تجري بلو بيرد في أوكرانيا جلسات علاجية عن طريق الفن. على اليسار: "خيط الوحدة" الذي صنعه أطفال الناجين كرمز للتآزر. على اليمين: في هذا القدر ، يمكن للمشاركين وضع رموز الصفات التي يريدون رؤيتها بأنفسهم.
تجري بلو بيرد في أوكرانيا جلسات علاجية عن طريق الفن. على اليسار: "خيط الوحدة" الذي صنعه أطفال الناجين كرمز للتآزر. على اليمين: في هذا القدر ، يمكن للمشاركين وضع رموز الصفات التي يريدون رؤيتها بأنفسهم.
Photo:الأمم المتحدة / سيرجي خارينكو
 

يجب ألا يُسمح لمرتكبي التعذيب أبدًا بالإفلات من جرائمهم ، ويجب تفكيك الأنظمة التي تمكّن التعذيب أو تغييرها.

 

التعذيب هو جريمة ضد الإنسانية

يهدف التعذيب إلى إفناء شخصية الضحية وإنكار الكرامة الكامنة لدى الكائن البشري. وكانت الأمم المتحدة قد نددت بالتعذيب منذ البداية بوصفه أحد أحط الأفعال التي يرتكبها البشر في حق إخوانهم من بني الإنسان.

والتعذيب جريمة بموجب القانون الدولي. وهو محظور تماماً وفق جميع الصكوك ذات الصلة، ولا يمكن تبريره في ظل أية ظروف. وهو حظر يشكل جزءاً من القانون العرفي الدولي، ويعني ذلك أنه يلزم كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي، دون اعتبار لما إذا كانت الدولة قد صادقت على المعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب صراحة أو لم تصادق عليها. وتشكل ممارسة التعذيب على نحو منتظم وبشكل واسع النطاق جريمة ضد الإنسانية.

وأعلنت الجمعية العامة، في قرارها 52/149  المؤرخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1997، يوم 26 حزيران/يونيه يوماً دولياً للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، بهدف القضاء التام على التعذيب وتحقيقاً لفعالية أداء اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (مرفق القرار 39/46 ) التي بدأ نفاذها في 26 حزيران/يونيه 1987.

ويمثل يوم 26 حزيران/يونيه فرصة لدعوة جميع أصحاب المصلحة بما في ذلك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمجتمع المدني والأفراد في كل مكان إلى الاتحاد لدعم مئات الآلاف من الأشخاص في كافة أنحاء العالم ممن كانوا من ضحايا التعذيب، فضلا عن الذين لم يزلوا يتعرضون للتعذيب حتى اليوم.

 

التعافي وإعادة التأهيل

يتطلب التعافي من التعذيب برامج سريعة ومتخصصة. أظهر عمل مراكز ومنظمات إعادة التأهيل في جميع أنحاء العالم أن الضحايا يمكنهم الانتقال من حالة الرعب إلى الشفاء. يعتبر صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب ، الذي يديره مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف ، آلية فريدة تركز على الضحايا وتوجه التمويل لمساعدة ضحايا التعذيب وعائلاتهم. تأسس الصندوق عام 1981 بمهمة دعم ضحايا التعذيب وعائلاتهم ، ويحتفل هذا العام بالذكرى الأربعين لتأسيسه. يعمل الصندوق من خلال توجيه التبرعات الطوعية لمنظمات المجتمع المدني التي تقدم خدمات قانونية واجتماعية وإنسانية ونفسية وطبية. يشمل المستفيدون المدافعين عن حقوق الإنسان ، والأشخاص المحرومين من الحرية ، والأطفال والمراهقين ، واللاجئين والمهاجرين ، وضحايا الاختفاء القسري ، والشعوب الأصلية ، وضحايا العنف الجنسي والجنساني ، والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والخناثى. يقبل صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب التبرعات.

شاهدوا كيف تساعد خدمات إعادة التأهيل الناجين من التعذيب على التعافي، ويشمل الفيديو الذي انتجه صندوق الحد من التعذيب التابع للأمم المتحدة، على مقابلات مع المنظمات المستفيدة من الصندوق والناجين ايضاً.

 

 
 

رمزية 26 حزيران/يونيه

يُبرز اليوم الدولي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب في 26 حزيران/يونيه اليوم التي دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة —وهي إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب— حيز التنفيذ في عام 1987. واليوم توجد 173 دولة طرفا في هذه الاتفاقية.

المراد بالتعذيب

" يُقصد ‘‘بالتعذيب’’ أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها."- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المادة 1، الفقرة 1).

