن الهجرة ظاهرة باقية.
         ويتمثل الرد في التعاون الدولي الفعال في إدارة الهجرة من أجل ضمان أن توزع فوائدها على أوسع نطاق وأن تحمى حقوق الإنسان لجميع المعنيين على النحو المناسب.
         ولكن استنادا إلى تجربتي، يمكنني أن أؤكد لكم أن الناس عموما يفضلون تحقيق تطلعاتهم في أوطانهم.
         ويجب علينا أن نعمل معا؛ ويجب أن يوجَّه التعاون الإنمائي على نحو يضمن لهم القدرة على القيام بذلك.
         فالهجرة ينبغي أن تكون خيارا لا ضرورة.
         ونحتاج أيضا إلى التزام أقوى من جانب المجتمع الدولي باتخاذ اجراءات صارمة ضد المتُجرين بالبشر، وحماية ضحاياهم.
         ولكن لنعلم أننا لن ننهي المآسي في البحر الأبيض المتوسط وبحر أندامان وأماكن أخرى من دون إيجاد المزيد من فرص الهجرة النظامية. وسيعود ذلك بالفائدة على المهاجرين والبلدان على السواء.
         وأنا شخصيا مهاجر، شأني شأن الكثيرين منكم في هذه القاعة. ولكن أحدا لم يتوقع مني أن أجازف بحياتي في قارب يتسرب إليه الماء أو أن أعبر الصحراء في صندوق شاحنة لإيجاد عمل خارج البلد الذي ولدت فيه.
         ولا يمكن أن تُقصر الهجرة الآمنة على النخبة العالمية.
         واللاجئون والنازحون والمهاجرون ليسوا هم المشكلة؛ فالمشكلة تكمن في النزاع والاضطهاد والفقر الذي لا مخرج منه.
         وأنا أتألم لرؤية الطريقة التي يصنّف بها اللاجئون والمهاجرون في قوالب نمطية ويعاملون كأكباش فداء - ولرؤية الشخصيات السياسية وهي تؤجِّج الاستياء بحثا عن مكاسب انتخابية.
         وفي عالم اليوم، تصبح جميع المجتمعات متعددة الثقافات والأعراق والأديان.
         ويجب أن ينظر إلى هذا التنوع بوصفه مصدر ثراء وليس تهديدا. ولكن لجعل التنوع ينجح، يتعين علينا الاستثمار في التماسك الاجتماعي، بحيث يتسنى لجميع الناس الشعور بأن هوياتهم محترمة وأن لهم حصة في المجتمع بأكمله.
         يتعين علينا إصلاح عالمنا، وأنا ملتزم بإصلاح الأمم المتحدة.
         ومعا، نحن نشرع في بذل جهد إصلاحي شامل من أجل:
         -  بناء منظومة إنمائية للأمم المتحدة لدعم الدول في تحسين حياة الناس؛
         -  وتعزيز قدرتنا على صون الأمن والسلام وحقوق الإنسان للناس؛
         -  والأخذ بالممارسات الإدارية التي تنهض بتلك الأهداف بدلا من عرقلتها.
         ونحن نشرع باتباع نهج جديد يركز على الضحايا فيما يتعلق بمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين.
         ولدينا خارطة طريق لتحقيق التكافؤ بين الجنسين في الأمم المتحدة - وقد بدأنا السير بالفعل على هذا الطريق.
         نحن هنا لنعمل: لتخفيف المعاناة عنّا ”نحن الشعوب“؛ والمساعدة على تحقيق أحلامنا.
         ونحن نأتي من مختلف أنحاء العالم.
         وتتنوع ثقافاتنا وأدياننا وتقاليدنا تنوعا كبيرا - بل ورائعا.
         وفي بعض الأحيان، ثمة مصالح متنافسة فيما بيننا.
         وفي أحيان أخرى، يصل الأمر إلى النزاع المفتوح.
         ولهذا السبب بالضبط نحتاج إلى الأمم المتحدة.
         ولهذا السبب بالضبط تتسم تعددية الأطراف بأنها أكثر أهمية من أي وقت مضى.
         ونحن ندعو أنفسنا المجتمع الدولي.
         فيجب علينا أن نعمل ككيان واحد.
         لأننا لن نستطيع الوفاء بوعد الميثاق والنهوض بالكرامة الإنسانية للجميع إلا عندما نعمل يدا في يد كأمم متحدة.
شكرا. Thank you. Xie Xie. Merci. Spasibo. Gracias. Obrigado.