المعايير والصكوك القانونية

وفي عام 1948، أدان المجتمع الدولي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي عام 1975، اعتمدت الجمعية العامة، رداً على النشاط القوي الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية، الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وخلال الثمانينات والتسعينات، حُقق تقدم في وضع المعايير والصكوك القانونية وفي إنفاذ حظر التعذيب. وأنشأت الجمعية العامة صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب في عام 1981 لتمويل المنظمات التي تقدم المساعدة لضحايا التعذيب وأسرهم.

واعتمدت الجمعية العامة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في عام 1984 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1987. وتتولى تنفيذها بين الدول الأطراف لجنة من الخبراء المستقلين، وهي لجنة مناهضة التعذيب.

و في عام 1985، عينت لجنة حقوق الإنسان أول مقرر خاص معني بالتعذيب، وهو خبير مستقل مكلف بالإبلاغ عن حالة التعذيب في العالم،. وخلال الفترة نفسها، اتخذت الجمعية العامة قرارات سلطت الضوء فيها على دور وموظفي الصحة في حماية السجناء والمحتجزين من التعذيب، ووضع مبادئ عامة لمعاملة الأشخاص المحتجزين. وفي كانون الأول / ديسمبر 1997، أعلنت الجمعية العامة يوم 26 حزيران / يونيه يوماً دولياً للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب.

وفي عام 2002، اُعتمد البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، الذي يهدف إلى منع التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بإقامة نظام تفتيش دولي لأماكن الاحتجاز. كما يُلزم البروتوكول الدول كذلك بإنشاء آليات وقائية وطنية مستقلة لفحص معاملة الأشخاص المحتجزين، وتقديم توصيات إلى السلطات الحكومية لتعزيز الحماية من التعذيب والتعليق على التشريعات القائمة أو المقترحة. وتدير اللجنة الفرعية لمنع التعذيب البروتوكول، الذي بلغ عدد الدول الأطراف فيه حتى الآن 91 دولة طرفا.

إنهاء التعذيب

بعد مرور ما يقرب من أربعة عقود على اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، هناك أدلة على أن التعذيب لم يزل يُمارس في كافة مناطق العالم، على الرغم من أنه جريمة دولية معترف بها.

وقد اعترفت الأمم المتحدة مراراً بالدور الهام الذي تؤديه المنظمات غير الحكومية في مكافحة التعذيب. وبالإضافة إلى الضغط من أجل وضع صكوك الأمم المتحدة وآليات الرصد، فقد أسهمت إسهاماً قيّماً في إنفاذها. ويعتمد فرادى الخبراء، بمن فيهم المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات، والمقرر الخاص المعني بالعنف ضد المرأة، وهيئات رصد المعاهدات، مثل لجنة مناهضة التعذيب، اعتماداً كبيراً على المعلومات التي تعرض عليها المنظمات غير الحكومية والأفراد.

 

hand prints

قدم الصندوق، منذ أن أنشأته الجمعية العامة في عام 1981 (القرار 36/151)، منحاً إلى أكثر من 620 منظمة ومركزاً على النطاق العالمي تصل بخدماتها إلى أكثر من 000 50 ضحية كل عام. وتشمل هذه المنظمات والمراكز المنظمات غير الحكومية ومراكز إعادة التأهيل ورابطات الضحايا وأفراد أسرهم والمستشفيات الخاصة والعامة ومراكز المساعدة القانونية ومكاتب المحاماة المدافعة عن الصالح العام وفرادى المحامين.

 

memorial to George Floyd in New York City

لمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، حذّرت آليات الأمم المتّحدة المعنية بمناهضة التعذيب* بالإجماع من أن وباء كوفيد-19 يؤدي إلى تصعيد التعذيب وسوء المعاملة في جميع أنحاء العالم، ومن أنّ الناجين من التعذيب معرضون أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بالفيروس الفتّاك بسبب أوضاعهم الهشّة.

illustration of people with clock, calendar, to-do list and decorations

تٌعد المناسبات الدولية والعالمية فرصًا مواتية لتثقيف الجمهور العام بشأن القضايا ذات الاهتمام، ولحشد الإرادة السياسية والموارد اللازمة لمعالجة المشكلات العالمية، وللاحتفال بإنجازات الإنسانية ولتعزيزها. واحتُفل ببعض هذه المناسبات الدولية قبل إنشاء منظمة الأمم المتحدة، إلا أن الأمم المتحدة احتضنت تلك المناسبات واعتمدت مزيدا منها بوصفها جميعا أدوات قوية للدعوة.